حكم إخراج زكاة الفطر من اللحم الفراخ والسمك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لم يعد الزبيب والتمر والقمح من قوت المصرين بل ما يقتات اليوم الارز والعدس والفراخ واللحم والفول فهل يجوز اخراج هذه الاصناف زكاة للفطر
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الله تعالى فرض زكاة الفِطْر طعمة للمساكين ولذلك يجب إخراجها من غالب قوت البلد الذي يعيش في المسلم؛ وهذا من حكم التشريع، وهو قول جمهو الفقهاء من الأئمة المتبعين من المالكية والحنابلة والشافعية؛ لما ثَبَتَ في صحيح البُخاريِّ عن ابن عمر - رضي الله عنهما – قال: ((فَرَضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفِطْرِ صاعًا من تَمْرٍ أوْ صاعًا من شعيرٍ، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة)).
وعن أبي سعيد الخدرى - رضى الله عنه – يقول: ((كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من زبيب))؛ متَّفق عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ما ذكر هذا الحديث - كما في "مجموع الفتاوى" (25/ 68-69):"... إذا كان أهل البلد يقتاتون أحد هذه الأصناف جاز الإخراج من قوتهم بلا ريب. وهل لهم أن يخرجوا ما يقتاتون من غيرها؟ مثل أن يكونوا يقتاتون الأرز والدخن فهل عليهم أن يخرجوا حنطة أو شعيرا أو يجزئهم الأرز والدخن والذرة؟ فيه نزاع مشهور. وهما روايتان عن أحمد: إحداهما لا يخرج إلا المنصوص. والأخرى: يخرج ما يقتاته. وإن لم يكن من هذه الأصناف. وهو قول أكثر العلماء: كالشافعي وغيره. وهو أصح الأقوال؛ فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المساواة للفقراء كما قال تعالى: {من أوسط ما تطعمون أهليكم} . والنبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير؛ لأن هذا كان قوت أهل المدينة ولو كان هذا ليس قوتهم بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوا مما لا يقتاتونه كما لم يأمر الله بذلك في الكفارات. وصدقة الفطر من جنس الكفارات هذه معلقة بالبدن وهذه معلقة بالبدن بخلاف صدقة المال فإنها تجب بسبب المال من جنس ما أعطاه الله". اهـ.
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" بعد أن ذكر حديث أبي سعيد: "وهذه كانَتْ غالب أقْواتِهِم بالمدينة، فأمَّا أَهْلُ بلدٍ أو محلَّة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم، كَمَنْ قُوتُهم الذرة والأرز أو التّين أو غير ذلك من الحبوب، فإن كان قوتُهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ما كان، هذا قول جُمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يُقال بغيره؛ إذِ المقصودُ سدُّ خلة المساكين يوم العيد، ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم" اهـ.
وعليه، فيجوز إخراج زكاة الفطر من اللحم الفراخ والسمك وغيرها من أقوات البلد الذي تعيش فيه،، والله أعلم.
- المصدر: