العلاقة بين الدين والأخلاق
الشبكة الإسلامية
- التصنيفات: الآداب والأخلاق - فتاوى وأحكام -
أرجو من حضراتكم تفسير معنى "ذات دين وخلق" وهل هناك تعارض بين الدين والخلق، وكذلك ما الفرق بين الخلق والأخلاق؟ ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تعارض بين الدين والخلق، فالخلق جزء من الدين، وبقدر نقص الأخلاق ينقص الدين، وقد روى الإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال «لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له».
فالأمانة وحفظ العهد من الأخلاق، وقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وبين الإيمان، والنبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الدين بقوله: (من ترضون دينه) أراد أن يؤكد على جزء من الدين قد يكون مفقوداً أو ضعيفاً عند بعض المتدينين وهو الأخلاق، وهذا من أساليب العرب، فإنهم يذكرون الخاص بعد العام تنبيهاً وتأكيداً، كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم» (رواه الترمذي وغيره).
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد يُسأل عن عمره، والعمر يشمل مراحل الحياة كلها ومنها الشباب، ثم قال: (وعن شبابه فيم أبلاه) فخص مرحلة الشباب بالذكر لتعظيم شأن هذه المرحلة العمرية لكونها زمن القوة والنشاط والعطاء.
وعليه فنقول: إن الدين يشمل الأخلاق، ويمكننا أن نقول الدين كله هو الأخلاق إن فهمنا الأخلاق بأنها عامة وشاملة لخلق العبد مع ربه، وخلقه مع نفسه، وخلقه مع الناس، وخلقه مع سائر المخلوقات، إذا فهمنا الأخلاق بهذا الاعتبار فيمكننا أن نقول إن الدين هو الأخلاق، وإن الأخلاق هي الدين، وأما إذا نظرنا إلى أن الخلق هو تصرف الإنسان مع الناس، فقد يكون الإنسان حسن الخلق مع الناس ولكنه شارب خمر، أو مفرطاً في صلاته ونحو ذلك، فيكون عنده ضعف في التدين، وقد يكون الإنسان محافظاً على الصلاة والفرائض وممتنعاً عن المحرمات ولكنه غليظ الطبع معجب بنفسه، فيكون في تدينه الفردي مقبولاً وفي تعامله مع الآخرين مرفوضاً، وقد بين صاحب تحفة الأحوذي هذا باختصار فقال: (إذا خطب إليكم) أي طلب منكم أن تزوجوه امرأة من أولادكم وأقاربكم (من ترضون) أي تستحسنون (دينه) أي ديانته (وخلقه) أي معاشرته. انتهى، ولا فرق بين الأخلاق والخلق، فإن الأخلاق جمع خلق.
والله أعلم.