حكم الجماع في نهار رمضان بعد تعمد الإنزال
خالد عبد المنعم الرفاعي
جماع رمضان سلام عليكم داعبت زوجتي في نهار رمضان وتم الانزال وظننت اني مفطر بسبب الانزال وجامعتها بعد ذالك في نهار رمضان وهي مفطره لعذر مرض فهل علي شى؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن الفطر في نهار رمضان من أغلظ الذنوب وأكبر الكبائر، وانتهاك لحرمة هذا الوقت العظيم، ومخالفة لأمر الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } [البقرة: 185]، ولا ينفعه قضاؤه ولا يقبل منه ولو صام ألف شهر؛ لأن العبادة المؤقتة بوقت محدود في أوله وآخره لا يصح أن تقع إلا في ذلك الوقت المحدود كالوقوف بعرفة وصلاة الجمعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى (25/ 225): "من أفطر عامدا بغير عذر كان فطره من الكبائر". اهـ.
وقد دلت السنة المشرفة على الوعيد الشديد لمن ترك الصوم فعن أبي أمامة الباهليّ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: ((بينا أنا نائمٌ إذْ أتاني رجُلانِ فأخذا بِضبْعيَّ - الضَّبْع هو العضُد - فأتيا بي جبلاً وعِرًا، فقالا: اصعَدْ فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك. فصعِدْتُ حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصواتٍ شديدةٍ، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار. ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشقَّقة أشداقُهم، تسيل أشداقهم دمًا، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يُفْطِرون قبل تَحِلَّة صومهم))؛ رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وصحَّحه الألبانيُّ.
وقوله "قبل تحلة صومهم" معناه: يُفطرون قبل وقت الإفطار.
الوالجب على من تعمد الجماع في نهار رمضان أن يتوبَ إلى الله سبحانه وتعالى توبةً نصوحًا، ويندمَ على ما فعل، ويعزِم على عدم العود، كما تجب كفَّارة الجماع وهو: عِتقُ رقبة، فإن لم تجد - كما هو الغالب في تلك الأيام - فيجب صيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطعْ بسبب فرط الشهوة أو فرط المرض أو عدم التفرغ من العمل، فينتقل إلى الإطعام وهو إطعام ستين مسكيناً من طعام أهل البلد الذي تعيش فيه؛ لما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: "بينما نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلَكْتُ، قال: ((ما لك؟)) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((هل تجد رقبة تعتقها؟)) قال: لا، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)) قال: لا، فقال: ((فهل تجِدُ إطعامَ ستّينَ مسكينًا؟)) قال: لا، قال: فمكث النبي - صلى الله عليه وسلم - فبينما نحن على ذلك أُتي النبيُّ صلى الله عليه بِعَرَق فيه تمر – والعَرَقُ: المكتل - فقال: ((أين السائل؟)) فقال: أنا، فقال: ((خذه فتصدَّق به))... إلى آخر الحديث"؛ واللفظ للبخاري،، والله أعلم.