طاعة الوالد في الزواج بفتاة أكبر مني
أنا شاب كفيف أبي يريد تزويجي من فتاة تكبرني بسنوات فأنا أبلغ من العمر 23 سنة والفتاة 35 أو 40 وأنا اخترت فتاة كفيفة لكن لا يوافق عليها الوالد ويقول روح اتزوجها بعيد عني فما الحل إذن
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فمن المقرر أن الشَّارع الحكيم أوْجب على الأبناء طاعةَ الآباء، وأوْجب على الوالِد عدمَ الاعتِساف في استِخدام حقِّه في برِّ ولدِه، بِما يعود على الابن بالضَّررِ، ومعيار ذلك هو ما صحّ عن رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – في قوله: ((إنَّما الطَّاعةُ في المعروف))؛ متَّفق عليه.
فطاعة الوالديْن من أوْجب الواجبات بعد الإيمان بالله؛ قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[الإسراء: 23]، فعصيان الوالد ومخالفته أو إغضابه فيما لا يضر، من أعظم الذنوب التي توجب غضب الله عز وجل، وهو ما لا يمكن التعويض عنه، وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته التي يحبها؛ لأن أباه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لا يرضاها زوجة له، وكان يأمره بطلاقها، فمن باب أولى أن يُطاع الوالد في الزواج؛ فقد روى أبو داود والتِّرْمذي وابن ماجه عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنْهما - قال: "كانت تحتي امرأة أحبُّها، وكان عمر يكرهُها، فقال عمر: طلِّقْها، فأَبَيْتُ، فذكر ذلك للنَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((أطِعْ أباك وطلِّقها)) فطلَّقتُها.
إذا تقرر هذا، فالذي يظهر أن رفض والدك أن يزوجك من فتاة كفيفة، لما يستشعره من الضرر والمشقَّة التي تلحقك من فتاة لها نفس ظروفك، وأن الأفض لك بلا شك الزوج من فتاة مبصرة حتى وإن كانت أكبر منك سنًا؛ ولا يخفى عليك أن شدة حبّ الوالد لابنه تجعله دائمًا يبحث له عن الأفضل والأكمل،
ومن ثمّ ينبغي طاعة الوالد في الزواج من الفتاة المبصرة الكبيرة؛ لأنه لا يأمرك بإثم، ولا قطيعة رحم، ولا بفعل منكر نهى الله تعالى عنه، بل غاية الأمر أنه يامرك بترك الزواج بامرأة معينة، والزواج بامرأة معينة غير واجب قطعاً، وطاعة الوالدين في المعروف واجبة قطعاً، والواجب مقدم على غير الواجب، هذا إذا كان الزواج بها مُباحاً أو مستحباً، بل من البر أن يترك الابن المستحب براً بأبويه،، والله أعلم.
- المصدر: