حكم سب بغير شعور أو قصد
السلام عليكم كنت العب لعبة كرة قدم على الهاتف و اثناء اللعب أضاع احدى اللاعبين الكرة في اللعبة(لم اقل اسمه و لم اعرف من هو) فلعنت خالقه و بعد مدة استوعبت ما قلت و بدأت افكر هل ما قلت يعتبر سب لله او لمن صنع اللاعب في اللعبة . ملاحظة : انا محتار ما إذا كان هذا الفعل يعتبر سب لله سبحانه و تعالى او للشخص صانع للاعب في اللعبة ، لان اللاعبين في اللعبة موجودين في الحقيقة و أيضا الكلمات خرجت من فمي دون شعور وانا لم أفعل هذا الفعل من قبل و لم افكر قبل أن اقوله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن المقرر في الشريعريعة الإسلامية أن كل من تكلم بالكفر كفر، سواء استحل أو لم يستحل، اعتقد ذلك أو لم يعتقد، إلا من أكره فقال بلسانه كلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولكن من شرح بالكفر صدرًا من المكرهين، فإنه كافر أيضًا.
قال أبو محمد بن حزم في كتابه "الإحكام"(1/45): الكفر .. هو في الدين صفة من جحد شيئاً مما افترض الله تعالى الإيمان به بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه بقلبه دون لسانه أو بلسانه دون قلبه أو بهما معاً، أو عمل عملاً جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان". اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى": (6/ 86): "من تكلم بها فهو كافر، إلا أن يكون مكرهًا، فيتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان". اهـ.
وقال في كتابه "الصارم المسلول": "فمن قال أو فعل ما هو كُفر كفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافراً؛ إذ لا يكاد يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله". اهـ.
وقال أيضًا في كناب "الإيمان"(ص: 174-175): "وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعاً، فقد شرح بها صدراً وهي كفر؛ وقد دل على ذلك قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 64: 66]، فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم، مع قولهم: إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له، بل كنا نخوض ونلعب، وبيّن أن الاستهزاء بآيات الله كفر، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام، ولو كان الإيمان في قلبه، منعه أن يتكلم بهذا الكلام؛ والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بحسبه". اهـ.
وقال ابن نجيم: "إن من تكلم بكلمة الكفر هازلاً أو لاعبا كفر عند الكل ولا اعتبار باعتقاده". اهـ.
هذا؛ ومن شروط القول المُكَفِر أن يقصد القول، فمن سبق لسانه بكلمة الكفر بغير شعور ولا تعمد، فلا يكفر، مثل من أراد أن يمدح الدين فقال كلمة سبٍ دون قصد لها، فهذا لا يكفر؛ لأنه لم يقصد السب أصلاً؛ كما في قصة الرجل الذي كان في فلاةٍ من الأرض، وأضاع راحلته وعليها طعامه وشرابه، ولما وجدها قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، فأخطأ من شدة الفرح، ولم يؤاخذه الله؛ لعدم وجود القصد إلى القول، ويشهد لهذا قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 225]، وقوله: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5].
وعليه فما دام الحال كما ذكرت أنك نطقت كلمة الكفر بغير شعور منك فلا يقع الكفر، ولكن يتعين عليك أن تبتعد عن تلك الألعاب التي تغي العقل، وأن تحرص على ما ينفعك،، والله أعلم.
- المصدر: