ابتلاء الكفر
السلام عليكم ابتليت من فتره بكثره الكفر ولا استطيع توقف الكفر بسبب ان لدي افكار كثيرة في راسي اريد ان اوقفها ولا استطيع فهي كثيرة فهل من حل واريد ان اسال هل اذا بغيت الكفر ولم انطق به اكفر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن الكفر لا يقع بمجرد تحديث النفس به، أو التفكير فيه، ما لم يُتلفظ؛ لانعدام اللّفظ أصلاً، أو القصد إلى الفعل، أو العزم عليه.
والعفو عن حديث النفس إنما هو فضيلة لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لهم بنص خبر الصادق المصدوق؛ ففي الصحيحين من حديث أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله عز وجل تجاوز لأمتي ما وسوست به وحدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به))، وفي رواية النسائي والترمذي: ((إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به أو تعمل)).
والله تعالى لا يكلف المسلم إلا طاقته ووسعه، ومنع إلقيات الشيطان ليس في وسع الإنسان، ولكن ما في وسعه هو دفع الخطره على ما يأتي بيانه؛ قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286].
وفي الصحيح عن ابن عباس قال: "لما نزلت {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة:284]، دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا)) قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286]، قال – سبحانه –: ((قد فعلت))، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال– سبحانه –: ((قد فعلت))، {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، قال – سبحانه –: ((قد فعلت)).
أما خطرات الكفر فهي من ألقيات الشيطان، فعلاجها الناجع هو قطعها، وعدم الاسترسال معها، وقد بين هذا الأمر الإمام ابن القيم في كتابه "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي"(ص: 154) حيث قال: "وأما الخطرات: فشأنها أصعب، فإنها مبدأ الخير والشر، ومنها تتولد الإرادات والهمم والعزائم، فمن راعى خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه، ومن غلبته خطراته فهواه ونفسه له أغلب، ومن استهان بالخطرات قادته قهرًا إلى الهلكات، ولا تزال الخطرات تتردد على القلب حتى تصير منى باطلة". اهـ.
فاستع بالله ولا تعجز، ولا تلتفت لتلك الخطرات، فالله سبحانه وتعالى جَوَادٌ، كَرِيمٌ، قريبٌ، مجيبٌ يَغْضَبُ عَلَى مَن لَا يَسْأَلُهُ، وأخلص الضراعة وأصدق الطلب، وَكَرِّرِ السُّؤَالَ، فالله تعالى يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ، وهوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَهَّابٌ، كَرِيمٌ، بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ؛ قال الله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
ومن أعظم ما يستعان به على قطع الخطرات وقمع الشيطان هو قراءة القرآن الكريم بتدبر وتَأَمُّلِ، والنظر في أحوال السابقين؛ وحَالِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابِهِ فِي أَحْلَكِ المَوَاقِفِ حيث لَمْ يَهْتَزَّ اليقينُ والتَّوَكُّلُ والاستبشارُ؛ لعلمهم بالله، وحُسْنِ ظَنَّهم به سبحانه؛ قال الله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]، وقال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173،174].
وَأَمَرَ اللهُ تَعَالى عباده، وأرشدهم لذلك؛ فقال سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58]، وقال: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [إبراهيم: 11]، وقال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} [آل عمران: 159]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]؛ أيْ: كافِيهِ. والآياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ، ومعروفةٌ.
مع الحفاظ على أذكار الصباح والمساء وكثرة الحوقلة والاستغفار،، والله أعلم.
- المصدر: