منع الابن من صلاة الجمعة خوفا عليه
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم انا شاب عمري 17 وأسكن في دولة المانيا ومنذ فترة صرت اذهب إلى صلاة الجمعة ولكن اهلي مسلمين ولكن بنفس الوقت اظن انهم غير مسلمين بسبب أن والدي يمنعني من الذهاب إلى صلاة الجمعة ويقول لي الاسباب الآتية: 1- قد يظن الناس انك داعش 2- قد يتم عملية تفجير في المسجد 3- قد يقتحم احد المسجد ويقتل من فيه وهناك اسباب اخرى يقولوها لي ويهددني ان يضربني ان ذهبت لصلاة الجمعة او يُبلغ علي للشرطة الألمانية ما الحل مع هذي المشكلة الصعبة وهل هناك اي ادعية للدعاء لأهلي بالهداية
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد أجمع العماء على وجوب صلاة الجمعة على الرِّجال المقيمين القادرين على حضورها؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].
وقد وردت أحاديث في النهي عن التخلُّف عن صلاة الجمُعة من غير عذْر شرعي تتصدع لها القلوب، وترجف لها الأفئدة، وتدل على أن التخلُّف عنها كبيرةٌ من كبائر الذُّنوب؛ منها ما رواه مسلمٌ من حديثِ أَبي هُرَيْرة وابْنِ عُمر - رضِي الله عنْهُما - أنَّهما سمِعا النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول: ((لينتَهينَّ أقوامٌ عن ودْعِهم الجمُعات، أو ليختِمنَّ الله على قلوبهم، ثمَّ ليكونُنَّ من الغافلين)).
وعن أبي الجعْد الضمري قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن ترك الجمُعة ثلاثَ مرَّات تهاوُنًا بها، طَبَع الله على قلبه))؛ رواه الترمذي، قال ابن العربي: "إنَّ معنى "طبع على قلبِه"؛ أي: ختم على قلبه بِمنع إيصال الخير إليه".
أما من تحقق ضررًا سواء خاف على نفسه أو ماله أو أهله أو غيرها مما يشق معه القصد إلى الجمعة أو الجماعة، فتسقط عنه الجمعة؛ لما روي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر. قالوا: يا رسول الله، وما العذر؟ قال: خوف أو مرض))؛ رواه أبو داود، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ((من ترك ثلاث جمع تهاوناً من غير عذر، طبع الله على قلبه))، وفي المسند والسنن أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من ترك ثلاث جمع تهاوناً من غير عذر طبع الله على قلبه))، قال أبو عمر بن عبد البر: "فالعذر يتسع القول فيه، وجملته كل مانع حائل بينه وبين الجمعة، مما يتأذى به أو يخاف عدوانه، أو يبطل بذلك فرضاً لابد منه، فمن ذلك السلطان الجائر يظلم، والمطر الوابل المتصل، والمرض الحابس، وما كان مثل ذلك".
وقال ابن قدامة: "ويعذر في تركهما الخائف; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم –: ((العذر خوف أو مرض))، والخوف ثلاثة أنواع; خوف على النفس, وخوف على المال, وخوف على الأهل.
فالأول: أن يخاف على نفسه سلطاناً يأخذه، أو عدواً, أو لصاً, أو سبعاً, أو دابة, أو سيلاً, ونحو ذلك, مما يؤذيه في نفسه". اهـ. من "المغني".
وقال المرداوي في "الإنصاف": "ومما يعذر به في ترك الجمعة والجماعة خوف الضرر في معيشة يحتاجها، أو مال استؤجر على حفظه، كنظارة بستان ونحوه، أو تطويل الإمام". اهـ.
وقال ابن النجار في "منتهى الإرادات": "ويعذر بترك جمعة وجماعة من ... أو يخاف ضياع ماله أو قواته أو ضرراً فيه أو (ضرراً) في معيشة يحتاجها أو ( يخاف ضرراً)". اهـ.
أما نهي الوالد عن حضور صلاة الجمعة فيحرم طاعته؛ لأنه يعارض أمر الشارع الحكيم؛ وفي الصحيحين قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما الطَّاعةُ في المعروف)).
فاجتهد في نصح الوالد بلطف، واجتهِدْ في برِّه، وإقناعه بِحكمةٍ، وادع له كثيرًا بالهداية وأن يشرح الله صدره للإيمان، وأخبره أنه يجب عليه حضور صلاة الجمعة معك لا أن ينهاك عنها، فإن أصرّ فلا طاعة له حينئذ، إلا إن خفت أن يلحقك ضرر محقق، مثل أن يبلغ الشرطة عنك أو غير ذلك، فحينها تصلي الظهر في البيت لأنك من أهل الأعذار حتى يجعل الله لك مخرجًا وفرجًَا قريبًا،، والله أعلم.