الربا بين الأم وأبنتها
خالد عبد المنعم الرفاعي
هل لو أخذت أمي مني فلوس لعدم وجود فكة وتريد شراء خضار وترجع المال بزيادة من غير ما اطلب منها هل هذا ربا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإن القرض الذي تقترضه منه أمك هو من قبيل القرض الحسن، وليس من باب الربا، والأصل فيه أن يقصد بها فاعلها الثواب من الله - تعالى - ولا ينتظر زيادة بأي مُسمَّى عند السداد، فإذا طلب مبلغًا زائدًا عن الدَّين، لم يجز ذلك؛ لأنه من الربا المحرَّم، وقد لعن رسول الله آكل الربا وموكله، والآكل هو من يأخذ الزيادة على القرض، والموكل هو مَن يُعطي الزيادة.
أما تعطيه لك والدتك من الزيادة على أصل المال الذي أخذته منك، دون اتفاق بينكما، فلا بأس، بل هو يستحب للمستقرض أن يرد أجود مما أخذ للحديث رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل يتقاضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا، فقال: ((أعطوه سنًّا فوق سنِّه))، وقال: ((خيركم أحسنكم قضاءً)).
جاء في "الإحكام شرح أصول الأحكام" لابن قاسم (3/ 189): " فدل الحديث وما في معناه على جواز الزيادة على مقدار القرض من المستقرض، بل إنه يستحب لمن له عليه دين من قرض أو غيره أن يرد أجود من الذي عليه، وأن ذلك من مكارم الأخلاق المحمودة عرفًا وشرعًا، ولا يدخل في القرض الذي يجر نفعًا؛ لأنه لم يكن مشروطًا من المقرض، وإنما ذلك تبرع من المستقرض، وكذا لو أعطاه هدية بعد الوفاء بلا شرط ولا مواطأة؛ لأنه لم يجعل تلك عوضًا في القرض ولا وسيلة إليه، ولو علمت زيادته لشهرته بسخائه كفعله -صلى الله عليه وسلم". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.