تعمد الاستمناء ومشاهدة المحظورات في نهار رمضان
يا شيخ انا بعد الفجر اخطات وشاهدت بعض المحرمات لانهو جاتني شهوه قويه وعندا مشاهدتي خفت ان افطر فاغلقت الهاتف وبقيت ادعي الي الله ان لا استمني بعدها بقليل في اليقظه خرج مني المني وقراءة عن هاذا ويجب علي القضاء وانا لا يمكنني القضاء خوفا من ان يعرف والدي بهذا الموضوع وانا خائف جدا يشيخ واحس انني سوف اقتل نفسي لانني قراءة انهو من الكبائر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فالذي يظهر من أدلة الشرع الحنيف أن من تعمد الفطر في نهار رمضان بغير عذر شرعي يبيح الإفطار أنه لا يمكنه القضاء، وإن صام يومًا مكانه فلن يقبل منه؛ وإنما يجب عليْها التَّوبةُ والاستِغْفار، مع النَّدم من اقتراف تلك الكبيرة، والعَزْم على عدم العَوْد؛ لأن جرم انتهاك الشهر الفضيل أعظم من أن يتدارك إلا بالتوبة النصوح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (25/ 225): "أن من أفطر عامدا بغير عذر كان فطره من الكبائر وكذلك من فوت صلاة النهار إلى الليل عامدا من غير عذر كان تفويته لها من الكبائر وأنها ما بقيت تقبل منه على أظهر قولي العلماء كمن فوت الجمعة ورمى الجمار وغير ذلك من العبادات المؤقتة". اهـ.
كما يجب التوبة النصوح من مشاهدة المحرمات لأنها من أقبح الذنوب وأشْنعها حيث تدفع إلى الوقوع في الحرام بل تجر إلى الفاحشة الكبرى!
وتزداد هذه المعصية خبثًا وسوءًا إذا كانت مشاهدتُها في الشهر الفضيل؛ لما في ذلك من انتِهاك حرمته، ومنافاة المقْصود من الصَّوم، وهو تقْوى الله - سبحانه وتعالى - كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
وفي الصَّحيحين: ((إنَّما الصَّوم جُنَّةٌ، فإذا كان أحدُكم صائمًا فلا يَرفُثْ ولا يَجهل، وإنِ امرؤ قاتَلَه أو شاتمَه، فليقلْ: إنِّي صائم، إنِّي صائم)).
والمراد بالرَّفَث: الكلام الفاحِش، ويُطْلق على الجِماع وعلى مقدِّماته، وعلى ذكْره مع النساء، ورؤية الفاحشة أوْلى وأحْرى.
وكذلك قولُه: ((ولا يَجهل))؛ أي: لا يفعل شيئًا من أفْعال أهل الجهْل، ومن أجهل الجهل مشاهدة تلك البلايا المفسدة للدين والدنيا، والمذهبة للحياء.
وروى البُخاريُّ عن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - عنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((مَن لَم يدع قولَ الزُّور والعمل به والجهْل، فليس لله حاجةٌ أن يدَع طعامَه وشرابه)).
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": "قال البيضاوي: ليس المقْصود من شرعيَّة الصَّوم نفس الجوع والعطش؛ بل ما يتْبعه من كسْر الشَّهوات، وتطْويع النَّفس الأمَّارة للنَّفس المطمئنَّة، فإذا لم يَحصل ذلك، لا ينظر الله إليْه نظر القبول، فقوله: ((ليس لله حاجة)) مجاز عن عدَم القبول، فنفى السببَ وأراد المسبِّب". اهـ.
وقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامه إلاَّ الجوعُ، ورُبَّ قائمٍ ليس له من قيامه إلاَّ السَّهرُ))؛ رواه النسائي في الكبرى، وابن ماجه عن أبي هريرة.
دلاٌّ على أنَّ فعل بعض المحرَّمات تنقص الصَّوم، وذكرُ النَّبيُّ لهذِه المحرَّمات المنهيِّ عنْها مطلقًا دلالةٌ على زيادةِ قُبحها في الصَّوم، ولينبِّه ويحثّ على سلامة الصَّوم عنها.
وما ذكرناه هو الثابت المنقول عن الصحابة – رضي الله عنهم - قال عمر بن الخطَّاب: "ليس الصّيام من الشَّراب والطَّعام وحده، ولكنه من الكذِب والباطل واللَّغو".
وقال جابر بن عبدالله: "إذا صُمتَ، فَلْيَصُمْ سمعُك وبصرُك ولسانُك عنِ الكذِب والمآثم، وَدَع أذَى الخادم، وليَكُن عليْكَ وَقارٌ وَسكينةٌ يَوْمَ صيامِك، ولا تَجعل يوم فِطرِكَ ويوم صيامك سواءً".
وقال أبو ذَرٍّ: "إذا صُمْتَ، فَتَحَفَّظْ ما استطعت"، فكان طليقٌ إذا كان يوم صيامِه دَخَلَ فَلَمْ يخرُجْ إلاَّ إلى صلاة؛ رواها ابن أبي شيبة في "المصنّف".
والواجِب على مَن وقع في قَارَفَ تلك القاذورات: التَّوبة النصوح إلى الله توبة،، والله أعلم.
- المصدر: