هل مقولة فلان في ذمة الله جائزة شرعًا
هل القول : فلان في ذمة الله ، قول صحيح شرعاً
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه، ثم أمَّا بعد
فإن معنى ذمة الله تعالى: العهد والضمان والأمان والميثاق، ونحوها؛ قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ}[الرعد: 20]، وقال: {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[النحل: 95]، ونحوها من الآيات.
جاء في "تفسير الطبري"(6/ 527): "يعني بذلك جل ثناؤه: إنّ الذين يستبدلون - بتركهم عهد الله الذي عهد إليهم، ووصيته التي أوصاهم بها في الكتب التي أنزلها الله إلى أنبيائه، باتباع محمد وتصديقه والإقرار به وما جاء به من عند الله...". اهـ.
وقال: (14/ 339) عند قوله تعالى: وقال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ}[النحل: 91]: "أنزلت هذه الآية في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم، كان من أسلم بايع على الإسلام، فقالوا: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ}[النحل: 91]، هذه البيعة التي بايعتم على الإسلام، {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } [النحل: 91]، البيعة، فلا يحملكم قلة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكثرة المشركين، أن تنقضوا البيعة التي بايعتم على الإسلام، وإن كان فيهم قلة والمشركين فيهم كثرة ".اهـ.
وفي الصحيح من حديث بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميرًا على جيش، أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: "اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا..." إلى أن قوله: "وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله، وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله، ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله"، الذمة عقد الصلح والمهادنة، وإنما نهى عن ذلك لأن نقض عهد الخلق أهون من نقض عهد الله تعالى، فنهى عن ذلك لئلا ينقض ذمة الله من لا يعرف حقها، وينتهك حرمتها بعض من لا تمييز له.
وفي الصحيح أيضًا عن جندب بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم"، وذمة الله هاهنا: الضمان والأمان.
جاء في "المفهم" لأبي العباس القرطبي(2/ 282): "وقوله: من صلى الصبح فهو في ذمة الله؛ أي في أمان الله وفي جواره، أي قد استجار بالله تعالى والله تعالى قد أجاره، فلا ينبغي لأحد أن يتعرض له بضر أو أذى، فمن فعل ذلك فالله يطلب بحقه، ومن يطلبه لم يجد مفرًا ولا ملجأً، وهذا وعيد شديد لمن يتعرض للمصلين، وترغيب في حضور صلاة الصبح". اهـ.
وعليه، مقولة فلان في ذمة الله، قول صحيح شرعًا،، والله أعلم.
- المصدر: