Nasibona mina intikad.. --وذكر محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، بلاغة بعض أهله فقال: إني لأكره أن ...
منذ 2021-05-04
Nasibona mina intikad..
--وذكر محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، بلاغة بعض أهله فقال: إني لأكره أن يكون مقدار لسانه فاضلا على مقدار علمه، كما أكره أن يكون مقدار علمه فاضلا على مقدار عقله.
وهذا كلام شريف نافع، فاحفظوا لفظه وتدبروا معناه، ثم اعلموا أن المعنى الحقير الفاسد، والدني الساقط، يعشش في القلب ثم يبيض ثم يفرخ، فإذا ضرب بجرانه ومكن لعروقه، استفحل الفساد وبزل، وتمكن الجهل وقرح ، فعند ذلك يقوى داؤه، ويمتنع دواؤه، لأن اللفظ الهجين الردي، والمستكره الغبي، أعلق باللسان، وآلف للسمع، وأشد التحاما بالقلب من اللفظ النبيه الشريف، والمعنى الرفيع الكريم. ولو جالست الجهال والنوكى، والسخفاء والحمقى، شهرا فقط، لم تنق من أوضار كلامهم، وخبال معانيهم، بمجالسة أهل البيان والعقل دهرا، لأن الفساد أسرع إلى الناس، وأشد التحاما بالطبائع. والإنسان بالتعلم والتكلف، وبطول الاختلاف إلى العلماء، ومدارسة كتب الحكماء، يجود لفظه ويحسن أدبه، وهو لا يحتاج في الجهل إلى أكثر من ترك التعلم، وفي فساد البيان إلى أكثر من ترك التخير.
ومما يؤكد قول محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، قول بعض الحكماء حين قيل له: متى يكون الأدب شرا من عدمه؟ قال: إذا كثر الأدب، ونقصت القريحة.
.
.
---قال: وجعل ابن السماك يوما يتكلم، وجارية له حيث تسمع كلامه، فلما انصرف إليها قال لها: كيف سمعت كلامي؟ قالت: ما أحسنه، لولا أنك تكثر ترداده. قال: أردده حتى يفهمه من لم يفهمه. قالت: إلى أن يفهمه من لا يفهمه قد ملّه من فهمه.
عباد بن العوام، عن شعبة عن قتادة قال: مكتوب في التوراة: «لا يعاد الحديث مرتين» .
سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: «إعادة الحديث أشد من نقل الصخر» .
وقال بعض الحكماء: «من لم ينشط لحديثك فارفع عنه مؤونة الاستماع منك» .
.
.
---ومن أمثال العامة: «أحمق من معلم كتّاب» . وقد ذكرهم صقلاب فقال:
وكيف يرجّى الرأي والعقل عند من ... يروح على أنثى ويغدو على طفل
وفي قول بعض الحكماء: «لا تستشيروا معلما ولا راعي غنم ولا كثير القعود مع النساء» .
وقالوا: «لا تدع أم صبيك تضربه، فإنه أعقل منها وإن كانت أسن منه» .
وقد سمعنا في المثل: «أحمق من راعي ضأن ثمانين» .
.
.
---وذكر رجل من القرشيين عبد الملك بن مروان، وعبد الملك يومئذ غلام، فقال: «إنه لآخذ بأربع، وتارك لأربع: آخذ بأحسن الحديث إذا حدث، وبأحسن الاستماع إذا حدّث، وبأيسر المئونة إذا خولف، وبأحسن البشر إذا لقي وتارك لمحادثة اللئيم، ومنازعة اللجوج، ومماراة السفيه، ومصاحبة المأفون» .
وذم بعض الحكماء رجلا فقال: «يحزم قبل أن يعلم، ويغضب قبل أن يفهم» .
وقال عمر بن الخطاب رحمه الله في بعض رسائله إلى قضاته: «الفّهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك» .ولا يمكن تمام الفهم إلا مع تمام فراغ البال.
وقال مجنون بني عامر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبي فارغا فتمكنا
.
.
---وقال بعض الحكماء: إذا رغبت في المكارم، فاجتنب المحارم.
.
.
---وقال عمر بن الخطاب رحمه الله: إذا توجه أحدكم في وجه ثلاث مرات فلم يصب خيرا فليدعه.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا تكوننّ كمن يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ينهي ولا ينتهي، ويأمر الناس بما لا يأتي، يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم، ويبغض المسيئين وهو منهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه، ولا يدعها في طول حياته.
وقال أعرابي: خرجت حين انحدرت أيدي النجوم وشالت أرجلها، فلم أزل أصدع الليل حتى أنصدع الفجر.
قال: وسألت أعرابيا عن مسافة ما بين بلدين فقال: عمر ليلة، وأديم يوم. وقال آخر: سواد ليلة، وبياض يوم.
وقال بعض الحكماء: لا يضرّك حب إمرأة لا تعرفها.
وقال رجل لأبي الدرداء: فلان يقرئك السلام. فقال: هدية حسنة، ومحمل خفيف.
وسرق مزبّد نافجة مسك فقيل له: إن كل من غلّ يأتي يوم القيامة بما غل، يحمله في عنقه، فقال: إذا والله أحملها طيبة الريح، خفيفة المحمل
.
.
---قال سمعت عبد الملك بن صالح يوصي ابنه وهو أمير سرية ونحن ببلاد الروم، فقال له: أنت تاجر الله لعباده، فكن كالمضارب الكيّس، الذي إن وجد ربحا تجر، وإلا احتفظ برأس المال. ولا تطلب الغنيمة حتى تحرز السلامة. وكن من إحتيالك على عدوك أشدّ خوفا من إحتيال عدوك عليك.
وقال بعض الحكماء: لا تصطنعوا إلى ثلاثة معروفا: اللئيم فإنه بمنزلة الأرض السبخة، والفاحش فإنه يرى أن الذي صنعت إليه إنما هو لمخافة فحشه، والأحمق فإنه لا يعرف قدر ما أسديت إليه. وإذا اصطنعت إلى الكرام فازدرع المعروف واحصد الشكر.
قال: وواضع المعروف في غير أهله كالمسرج في الشمس، والزارع في السبخ.
ومثله البيت السائر في الناس:
ومن يصنع المعروف في غير أهله ... يلاق الذي لاقى مجير أمّ عامر
وقالوا: من لم يعرف سوء ما يولي لم يعرف حسن ما يولي.
وقال الأبادي صاحب الصرح، الذي إتخذ سلما لمناجاة الرب، وهو الذي كان يقول: «مرضعة وفاطمة. القطيعة والفجيعة، وصلة الرحم وحسن الكلم.
زعم ربكم ليجزين بالخير ثوابا، وبالشر عقابا. وإن من في الأرض عبيد لمن في السماء. هلكت جرهم وربلت أياد «1» ، وكذلك الصلاح والفساد. من رشد فاتبعوه، ومن غوى فارفضوه. كل شاة برجلها معلقة» .
وإياه يعني الشاعر بقوله:
ونحن أياد عبيد الاله ... ورهط مناجيه في السلم
ونحن ولاة حجاب العتيق ... زمان الرعاف على جرهم
.
.
---وذكر بعض الحكماء أعاجيب البحر وتزيد البحرين، فقال: البحر كثير العجائب، وأهله أصحاب زوائد، فأفسدوا بقليل الكذب كثير الصدق، وأدخلوا ما لا يكون في باب ما قد يكاد يكون، فجعلوا تصديق الناس لهم في غرائب الأحاديث سلّما إلى إدعاء المحال.
وقال بعض العرب: «حدث عن البحر ولا حرج، وحدث عن بني إسرائيل ولا حرج، وحدث عن معن ولا حرج» .
وجاء في الحديث: «كفى بالمرء حرصا ركوبه البحر» .
وكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، يصف له البحر فقال:
«يا أمير المؤمنين، البحر خلق عظيم، يركبه خلق صغير، دود على عود» .
وقال الحسن رحمه الله: «إملاء الخير خير من الصمت، والصمت خير من إملاء الشر» .
وقال بعضهم: مروا الأحداث بالمراء، والكهول بالفكر، والشيوخ بالصمت.
عبد الله بن شداد قال: «أرى داعي الموت لا يقلع، وأرى من مضى لا يرجع. لا تزهدنّ في معروف، فإن الدهر ذو صروف. وكم من راغب قد كان مرغوبا إليه، وطالب أصبح مطلوبا إليه. والزمان ذو الوان، ومن يصحب الزمان يرى الهوان. وإن غلبت يوما على المال فلا تغلبن على الحيلة على حال. وكن أحسن ما تكون في الظاهر حالا، أقل ما تكون في الباطن مالا» .
.
.
---جهم بن حسان السليطي قال: قال رجل للأحنف: دلني على حمد بلا مرزئة. قال: الخلق السّجيح، والكف عن القبيح. ثم اعلموا إن أدوى الداء اللسان البذيء، والخلق الرديء.
وقال محمد بن حرب الهلالي: قال بعض الحكماء: لا يكوننّ منكم المحدث لا ينصت له، ولا الداخل في سر اثنين لم يدخلاه فيه، ولا الآتي الدعوة لم يدع إليها، ولا الجالس المجلس لا يستحقه. ولا الطالب الفضل من أيدي اللئام، ولا المتعرّض للخير من عند عدوه، ولا المتحمق في الدالة( الدالة: ما تدل به على حميمك.).
قالوا: قل النبي صلّى الله عليه وسلّم في معاوية: «للهم علّمه الكتاب والحساب، وقه العذاب» .
.
.
---وقال الحسن: إن لله ترائك في خلقه، لولا ذلك لم ينتفع النبيون وأهل الإنقطاع إلى الله بشيء من أمر الدنيا: وهي الأمل، والآجل، والنسيان.
وقال مطرّف بن عبد الله لأبنه: يا بني لا يلهينّك الناس عن نفسك، فإن الأمر خالص إليك دونهم. إنك لم تر شيئا هو أشد طلبا ولا أسرع دركا من توبة حديثة لذنب قديم.
وفي الحديث أن أبا هريرة مر بمروان وهو يبني داره، فقال يا أبا عبد القدوس، ابن شديدا وأمل بعيدا، وعش قليلا وكل خضما، والموعد الله.
قال: كان عمرو بن خولة، أبو سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص- وأمه خولة من المسامعة- وكان ناسكا يجتمع إليه القراء والعلماء يوم الخميس.
وقال الشاعر فيه:
وأصبح زورك زور الخميس ... إليك كمرعية وارده
وقال الآخر في ابن سيرين:
فأنت بالليل ذئب لا حريم له ... وبالنهار على سمت ابن سيرين
وقال ابن الأعرابي: قال بعض الحكماء: لا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك.
قال: وصلى محمد بن المنكدر ، على عمران بقرة، فقيل له في ذلك، فقال: إني لأستحي من الله أن أرى أن رحمته تعجز عن عمران بقرة.
وقال محمد بن يسير:
كأنه قد قيل في مجلس ... قد كنت آتيه وأغشاه
محمد صار إلى ربه ... يرحمنا الله وإياه
.
.
---وقال بعض الحكماء: «صاحب من ينسى معروفه عندك، ويتذكر حقوقك عليه» :
وقال منقر بن فروة المنقريّ:
وإن خفت من أمر فواتا فوله ... سواك وعن دار الأذى فتحوّل
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ... ففي صالح الأخلاق نفسك فاجعل
ونظر أبو الحارث جمين إلى برذون يستقي عليه الماء، فقال:
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه لو هملج هذا البرذون لم يجعل للرواية.
وأنشد:
لا خير في كلّ فتى نؤوم ... لا يعتريه طارق الهموم
وأنشد:
اجعل أبا حسن كمن لم تعرف ... واهجره معتزما وإن لم يخلف
آخ الكرام المنصفين وصلهم ... واقطع مودّة كلّ من لم ينصف
وقال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:
ما زال عصياننا لله يسلمنا ... حتى دفعنا إلى يحيى ودينار
إلى عليجين لم تقطع ثمارهما ... قد طال ما سجدا للشمس والنار
---قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: لا أماري أخي، فأما أن أكذبه وأما أن أغضبه ابن أبي الزناد قال: إذا اجتمعت حرمتان تركت الصغرى للكبرى.
.
.
--وذكر محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، بلاغة بعض أهله فقال: إني لأكره أن يكون مقدار لسانه فاضلا على مقدار علمه، كما أكره أن يكون مقدار علمه فاضلا على مقدار عقله.
وهذا كلام شريف نافع، فاحفظوا لفظه وتدبروا معناه، ثم اعلموا أن المعنى الحقير الفاسد، والدني الساقط، يعشش في القلب ثم يبيض ثم يفرخ، فإذا ضرب بجرانه ومكن لعروقه، استفحل الفساد وبزل، وتمكن الجهل وقرح ، فعند ذلك يقوى داؤه، ويمتنع دواؤه، لأن اللفظ الهجين الردي، والمستكره الغبي، أعلق باللسان، وآلف للسمع، وأشد التحاما بالقلب من اللفظ النبيه الشريف، والمعنى الرفيع الكريم. ولو جالست الجهال والنوكى، والسخفاء والحمقى، شهرا فقط، لم تنق من أوضار كلامهم، وخبال معانيهم، بمجالسة أهل البيان والعقل دهرا، لأن الفساد أسرع إلى الناس، وأشد التحاما بالطبائع. والإنسان بالتعلم والتكلف، وبطول الاختلاف إلى العلماء، ومدارسة كتب الحكماء، يجود لفظه ويحسن أدبه، وهو لا يحتاج في الجهل إلى أكثر من ترك التعلم، وفي فساد البيان إلى أكثر من ترك التخير.
ومما يؤكد قول محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، قول بعض الحكماء حين قيل له: متى يكون الأدب شرا من عدمه؟ قال: إذا كثر الأدب، ونقصت القريحة.
.
.
---قال: وجعل ابن السماك يوما يتكلم، وجارية له حيث تسمع كلامه، فلما انصرف إليها قال لها: كيف سمعت كلامي؟ قالت: ما أحسنه، لولا أنك تكثر ترداده. قال: أردده حتى يفهمه من لم يفهمه. قالت: إلى أن يفهمه من لا يفهمه قد ملّه من فهمه.
عباد بن العوام، عن شعبة عن قتادة قال: مكتوب في التوراة: «لا يعاد الحديث مرتين» .
سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: «إعادة الحديث أشد من نقل الصخر» .
وقال بعض الحكماء: «من لم ينشط لحديثك فارفع عنه مؤونة الاستماع منك» .
.
.
---ومن أمثال العامة: «أحمق من معلم كتّاب» . وقد ذكرهم صقلاب فقال:
وكيف يرجّى الرأي والعقل عند من ... يروح على أنثى ويغدو على طفل
وفي قول بعض الحكماء: «لا تستشيروا معلما ولا راعي غنم ولا كثير القعود مع النساء» .
وقالوا: «لا تدع أم صبيك تضربه، فإنه أعقل منها وإن كانت أسن منه» .
وقد سمعنا في المثل: «أحمق من راعي ضأن ثمانين» .
.
.
---وذكر رجل من القرشيين عبد الملك بن مروان، وعبد الملك يومئذ غلام، فقال: «إنه لآخذ بأربع، وتارك لأربع: آخذ بأحسن الحديث إذا حدث، وبأحسن الاستماع إذا حدّث، وبأيسر المئونة إذا خولف، وبأحسن البشر إذا لقي وتارك لمحادثة اللئيم، ومنازعة اللجوج، ومماراة السفيه، ومصاحبة المأفون» .
وذم بعض الحكماء رجلا فقال: «يحزم قبل أن يعلم، ويغضب قبل أن يفهم» .
وقال عمر بن الخطاب رحمه الله في بعض رسائله إلى قضاته: «الفّهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك» .ولا يمكن تمام الفهم إلا مع تمام فراغ البال.
وقال مجنون بني عامر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبي فارغا فتمكنا
.
.
---وقال بعض الحكماء: إذا رغبت في المكارم، فاجتنب المحارم.
.
.
---وقال عمر بن الخطاب رحمه الله: إذا توجه أحدكم في وجه ثلاث مرات فلم يصب خيرا فليدعه.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا تكوننّ كمن يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ينهي ولا ينتهي، ويأمر الناس بما لا يأتي، يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم، ويبغض المسيئين وهو منهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه، ولا يدعها في طول حياته.
وقال أعرابي: خرجت حين انحدرت أيدي النجوم وشالت أرجلها، فلم أزل أصدع الليل حتى أنصدع الفجر.
قال: وسألت أعرابيا عن مسافة ما بين بلدين فقال: عمر ليلة، وأديم يوم. وقال آخر: سواد ليلة، وبياض يوم.
وقال بعض الحكماء: لا يضرّك حب إمرأة لا تعرفها.
وقال رجل لأبي الدرداء: فلان يقرئك السلام. فقال: هدية حسنة، ومحمل خفيف.
وسرق مزبّد نافجة مسك فقيل له: إن كل من غلّ يأتي يوم القيامة بما غل، يحمله في عنقه، فقال: إذا والله أحملها طيبة الريح، خفيفة المحمل
.
.
---قال سمعت عبد الملك بن صالح يوصي ابنه وهو أمير سرية ونحن ببلاد الروم، فقال له: أنت تاجر الله لعباده، فكن كالمضارب الكيّس، الذي إن وجد ربحا تجر، وإلا احتفظ برأس المال. ولا تطلب الغنيمة حتى تحرز السلامة. وكن من إحتيالك على عدوك أشدّ خوفا من إحتيال عدوك عليك.
وقال بعض الحكماء: لا تصطنعوا إلى ثلاثة معروفا: اللئيم فإنه بمنزلة الأرض السبخة، والفاحش فإنه يرى أن الذي صنعت إليه إنما هو لمخافة فحشه، والأحمق فإنه لا يعرف قدر ما أسديت إليه. وإذا اصطنعت إلى الكرام فازدرع المعروف واحصد الشكر.
قال: وواضع المعروف في غير أهله كالمسرج في الشمس، والزارع في السبخ.
ومثله البيت السائر في الناس:
ومن يصنع المعروف في غير أهله ... يلاق الذي لاقى مجير أمّ عامر
وقالوا: من لم يعرف سوء ما يولي لم يعرف حسن ما يولي.
وقال الأبادي صاحب الصرح، الذي إتخذ سلما لمناجاة الرب، وهو الذي كان يقول: «مرضعة وفاطمة. القطيعة والفجيعة، وصلة الرحم وحسن الكلم.
زعم ربكم ليجزين بالخير ثوابا، وبالشر عقابا. وإن من في الأرض عبيد لمن في السماء. هلكت جرهم وربلت أياد «1» ، وكذلك الصلاح والفساد. من رشد فاتبعوه، ومن غوى فارفضوه. كل شاة برجلها معلقة» .
وإياه يعني الشاعر بقوله:
ونحن أياد عبيد الاله ... ورهط مناجيه في السلم
ونحن ولاة حجاب العتيق ... زمان الرعاف على جرهم
.
.
---وذكر بعض الحكماء أعاجيب البحر وتزيد البحرين، فقال: البحر كثير العجائب، وأهله أصحاب زوائد، فأفسدوا بقليل الكذب كثير الصدق، وأدخلوا ما لا يكون في باب ما قد يكاد يكون، فجعلوا تصديق الناس لهم في غرائب الأحاديث سلّما إلى إدعاء المحال.
وقال بعض العرب: «حدث عن البحر ولا حرج، وحدث عن بني إسرائيل ولا حرج، وحدث عن معن ولا حرج» .
وجاء في الحديث: «كفى بالمرء حرصا ركوبه البحر» .
وكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، يصف له البحر فقال:
«يا أمير المؤمنين، البحر خلق عظيم، يركبه خلق صغير، دود على عود» .
وقال الحسن رحمه الله: «إملاء الخير خير من الصمت، والصمت خير من إملاء الشر» .
وقال بعضهم: مروا الأحداث بالمراء، والكهول بالفكر، والشيوخ بالصمت.
عبد الله بن شداد قال: «أرى داعي الموت لا يقلع، وأرى من مضى لا يرجع. لا تزهدنّ في معروف، فإن الدهر ذو صروف. وكم من راغب قد كان مرغوبا إليه، وطالب أصبح مطلوبا إليه. والزمان ذو الوان، ومن يصحب الزمان يرى الهوان. وإن غلبت يوما على المال فلا تغلبن على الحيلة على حال. وكن أحسن ما تكون في الظاهر حالا، أقل ما تكون في الباطن مالا» .
.
.
---جهم بن حسان السليطي قال: قال رجل للأحنف: دلني على حمد بلا مرزئة. قال: الخلق السّجيح، والكف عن القبيح. ثم اعلموا إن أدوى الداء اللسان البذيء، والخلق الرديء.
وقال محمد بن حرب الهلالي: قال بعض الحكماء: لا يكوننّ منكم المحدث لا ينصت له، ولا الداخل في سر اثنين لم يدخلاه فيه، ولا الآتي الدعوة لم يدع إليها، ولا الجالس المجلس لا يستحقه. ولا الطالب الفضل من أيدي اللئام، ولا المتعرّض للخير من عند عدوه، ولا المتحمق في الدالة( الدالة: ما تدل به على حميمك.).
قالوا: قل النبي صلّى الله عليه وسلّم في معاوية: «للهم علّمه الكتاب والحساب، وقه العذاب» .
.
.
---وقال الحسن: إن لله ترائك في خلقه، لولا ذلك لم ينتفع النبيون وأهل الإنقطاع إلى الله بشيء من أمر الدنيا: وهي الأمل، والآجل، والنسيان.
وقال مطرّف بن عبد الله لأبنه: يا بني لا يلهينّك الناس عن نفسك، فإن الأمر خالص إليك دونهم. إنك لم تر شيئا هو أشد طلبا ولا أسرع دركا من توبة حديثة لذنب قديم.
وفي الحديث أن أبا هريرة مر بمروان وهو يبني داره، فقال يا أبا عبد القدوس، ابن شديدا وأمل بعيدا، وعش قليلا وكل خضما، والموعد الله.
قال: كان عمرو بن خولة، أبو سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص- وأمه خولة من المسامعة- وكان ناسكا يجتمع إليه القراء والعلماء يوم الخميس.
وقال الشاعر فيه:
وأصبح زورك زور الخميس ... إليك كمرعية وارده
وقال الآخر في ابن سيرين:
فأنت بالليل ذئب لا حريم له ... وبالنهار على سمت ابن سيرين
وقال ابن الأعرابي: قال بعض الحكماء: لا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك.
قال: وصلى محمد بن المنكدر ، على عمران بقرة، فقيل له في ذلك، فقال: إني لأستحي من الله أن أرى أن رحمته تعجز عن عمران بقرة.
وقال محمد بن يسير:
كأنه قد قيل في مجلس ... قد كنت آتيه وأغشاه
محمد صار إلى ربه ... يرحمنا الله وإياه
.
.
---وقال بعض الحكماء: «صاحب من ينسى معروفه عندك، ويتذكر حقوقك عليه» :
وقال منقر بن فروة المنقريّ:
وإن خفت من أمر فواتا فوله ... سواك وعن دار الأذى فتحوّل
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ... ففي صالح الأخلاق نفسك فاجعل
ونظر أبو الحارث جمين إلى برذون يستقي عليه الماء، فقال:
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه لو هملج هذا البرذون لم يجعل للرواية.
وأنشد:
لا خير في كلّ فتى نؤوم ... لا يعتريه طارق الهموم
وأنشد:
اجعل أبا حسن كمن لم تعرف ... واهجره معتزما وإن لم يخلف
آخ الكرام المنصفين وصلهم ... واقطع مودّة كلّ من لم ينصف
وقال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:
ما زال عصياننا لله يسلمنا ... حتى دفعنا إلى يحيى ودينار
إلى عليجين لم تقطع ثمارهما ... قد طال ما سجدا للشمس والنار
---قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: لا أماري أخي، فأما أن أكذبه وأما أن أغضبه ابن أبي الزناد قال: إذا اجتمعت حرمتان تركت الصغرى للكبرى.
.
.