هل يحل هجر الزوجة عند الخلاف في الرأي
خالد عبد المنعم الرفاعي
انا زوجي معدد ويرى انه عند حدوث اي خلاف( حتى لو كان اختلاف اراء عند النقاش بينا او معاتبة على شئ )وبين اي زوجة من زوجاته ان يترك المنزل ويذهب للاخرى مع عدم رد الليالي التي قضاها عندها عند العودة فهل يجوز له عدم رد الليالي التي قضاها عند الأخرى مع وجود الزوجة الحادث معها الخلاف في مسكن الزوجية وعدم تركها للمنزل
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد اتفق الفقهاء على وجوب العدل والتسوية بين الزوجات في المبيت والقسم، فلا يحلّ للزوج أن يخص بعض نسائه بالمبيت دون الأخرى؛ لأن الزوجة لا يسقط إلا إذا نشزت عليه ولم تمكنه من جماعها، أو امتنعت من الانتقال معه حيث شاء، أو تخرج من مسكنه بغير إذنه، أو لم تفتح له الباب ليدخل: فلا تستحق القسم حينئذ، ثم إن عادت إلى طاعته فلا تستحق قضاء تلك الليالي.
والله سبحانه قد ندب إلى نكاح الواحدة عند خوف ترك العدل في التعدد، وإنما يخاف على ترك الواجب؛ فدل على وجوب العدل بينهن في القسم؛ قال الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3]، أي تجوروا، والجور حرام فكان العدل واجبًا ضرورة؛ وروى الترمذي عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط"، وروى أبو داود عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض فى القسم، من مكثه عندنا، وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل إمرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التى هو يومها، فيبيت عندها".
وجاء في "المغني" لابن قدامة (7/ 301): "قال أبو القاسم: (وعلى الرجل أن يساوي بين زوجاته في القسم)، لا نعلم بين أهل العلم في وجوب التسوية بين الزوجات في القسم خلافًا، وقد قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وليس مع الميل معروف؛ وقال الله تعالى: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129]".
: (7/ 311)ثم بين متى يجب قضاء القسم ومتى لا يجب فقال
"فإن قسم لإحداهما، ثم جاء ليقسم للثانية، فأغلقت الباب دونه، أو منعته من الاستمتاع بها، أو قالت: لا تدخل علي، أو لا تبت عندي، أو ادعت الطلاق، سقط حقها من القسم.
فإن عادت بعد ذلك إلى المطاوعة استأنف القسم بينهما، ولم يقض الناشز؛ لأنها أسقطت حق نفسها". اهـ.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى"(32/297) عما يجب على الزوج إذا منعته من نفسها إذا طلبها؟
فأجاب: "الحمد لله، لا يحل لها النشوز عنه ولا تمنع نفسها منه؛ بل إذا امتنعت منه وأصرت على ذلك فله أن يضربها ضربًا غير مبرح ولا تستحق نفقة ولا قسمًا". اهـ.
إذا تقرر هذا فلا يحل لذلك الزوج أن يهجر زوجته ويمنعها حقها من القسم عند الخلاف معها، وإنما يجوز هجرها إذا نشزت عليه زوجها فيسقط حقها من القسم، على التفصيل السابق، ويجب عليه حينئذ قضاء تلك الليالي التي هجرها فيها،، والله أعلم