فتنة الابن بالمعاصي
السلام عليكم. ابنى يبلغ العشرون من العمر. نعيش فى كندا. للاسف له تصرفات وطريقة كلام غير ملائمة لنا ولا لديننا. الان هو يعيش خارج المنزل بجانب الكليه التى يدرس بها. الان هو لبس حلق فى احد اذنيه. حاولت معه بكل الطرق ان هذا محرم فى الاسلام ولكنه غير مقتنع ومصر على موقفة. علاقتة سيئة بابيه وبالتالى لا يوجد نصح او رشد. لا يوجد لنا اى اقارب بجوارنا ولو وجد هو لا يستمع لاحد على الاطلاق. حاولت مقاطعته من قبل ولكن من غير تاثير. الان حاسة انه خارج قدرتى على التحمل واريد ان اقاطعة نهائيا. افيدوني
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فلا شك أن الله تعالى لم يجعل هداية القلوب الشاردة لأحد من خلقه، إنما جعله الله سبحانه خاصًا بإرادته وتقديره؛ وما على الرسول إلا البلاغ، وما على الداعين بعده إلا النصيحة، والقلوب بعد ذلك بين أصابع الرحمن، والهدى والضلال وفق ما يعلمه من قلوب العباد واستعدادهم للهدى أو للضلال، ويجب علينا فقط هداية البيان والإرشاد وبيان الصراط المستقيم، والترغيب فيه، وبذل الجهد في سلوك الخلق له أما من يخلق في قلوب الخلق الإيمان، ويوفقهم بالفعل فهو الله سبحانه البر الرحيم قال تعالى مخاطبًا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم - وغيره من باب أولى-: {نَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[القصص: 56].
إذا علم هذا، فإن الابن بعد أن يدرك مدارِك الرجال لا يملك الوالدان له إلا النصح والإقناع، والدعوى بالتي هي أحسن، ولا يستطيع أحدٌ التحكُّم فيه ولا السيطرة عليه، ويتعين لتأليفه واحتوائه تجنب الأساليبِ والطُّرقِ الاستفزازية، والألفاظِ القاسيةِ، أو المُحرجةِ، ومراعاةُ الحالةِ النفسيَّةِ، مع صِدق اللُّجوء إلى الله تعالى والإلحّاح بالدعاء له بالهداية؛ فقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع رب العالمين، إن شاء أن يُقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه".
وقد جعل الشارع الحكيم دعاء الأم لأبنائها مستجابًا؛ ففي الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات مستجابات، لا شك فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده".
كما ينبغي الانتباه إلى طبيعة سن المراهقة المتأخرة التي تمتد إلى العام الوالحد والعشرين، وما يمتاز به الشباب عمومًا من صفات، والتي من أشدها خطرًا العِنْدُ، والاستبدادُ بالرأي، وعدمُ التمييز بين صديقه وعدوِّه، ولا بين مَن يحرص على نجاته ومَن يدفعه للشرِّ دفْعًا.
مع التحلِّي بالهدوء والابتعاد عن الاستجابة لاستفزازاته، ومما يعين على ذلك تحديد الهدف وإدراك أن معركة السعي في الهداية تحتاج لطول نفَسٍ وصبرٍ وتنوُّع في الأساليب، مع الاستعانة والافتقار الكامل لله تعالى.
أما الهجر فإنما يجوز إذا كان يُرجى من ورائه مصلحة، ولم يترتب عليه مضرة أكبر،، والله أعلم.
- المصدر: