اشكال فى صفات الله الفعلية

منذ 2024-11-14
السؤال:

 

السلام عليكم أنا أؤمن أنا جميع صفات الله الذاتية والفعلية غير مخلوقة بلا شك ولكن الشفاء صفة من صفات الله فالشخص مثلا مريض فشفاه الله فهل نقول إن شفائه من آثار شفاء الله التي هى الصفة لأن عندى اشكال فى هذه الشئ، فمثلا رحمة المخلوقين من آثار رحمة الخالق، اريد توضيح جزاكم الله خيرا حتى يزيل الاشكال؟

 وايضا: لا يجوز وصف الله بالإضلال ولكن يوجد فى الآية " يضل من يشاء" فأنا أقول إن ذلك بيده وان هذه بحكمة ولكن الضلال نفسه من المخلوقين السوء نفسه منهم.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:

فإن صفات الله الفعليَّة كالكلام والسمع والضحك، والبشبشة والغضب والحب والبغض والكيد والمكر، وغيرها مما ليس في قدرة أحد إحصاؤها؛ لكونها متعلقة بأفعال الله سبحانه، كما قال تعالى: {وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ}، وهي ثابتة  بكتاب والسنة الصحيحة والعقل الصريح والفطرة السليمة التي لم تنحرف عن جادة الصواب.

وتنقسم الصفات الفعلية إلى: صفات ذاتية فعلية، أي : لم يزل الله متّصفًا بهذه الصفات أزلاً وأبدًا، كالكلام والرحمة والرضا والغضب وغيرها، وهي قديمة الجنس حادثة الآحاد. وصفات فعلية متعلقة بمشيئة الله وقدرته، إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها كالاستواء، والمجيء والنزول، والقبض وابسط، والغضب، والفرح، والضحك وغيرها.

أما ما ورد في القرآن العظيم: فالصوص الدالة على ثبوت الأفعال الاختيارية وقيامها بالرب سبحانه أكثر من أن يحاط بها عددًا؛ كقوله: {كل يوم هو في شأن} [الرحمن: 29] وقوله: {فسيرى الله عملكم ورسوله}[التوبة: 105] وقوله: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [يس: 82] وقوله: {فلما جاءها نودي} [النمل: 8] المتكلم من قام به الكلام بمشيئته وقدرته وهذا قول السلف والأكثرين  وقوله: {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} [الأعراف: 143] وقوله: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها} [الإسراء: 16] وقوله: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} [المجادلة: 1] وقوله: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} [آل عمران: 181] وقوله: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك} [الأنعام: 158] ، وقوله: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} [الأعراف: 54].

أما السنة فالأحاديث يصعب حصرها أيضًا، ومنها قوله صلى الله عليهوسلم: «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا» وقوله: «إن ربي قد غضب اليوم غضبا لميغضب الله قبله مثله ولم يغضب بعده مثله» وقوله: «إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدني عبدي» الحديث، وأضعاف أضعاف ذلك من النصوص الصحيحة الصريحة.

 أما المعقول: فإن افتقار المخلوق إلى الخالق، والمفعول المنفصل إلى فاعل يعلم باللزوم العقلي؛ ففاعل وخالق مثل متكلم وقائل ومريد وعليم، وغير ذلك من الأسماء التي تستلزم قيام معان بالمسميات. ومعلوم بالعقل قيام الأفعال به سبحانه، وكل أحد يعلم من نفسه أنّ الفعل غير المفعول، وأن المفعول المنفصل لا يكون إلا بفعل، وأن المرحوم لا يكون إلا براحم والمشفي لا يكون إلا بشافٍ وهكذا.

ومذهب أهل السنة أن الصفة الفعلية كالخلق: أنَّ الخلق فعل الله القائم به سبحانه، وهو غير المخلوق المنفصل، فالخلق والإبداع والتأثير أمر وجودي قائم بالخالق المبدع الفاعل.

والسلف الصالح يقولون: يفعل الله ما يشاء، وينزل كيف شاء وكما شاء حيث شاء ويجيء إلى حيث شاء، ويفعل باختياره وإرادته ما يشاء، ويتكلم إذا شاء، وأن فعله القائم بذاته لا يفتقر إلى فعل آخر، بل يحصل بقدرته ومشيئته.

جاء في "مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية"(5/ 148): "والله تعالى لا يوصف بشيء من مخلوقاته، بل صفاته قائمة بذاته، وهذا مطرد على أصول السلف وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم، ويقولون أن خلق الله للسموات والأرض ليس هو نفس السموات والأرض، بل الخلق غير المخلوق، لا سيما مذهب السلف والأئمة وأهل السنة الذين وافقوهم على إثبات صفات الله وأفعاله". اهـ.

وقال في "مجموع الفتاوى"(12/ 436): "ولهذا كان مذهب جماهيرأهل السنة والمعرفة - وهو المشهور عند أصحاب الإمام أحمد وأبي حنيفة وغيرهم من المالكية والشافعية والصوفية وأهل الحديث وطوائف من أهل الكلام: من الكرامية وغيرهم= أن كون الله سبحانه وتعالى خالقًا ورازقًا ومحييًا ومميتًا وباعثًا ووارثًا وغير ذلك، من صفات فعله وهو من صفات ذاته؛ ليس من يخلق كمن لا يخلق، ومذهب الجمهور أن الخلق غير المخلوق؛ فالخلق فعل الله القائم به والمخلوق هو المخلوقات المنفصلة عنه". اهـ.

وفي أيضًا (6/ 148): "قال القاضي أبو يعلى الصغير: من أصحابنا من قال: الخلق غير المخلوق، فالخلق صفة قائمة بذاته والمخلوق الموجود المخترع. وهذا بناء على أصلنا وأن الصفات الناشئة عن الأفعال موصوف بها في القدم وإن كانت المفعولات محدثة. قال: وهذا هو الصحيح". اهـ.

أما المبتدعة فكما قال الإمام ابن القيم في كتابه "الصواعق المرسلة"(2/ 726): "فأنكرت قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه، التي ترجموها بمسألة حلول الحوادث، كيف خرجوا فيها عن المعقول الصريح، وكابروه أبين مكابرة، والتزموا لأجله تعطيل الحي الفعال عن كل فعل، والتزموا لأجله حصول مفعول بلا فعل، ومخلوق بلا خلق؛ فإن الفعل عندهم عين المفعول، والخلق نفس المخلوق، وهذا مكابرة لصريح العقل". اهـ.

جاء في "درء تعارض العقل والنقل" (2/ 3-6): "معلوم بالسمع اتصاف الله تعالى بالأفعال الاختيارية القائمة به، كالاستواء إلى السماء، والاستواء على العرش، والقبض، والطي، والإتيان، والمجيء، والنزول، ونحو ذلك. بل والخلق، والإحياء، والإماتة، فإن الله تعالى وصف نفسه بالإفعال اللازمة كالاستواء، وبالأفعال المتعدية كالخلق، والفعل المتعدي مستلزم للفعل اللازم، فإن الفعل لا بد له من فاعل، سواء كان متعدياً إلى مفعول أو لم يكن.

والفاعل لا بد له من فعل، سواء كان فعله مقتصرًا عليه أم متعدياً إلى غيره.

والفعل المتعدي إلى غيره لا يتعدى حتى يقوم بفاعله، إذ كان لا بد له من الفاعل.

وهذا معلوم سمعًا وعقلًا:

أما السمع؛ فإن أهل اللغة العربية التي نزل بها القرآن، بل وغيرها من اللغات، متفقون على أن الإنسان إذا قال: قام فلان، وقعد. وقال: (أكل فلان الطعام، وشرب الشراب= فإنه لا بد أن يكون في الفعل المتعدي إلى المفعول به ما في الفعل اللازم وزيادة، إذ كلتا الجملتين فعلية، وكلاهما فيه فعل وفاعل، والثانية امتازت بزيادة المفعول، فكما أنه في الفعل اللازم معنا فعل وفاعل، ففي الجملة المتعدية معنا أيضاً فعل وفاعل وزيادة مفعول به.

فقوله تعالى: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش} (الحديد: 4) تضمن فعلين: أولهما متعد إلى المفعول به، والثاني مقتصر لا يتعدى، فإذا كان الثاني - وهو قوله تعالى: {ثم استوى} - فعلاً متعلقاً بالفاعل، فقوله (خلق) كذلك بلا نزاع بين أهل العربية.

ولو قال قائل: (خلق) لم يتعلق بالفاعل، بل نصب المفعول به ابتداء، لكان جاهلاً، بل في (خلق) ضمير يعود إلى الفاعل كما في (استوى) .

وأما من جهة العقل: فمن جوز ان يقوم بذات الله تعالى فعل لازم به، كالمجيء والاستواء، ونحو ذلك، لم يمكنه أن يمنع قيام فعل يتعلق بالمخلوق: كالخلق والبعث والإماتة والإحياء.

كما أن من جوز أن تقوم به صفة لا تتعلق بالغير كالحياة لم يمكنه أن يمنع قيام الصفات المتعلقة بالغير، كالعلم والقدرة والسمع والبصر، ولهذا لم يقل أحد من العقلاء بإثبات أحد الضربين دون الآخر، بل قد يثبت الأفعال المتعدية القائمة به كالتخليق من ينازع في الأفعال اللازمة: كالمجيء والإتيان. وأما العكس فما علمت به قائلاً.

وإذا كان كذلك كان حدوث ما يحدثه الله تعالى من المخلوقات تابعاً لما يفعله من أفعاله الاختيارية القائمة بنفسه، وهذه سبب الحدوث، والله تعالى حي قيوم لم يزل موصوفاً بأنه يتكلم بما يشاء، فعال لما يشاء؛ وهذا قد قاله العلماء الأكابر من أهل السنة والحديث، ونقلوه عن السلف والأئمة، وهو قول طوائف كثيرة من أهل الكلام والفلسفة المتقدمين والمتأخرين، بل هو قول جمهور المتقدمين من الفلاسفة". اهـ.

إلى أن قال (2/ 220- 222): "كونه قادراً على الفعل بنفسه صفه كمال، كما أن قدرته على المفعول المنفصل صفة كمال، فإنّا إذا عرضنا على صريح العقل من يقدر على الفعل القائم به والمنفصل عنه، ومن لا يقدر على أحدهما= عَلِمَ أنّا لأول أكمل، كما إذا عرضنا عليه من يعلم نفسه وغيره، ومن لا يعلم إلا أحدهما، وأمثال ذلك. ويقول من يجوز دوام الحوادث وتسلسلها: إذا عرضنا على صريح العقل من يقدر على الأفعال المتعاقبة الدائمة، ويفعلها دائمة متعاقبة، ومن لا يقدر على الدائمة المتعاقبة= كان الأول أكمل.

وكذلك إذا عرضنا على العقل من فعل الأفعال المتعاقبة مع حدوثها، ومن لا يفعل حادثاً أصلاً لئلا يكون عدمه قبل وجوده عدم كمال، شهد صريح العقل بأنّ الأول أكمل، فإن الثاني ينفي قدرته وفعله للجميع؛ لئلا يعدم البعض في الأزل، والأول يثبت قدرته وفعله للجميع مع عدم البعض في الأزل، فذاك ينفي الجميع حذراً من فوت البعض، والثاني يثبت ما يثبته من الكمال مع فوت البعض، ففوت البعض لازم على التقديرين، وامتاز الأول بإثبات كمال في قدرته وفعله لم يثبته الثاني.

وأيضًا: فهم يقولون: كون الكلام لا يقوم بذاته يمنع أن يكون كلامه، فإن ما قام به شيء من الصفات والأفعال عاد حكمه إليه، لا إلى غيره، فإذا خلق في محل علماً أو قدرة أو كلاماً، كان ذلك صفة للمحل الذي خلق فيه؛ فذلك المحل هو العالم القادر المتكلم به، فإذا خلق كلاماً في محل كان ذلك الكلام المخلوق كلام ذلك المحل، لا كلامه، فإذا خلق في الشجرة: {إني أنا الله رب العالمين} (القصص: 30) ولم يقم هو به كلام كان ذلك كلامًا للشجرة، فتكون هي القائلة: (إني أنا الله رب العالمين) وهذا باطل، فيتعين أن يقوم به الكلام،...

وأيضًا: فإن ما به تثبت الصفات القائمة به، تثبت الأفعال القائمة به التي تحصل بقدرته واختياره، ونحو ذلك؛ وذلك أنه يقال: العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام ونحو ذلك صفات كمال، فلو لم يتصف الرب بها اتصف بنقائضها: كالجهل والعجز والصمم والبكم والخرس، وهذه صفات نقص، والله منزه عن ذلك، فيجب اتصافه بصفات الكمال، ويقال: كل كمال يثبت لمخلوق من غير أن يكون فيه نقص بوجه من الوجوه فالخالق تعالى أولى به، وكل نقص تنزه عنه مخلوق فالخالق سبحانه أولى بتنزيهه عنه، بل كل كمال يكون للموجود لا يستلزم نقصاً فالواجب الوجود أولى به من كل موجود".

أما نسبة الشر إلى الله سبحانه وتعالى فإنه سبحانه إنما قدّرها وقضاها لحكمته، وهي باعتبار تلك الحكمة من إحسانه؛ فإن الرب سبحانه لا يفعل سوء قط، بل فعله كله حسن وخير وحكمة؛ كما قال تعالى: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [آل عمران: 26]، ومن تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك": يعلم علم اليقين أن الرب سبحانه وتعالى يتنزيه في ذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه اعن الشر، فأسماؤه كلها حسنى، وأفعاله كلها خير،  فهو لا يخلق شرًا محضًا من كل وجه، ولا شرًا غالبًا، بل كل ما خلقه ففي خلقه مصلحة وحكمة. وقد بينا فيما سبق بالدليل الشرعي والعقلي أن فعله سبحانه غير مفعولاته، والشر ليس بفعل له سبحانه، فلا يكون مفعولاً له متصلاً، وفعل الشر لم يقم بذات الرب سبحانه، وإن دخل في مخلوقاته (المنفصلة) كقوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 1، 2]، ولذلك أضاف القرآن العظيم الشر تارة إلى سببه وتارة لمن قام به، وتارة بحذف الفاعله؛ فتأمله.

جاء في "شفاء العليل" شفاء العليل" (ص: 666): "... وتحقيق القول في ذلك أنه يمتنع إطلاق إرادة الشر عليه وفعله نفيًا وإثباتًا؛ لما في إطلاق لفظ الإرادة والفعل من إبهام المعنى الباطل، ونفي المعنى الصحيح؛ فإن الإرادة تطلق بمعنى المشيئة، وبمعنى المحبة والرضا، فالأول: كقوله: {إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ}[هود]، وقوله {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ}[الأنعام]، وقوله: {وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً}[الإسراء]. والثاني: كقوله: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}[النساء]، وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة].

فالإرادة بالمعنى الأول تستلزم وقوع المراد، ولا تستلزم محبته والرضا به. وبالمعنى الثاني لا تستلزم وقوع المراد، وتستلزم محبته؛ فإنها لا تنقسم، بل كل ما أراده من أفعاله فهو محبوب مرضيّ له، ففرق بين إرادة أفعاله وإرادة مفعولاته، فإن أفعاله خير كلها، وعدل ومصلحة وحكمة لا شر فيها، بوجه من الوجوه، وأما مفعولاته فهي مورد الانقسام، وهذا إنما يتحقق على قول أهل السنة: إن الفعل غير المفعول، والخلق غير المخلوق، كما هو الموافق للعقول والفطر، واللغة، ودلالة القرآن والحديث، وإجماع أهل السنة؛ كما حكاه البغويّ في "شرح السنة" عنهم.

وعلى هذا: فهاهنا إرادتان ومرادان، إرادة أن يفعل، ومرادها فعله القائم به، وإرادة أن يفعل عبده، ومرادها مفعوله المنفصل عنه، وليسا بمتلازمين، فقد يريد من عبده أن يفعل، ولا يريد من نفسه إعانته على الفعل وتوفيقه له وصرف موانعه عنه، كما أراد من إبليس أن يسجد لآدم، ولم يرد من نفسه أن يعينه على السجود، ويوفقه له، ويثبّت قلبه عليه، ويصرفه إليه، ولو أراد ذلك منه، لسجد له لا محالة.

وقوله: {فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ}[البروج] إخباره عن إرادته لفعله لا لأفعال عبيده، وهذا الفعل والإرادة لا ينقسم إلى خير وشر، كما تقدم، وعلى هذا فإذا قيل: هو مريد للشر، أوهم أنه محبّ له راض به، وإذا قيل: إنه لم يرده، أوهم أنه لم يخلقه ولا كوّنه، وكلاهما باطل، ولذلك إذا قيل: إن الشر فعله أو أنه يفعل الشر، أوهم أن الشر فعله القائم به، وهذا محال، وإذا قيل: لم يفعله أو ليس بفعل له، أوهم أنه لم يخلقه ولم يكوّنه، وهذا محال.

فانظر ما في إطلاق هذه الألفاظ في النفي والإثبات، من الحق والباطل، الذي يتبين بالاستفصال والتفصيل، وإنّ الصواب في هذا الباب ما دلّ عليه القرآن والسنة من أن الشر لا يضاف إلى الرب تعالى، لا وصفًا ولا فعلًا، ولا يتسمى باسمه بوجه من الوجوه، وإنما يدخل في مفعولاته بطريق العموم؛ كقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 1، 2]، وقد يحذف فاعله؛ كقوله حكاية عن مؤمني الجن: {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً}[الجن]، وقد يسند إلى محله القائم به؛ كقول إبراهيم الخليل: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ* وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ* وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء]". اهـ.

أما الشافي فهو اسم من أسماء الله الحسني؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}[الشعراء:80]، وروى البخاري من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَتَي مَرِيضًا أَوْ أُتِي بِهِ قَالَ : "أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا".

 هو يدل علي ذات الله وعلي صفة الشفاء بدلالة المطابقة، وهي صفة من صفات الأفعال التي سبق بيانها.

 والله سبحانه يهيأ أسباب الشفاء فيشفي بها، مع اعتقاد المسلم أن السبب ناقص ولا يؤثر بنفسه بل بمشيئة خالقه وقدرته، وفاعليته،،والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 1
  • 1,085

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً