الصلاة داخل المقبرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عندنا مقبرة محاطة بالسياج فيها مكان مخصص لصلاة الجنازة من جهة القبلة يعني ليس بينه وبين القبلة قبور ، القبور تبقى خلف المصلين وأحياناً يأتي المصلون قبل صلاة العصر مثلاً لدفن الميت ويصلون صلاة العصر جماعة في انتظار وصول الجنازة فما حكم صلاة العصر جماعة في هذه الحالة وبارك الله في جهودكم مسبقاً وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد نهي الشارع الحكيم عن الصلاة في المقبرة؛ لما فيه من مظِنة الشرك، ومشابهة المشركين.
ففي الصحيح عن أبي مرثد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلَّوا إليها"، وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمَّام"؛ رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
وفي الصحيحين من حديث عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا"، لا تجعلوها مهجورة من الصلاة كالقبو
جاء في "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (2/ 183) لابن المنذر: " ففي قوله: "ولا تتخذوها قبورا"، دليل على أن المقبرة ليست بموضع صلاة؛ لأن في قوله:"اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم"، حث على الصلوات في البيوت وقوله: "ولا تجعلوها قبورا"، يدل على أن الصلاة غير جائزة في المقبرة". اهـ.
وقال الشوكاني في "السيل الجرار"(ص: 104): "قد قدمنا الأدلة الصحيحة القاضية بالنهي عن الصلاة إلي القبر، والنهي عن الصلاة في المقبرة، ولا وجه للفرق بين الصلاة على القبر، والصلاة بين المقابر... بل الكل منهي عنه ممنوع منه، وإن كان في الصلاة على نفس القبر زيادة على الصلاة إليه والصلاة بين المقابر، ولكن هذه الزيادة لم يعتبرها الشارع، بل نهى عن الصلاة في المقبرة، وذلك أعم من أن تكون الصلاة على نفس القبر، أو بينه وبين قبر آخر، أو إلي قبر؛ إذ يصدق على الجميع أنه فعل الصلاة في المقبرة". اهـ.
وقد بين الحكمة من النهي شيخ الإيلام ابن تيمية حيث قال في "مجموع الفتاوى" (17/ 502-503): "والمقابر نهى عنها – يقصد: الصلاة - لما فيه من التشبه بالمتخذين القبور مساجد، وإن كان المصلي قد لا يقصد الصلاة لأجل فضيلة تلك البقعة، بل اتفق له ذلك؛ لكن فيه تشبه بمن يقصد ذلك، فنهى عنه؛ كما يُنهى عن الصلاة المطلقة وقت الطلوع والغروب، وإن لم يقصد فضيلة ذلك الوقت؛ لما فيه من التشبه بمن يقصد فضيلة ذلك الوقت، وهم المشركون، فنهيه عن الصلاة في هذا الزمان كنهيه عن الصلاة في ذلك المكان". اهـ.
وقال في "اقتضاء الصراط المستقيم"(2/ 194): "وقد اختلف الفقهاء في الصلاة في المقبرة:
هل هي محرمة أو مكروهة؟
وإذا قيل: هي محرمة، فهل تصح مع التحريم أم لا؟ المشهور عندنا أنها محرمة لا تصح؛ ومن تأمل النصوص المتقدمة تبين له أنها محرمة بلا شك، وأن صلاته لا تصح". اهـ.
وقال أيضًا في "جامع المسائل"لثالثة (3/ 42): "وقد تنازع العلماءُ في الصلاة في المقبرة، قيل: هي محرَّمة أو مكروهة أو مباحة، ولم يَقُل أحدٌ منهم: إنها مستحبة ولا واجبة.
والذي عليه جماهير العلماء أنها منهيٌّ عنها نهيَ تحريم، أو نهيَ تنزيه، وكثيرٌ منهم يقول: إنها باطلةٌ". اهـ.
وقال الإمام ابن القيم في "إعلام الموقعين"(4/ 138): "فالصلاة في المقبرة معصية لله ورسوله، باطلة عند كثير من أهل العلم، لا يقبلها الله، ولا تبرأ الذمة بفعلها". اهـ.
إذا تقرر هذا، فلا يجوز صلاة العصر عند تلك المقابر، وإنما تجوز صلاة الجنازة فقط،، والله أعلم
- المصدر: