حكم الغضبت والصراخ في وجه الوالدين
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته الحمد لله على كل شيئ أشكركم على مجهوداتكم وما تفعلونه من نصح وإرشاد إلى الناس التي أدت و الحمد لله إلى هداية الكثير من الناس من بعد الله أما البعد انا من الجزائر عمري 18 سنة إكتشفت أن النشيد الوطني الجزائري فيه كلمات كفرية بالحلف يغيرو الله فجئت وأخبرت والديا عن هذا الأمر فبدأ بالغضب علي و يقولون لي إبتعد عن الفتاوي ستجعلك تتعقد حتى وصلا بهما الأمر بسبي وشتمي وربما غضبت وصرخت في وجههما لكن بدون سب فصرت أخشى أن أعق والديا. فسؤالي هل غضبهما علي من العقوق
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فمن المقرر أنَّ بر الوالدين والإحسان إليهما، وحفظهما، وصيانتهما، وامتثال أمرهما، وطاعتهما في المعروف، وفي غيْر معصية الله، من أعظم البر؛ فحق الوالدين من آكَدِ الحقوق التي عظمها الله، وجعلها تالية لحقه - سبحانه تعالى - كما قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:23]، وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء:36].
قال القرطبي - رحمه الله - في "تفسيره" (2 / 13) -: "قوله - تعالى -: {وبالوالدين إحسانا}؛ أي: وأمرناهم بالوالدين إحسانًا.
وقرن الله - عز وجل - في هذه الآية - حق الوالدين بالتوحيد؛ لأن النشأة الأولى من عند الله، والنشء الثاني - وهو التربية - من جهة الوالدين، ولهذا؛ قَرَنَ - تعالى - الشكر لهما بشكره، فقال: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14].
والإحسان إلى الوالدين: معاشرتُهُمَا بالمعروف، والتواضع لهما، وامتثال أمرهما، والدعاء بالمغفرة بعد مماتهما، وصلة أهل ودهما".
وَحَذَّرَ نا - سبحانه وتعالى - من عصيانهما، أو إيذائهما - ولو بأدنى الألفاظ - فقال - تعالى -: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء:23].
وجعل - سبحانه - عقوقهما من أكبر الكبائر، ومن أسباب دخول جهنم - والعياذ بالله - فقد ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((ألا أُنَبِّئُكُمْ بأكبر الكبائر - ثلاثًا - قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئًا، فقال: ألا وقول الزور، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت))؛ رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثة لا ينظر الله - عز وجل - إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المتَرَجِّلة، والدَّيُّوث))؛ رواه أحمد والنسائي وابن حبان، وقال الشيخ الألباني: "حسن صحيح"؛ انظر صحيح سنن النسائي.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد))؛ رواه الترمذي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
وروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فَأَضِعْ ذلك الباب أو احفظه)).
أما نصْح الوالدين أو نهيهما عن المنكر أو تعليمهما أمرًا من أمور الشريعة فيتطلب مزيدًا من الرِّفْق، والشَّفقة الزَّائدة، والإحسان، والتحبُّب، مع الأدب الجمّ، وسلوك أحسن الطُّرُق وأرقِّ الأساليب، والحذر من الوقوع في التَّخْشين.
جاء في كتاب "إحياء علوم الدين" للغزالي: "سُئِل الحسن عن الولد يَحتسب على الوالد، قال: "يعِظُه ما لم يغضب، فإن غضِب سكت عنه".
وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعيَّة": قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: "يأمر أبويْه بالمعروف وينهاهما عن المنكر"، وقال في رواية حنبل: "إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلِّمُه بغير عنْف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام وإلاَّ تركه، وليس الأب كالأجنبي"، وقال في رواية يعقوب بن يوسف: "إذا كان أبواه يبيعان الخمر لم يأكُل من طعامهم وخرج عنهم"، وقال في رواية إبراهيم بن هانئ: "إذا كان له أبوان لهما كرم يعصران عنبه، ويجعلانِه خمرًا يسقونه، يأمرهم وينهاهم، فإن لم يقبلوا خرَج من عندهم ولا يأوي معهم".
إذا تقرر هذا فالواجب عليك طلب العفو من والديك مما قمت به من الصراخ، وتب إلى الله من ذلك، ولتعزم على عدم العود لمثله في المستقبل، واحذر أن تتكلم معهما في أمور لا تحسنها ولا تعلم دليلها جيدًا، ولتعلم أن الحلف بغير الله من الشرك الأصغر، وليس كفرًا مخرجا من الملة،، والله أعلم.
- المصدر: