من نطق بكلمة كفر او شرك بجهل
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. ادا شخص نطق بكلمة كفر او شرك وهو جاهل مطلق انها كفر او شرك عندما علما انها كفر ومحرم شرعا توقف عن قولها نهائيا. هل هدا الشخص كافر؟ هل هو مرتد؟ هل تقبل توبته؟ عمره 22 سنة الان هل خلاص اصبح هالك ولا توبة له؟ هل هناك كفارة له؟ كيف يطرد الوسواس بانه كفر؟ كيف يرتاح من هدا الوسواس له اكثر من شهر يفكر فقط انه هالك
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعد:
فلم يبين الأخ السائل كلمة الكفر التي نطق بها؛ فهناك كلمات يكفر المسلم إذا نطق بها ولا يعذر بالجهل، كسب الله أو سب رسوله أو سب الدين أو الاستهزاء من الإسلام أو المسلم من أجل إسلامه، وغيرها، وهناك كلمات كفرية يعذر قائلها بجهله، مثل أن يقول: الله في كل مكان، أو كحال من أخطأ أو دهش فنطق بالكفر، ونحوها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (7/ 557): "نعلم أن مَن سبَّ الله ورسوله طوعًا بغير كُرْهٍ، بل مَن تكلم بكلمات الكفر طائعًا غير مُكْرَهٍ، ومَن استهزأ بالله، وآياته، ورسوله؛ فهو كافرٌ باطنًا وظاهرًا". اهـ.
ولكن كيفا قال من كلمات الكفر أو الشرك، عُذر بالجهل أو لم يعذر، فإن التوبة تغفر ذلك كله، إذا نَدِم، واستغفر، وأقلع عن الكفر، ونطَق الشهادتين، فيصير مسلمًا؛ فالله - سبحانه - برحمته ومنِّه وفضله يُسقِط حقَّه عن التائب، فالمرء لو أتى من الكفر والمعاصي ملءَ الأرض، ثم تاب؛ تاب الله عليه؛ كما قال تعالى: { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا* وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساء: 17، 18]، قال أبو العالية: سألت أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقالوا لي: "كل من عصى الله فهو جاهل، وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب".
وقال تعالى{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ* خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران: 86 - 89]، وقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية أنها نزلت فيمن ارتد ثم رجع للإيمان، فقبل الله توبته وغفر له.
قال في - "زاد المُستَقنِع" (ص: 225) -: "وتوبة المرتدِّ - وكل كافر - إسلامُه؛ بأن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ومَن كفر بجحدِ فرضٍ ونحوه، فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحودِ به، أو قول: أنا بريء من كلِّ دين يخالف دين الإسلام"؛ انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (2/ 358): "فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، والله تعالى غافر الذنب قابل التوب شديد العقاب والذنب؛ وإن عظم والكفر، وإن غلظ وجسم، فإن التوبة تمحو ذلك كله؛ والله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب، بل يغفر الشرك وغيره للتائبين؛ كما قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، وهذه الآية عامة مطلقة؛ لأنها للتائبين. وأما قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، فإنها مقيدة خاصة؛ لأنها في حق غير التائبين لا يغفر لهم الشرك وما دون الشرك معلق بمشيئة الله تعالى". اهـ.
هذا؛ وليس هناك كفارة لمن وقع بالكفر إلا التوبة النصوح، مع الإكثار من الأعمال الصالحة،، والله أعلم.