الكاتب / ابراهيم بن أحمد الشريف المصدر شبكة الالوكة الشرعية ...
منذ 2021-07-11
الكاتب / ابراهيم بن أحمد الشريف
المصدر شبكة الالوكة الشرعية
الانقياد المنافي للترك
الانقياد هو المحك الحقيقي للإيمان، وهو المظهر العملي له وتحقيق هذا أن يقبل العبد ما شرعه الله تعالى، ويترك ما نهى عنه، وذلك هو حقيقة الإسلام، وهو أن يسلم ويستسلم بقلبه وجوارحه لله تعالى، وينقاد له بالتوحيد والطاعة.
إن المسلم لا يكتفي بالتلفظ بـ«لا إله إلا الله» فقط، بل يعلم أنها توجب عليه القيام بعبادة الله وحده، واتباع أوامره واجتناب نواهيه، والإخلاص له في ذلك، وطلب رضاه، فإن هذا الانقياد والانصياع لأمر الله هو حقيقة معنى العبادة.
العبادة هي الطاعة التي لا تردد فيها محبة وذلًّا وخوفًا ورجاءً وطمعًا فيما عند الله، فالانقياد هو الخضوع والتسليم والإذعان والاستسلام لكل ما تقتضيه «لا إله إلا الله»؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾ [الزمر: 54].
وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [لقمان: 22]؛ يقول ابن كثير رحمه الله: في تفسيره لهذه الآية: يقول تعالى مخبرًا عمن أسلم وجهه لله؛ أي: أخلص له العمل وانقاد لأمره، واتبع شرعه، ولهذا قال: ﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾؛ أي: في عمله باتباع ما به أمر، وترك ما عنه زجَر، ﴿ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾؛ أي: فقد أخذ موثقًا من الله متينًا أنه لا يُعذبه))[1].
وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: ((ثم أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم؛ أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف، بخلاف مسائل الإجماع، فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسنة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض، ثم لا يكفي ذلك حتى يسلموا لحكمه تسليمًا، بانشراح صدر وطمأنينة نفس، وانقياد بالظاهر والباطن.
فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان، فمن استكمل هذه المراتب وكمَّلها، فقد استكمل مراتب الدين كلها)) [2].
ومن لوازم الانقياد: قبول شرع الله وترك ما سواه من الشرائع والقوانين الوضعية المخالفة لرب البرية، والاحتكام لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر، وقَبول شرعه وحكمة بدون حرجٍ في الصدر مع كمال التسليم.
ويقسم الله سبحانه بذاته العليَّة أنه لا يؤمن مؤمن حتى يحكم رسول صلى الله عليه وسلم في أمره كله، ثم يمضي راضيًا بحكمه، مسلمًا بقضائه، ليس في صدره حرج منه، ولا في نفسه تلجلجٌ في قَبوله: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾، هذا هو شرط الإيمان. قال الشيخ عبدالله آل جار الله: ((أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾؛ أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف بخلاف مسائل الإجماع، فإنها لا تكون إلا مستندة إلى الكتاب والسنة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق من نفوسهم، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر وطمأنينة نفس وانقياد في الظاهر والباطن))[3].
ومن لوازم الانقياد: أن يصرف العبد العبادة بجميع أنواعها الظاهرة والباطنة لله عز وجل، فلا يذبح إلا لله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يستعين إلا بالله، ولا ينذر إلا لله، ولا يخضع إلا لله، ولا يحلف إلا بالله، ولا يطوف ببيت إلا ببيت الله الحرام، ولا يحب إلا لله، ولا يبغض إلا في الله، ولا يتوكل إلا على الله، ولا يرجو إلا الله ولا يركع، ولا يسجد إلا لله.
ومما سبق يتضح أن:
1) «لا إله إلا الله» تقتضي الانقياد التام الكامل لله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر، واتباع هديه، واقتفاء أثره، والتسليم لحكمه، والرضا به مع انتفاء الحرج من الصدر.
2) «لا إله إلا الله» تقتضي الانقياد لله جل وعلا في قبول شرع الله ورفض ما سواه.
3) فالحلال ما أحله الله، والحرام ما حرَّمه الله، والدين ما شرعه الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4) «لا إله إلا الله» تقتضي محبة المؤمنين ونصرتهم وتأييدهم، مع الإخلاص لله تعالى، والمتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، مع كمال الحب لله تعالى، وكمال الذل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير (ص1065).
[2] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص185).
[3] تذكرة المسلمين باتباع سيد المرسلين (ص32-31) الشيخ عبدالله آل جار الله.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/139027/#ixzz70JswBkmG
المصدر شبكة الالوكة الشرعية
الانقياد المنافي للترك
الانقياد هو المحك الحقيقي للإيمان، وهو المظهر العملي له وتحقيق هذا أن يقبل العبد ما شرعه الله تعالى، ويترك ما نهى عنه، وذلك هو حقيقة الإسلام، وهو أن يسلم ويستسلم بقلبه وجوارحه لله تعالى، وينقاد له بالتوحيد والطاعة.
إن المسلم لا يكتفي بالتلفظ بـ«لا إله إلا الله» فقط، بل يعلم أنها توجب عليه القيام بعبادة الله وحده، واتباع أوامره واجتناب نواهيه، والإخلاص له في ذلك، وطلب رضاه، فإن هذا الانقياد والانصياع لأمر الله هو حقيقة معنى العبادة.
العبادة هي الطاعة التي لا تردد فيها محبة وذلًّا وخوفًا ورجاءً وطمعًا فيما عند الله، فالانقياد هو الخضوع والتسليم والإذعان والاستسلام لكل ما تقتضيه «لا إله إلا الله»؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾ [الزمر: 54].
وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [لقمان: 22]؛ يقول ابن كثير رحمه الله: في تفسيره لهذه الآية: يقول تعالى مخبرًا عمن أسلم وجهه لله؛ أي: أخلص له العمل وانقاد لأمره، واتبع شرعه، ولهذا قال: ﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾؛ أي: في عمله باتباع ما به أمر، وترك ما عنه زجَر، ﴿ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾؛ أي: فقد أخذ موثقًا من الله متينًا أنه لا يُعذبه))[1].
وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: ((ثم أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم؛ أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف، بخلاف مسائل الإجماع، فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسنة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض، ثم لا يكفي ذلك حتى يسلموا لحكمه تسليمًا، بانشراح صدر وطمأنينة نفس، وانقياد بالظاهر والباطن.
فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان، فمن استكمل هذه المراتب وكمَّلها، فقد استكمل مراتب الدين كلها)) [2].
ومن لوازم الانقياد: قبول شرع الله وترك ما سواه من الشرائع والقوانين الوضعية المخالفة لرب البرية، والاحتكام لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر، وقَبول شرعه وحكمة بدون حرجٍ في الصدر مع كمال التسليم.
ويقسم الله سبحانه بذاته العليَّة أنه لا يؤمن مؤمن حتى يحكم رسول صلى الله عليه وسلم في أمره كله، ثم يمضي راضيًا بحكمه، مسلمًا بقضائه، ليس في صدره حرج منه، ولا في نفسه تلجلجٌ في قَبوله: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾، هذا هو شرط الإيمان. قال الشيخ عبدالله آل جار الله: ((أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾؛ أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف بخلاف مسائل الإجماع، فإنها لا تكون إلا مستندة إلى الكتاب والسنة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق من نفوسهم، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر وطمأنينة نفس وانقياد في الظاهر والباطن))[3].
ومن لوازم الانقياد: أن يصرف العبد العبادة بجميع أنواعها الظاهرة والباطنة لله عز وجل، فلا يذبح إلا لله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يستعين إلا بالله، ولا ينذر إلا لله، ولا يخضع إلا لله، ولا يحلف إلا بالله، ولا يطوف ببيت إلا ببيت الله الحرام، ولا يحب إلا لله، ولا يبغض إلا في الله، ولا يتوكل إلا على الله، ولا يرجو إلا الله ولا يركع، ولا يسجد إلا لله.
ومما سبق يتضح أن:
1) «لا إله إلا الله» تقتضي الانقياد التام الكامل لله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر، واتباع هديه، واقتفاء أثره، والتسليم لحكمه، والرضا به مع انتفاء الحرج من الصدر.
2) «لا إله إلا الله» تقتضي الانقياد لله جل وعلا في قبول شرع الله ورفض ما سواه.
3) فالحلال ما أحله الله، والحرام ما حرَّمه الله، والدين ما شرعه الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4) «لا إله إلا الله» تقتضي محبة المؤمنين ونصرتهم وتأييدهم، مع الإخلاص لله تعالى، والمتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، مع كمال الحب لله تعالى، وكمال الذل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير (ص1065).
[2] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص185).
[3] تذكرة المسلمين باتباع سيد المرسلين (ص32-31) الشيخ عبدالله آل جار الله.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/139027/#ixzz70JswBkmG