خطبة عن صفات المنافقين في القرآن الكريم والسنة النبوية نسوق إليكم هنا خطبة جمعة مباركة، يكشف من ...
منذ 2022-07-20
خطبة عن صفات المنافقين في القرآن الكريم والسنة النبوية
نسوق إليكم هنا خطبة جمعة مباركة، يكشف من خلالها الشيخ محمود بن أحمد الدوسري عن صفات المنافقين التي تناولتها آيات كتاب ربنا عز وجل، وما أوضحته أحاديث نبينا ﷺ.
الحمد لله الحليم الغفار، العزيز الجبار، والصلاة والسلام على النبي المختار، وآله وصحبه ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد: فقد اشتد خوف الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم من الصالحين من النفاق؛ حتى كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- إذا فرغ من التشهد في الصلاة يتعوذ بالله من النفاق، ويكثر التعوذ منه، فقال له أحدهم: وما لك يا أبا الدرداء أنت والنفاق؟ فقال: "دعنا عنك، دعنا عنك، فوالله إن الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة، فيخلع منه".
وقال ابن أبي مليكة -رحمه الله-: "أدركت ثلاثين من أصحاب النبي -ﷺ- كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل" ~ (رواه البخاري).
وقال ابن القيم -رحمه الله-: "تالله لقد ملئت قلوب القوم إيمانا ويقينا، وخوفهم من النفاق شديد، وهمهم لذلك ثقيل، وسواهم كثير منهم لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، وهم يدعون أن إيمانهم كإيمان جبريل وميكائيل".
عباد الله: جاء ذكر المنافقين والمنافقات في القرآن والسنة في مواضع عديدة، تبين صفاتهم، وتحذر المؤمنين منهم، ومن أخلاقهم، حتى أفرد الله ﷻ سورة خاصة بهم، فمن أهم صفاتهم: مرض القلب، قال ﷻ: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) ~ [البقرة: ١٠]، قال ابن القيم -رحمه الله-: "قد نهكت أمراض الشبهات والشهوات قلوبهم فأهلكتها، وغلبت القصود السيئة على إراداتهم ونياتهم فأفسدتها".
ومن صفاتهم: الطمع الشهواني، قال سبحانه: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) ~ [الأحزاب: ٣٢]، والمرض هنا: هو شهوة الزنا، قال السعدي -رحمه الله-: "القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله مرض الشبهات الباطلة، ومرض الشهوات المردية؛ فالكفر والنفاق والشكوك والبدع كلها من مرض الشبهات، والزنا ومحبة الفواحش والمعاصي وفعلها من مرض الشهوات، والمعافى من عوفي من هذين المرضين".
ومن صفاتهم: التكبر والاستكبار، قال الله ﷻ: (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون) ~ [المنافقون: ٥] أي: صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكبارا عن ذلك، واحتقارا لما قيل.
ومن صفاتهم: الاستهزاء بآيات الله، والاستهزاء بالمؤمنين، قال الله ﷻ: (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون) ~ [التوبة: ٦٤]، وقال سبحانه:(وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون) ~ [البقرة: ١٤]، قال ابن القيم -رحمه الله-: "لكل منهم وجهان: وجه يلقى به المؤمنين، ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين. وله لسانان: أحدهما يقبله –بظاهره- المسلمون، والآخر يترجم به عن سره المكنون".
ومن صفاتهم: صد الناس عن الإنفاق، قال ﷻ: (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون) ~ [المنافقون: ٧].
ومن صفاتهم: أنهم سفهاء، ويرمون المؤمنين بالسفه، قال ﷻ: (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) ~ [البقرة: ١٣].
ومن صفاتهم: موالاة الكافرين، قال ﷻ: (بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما * الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) ~ [النساء: ١٣٨-١٣٩].
ومن صفاتهم: التربص بالمؤمنين، قال ﷻ: (الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين) ~ [النساء: ١٤١]، فهم ينتظرون الحالة التي تصيرون عليها، وتنتهون إليها من خير أو شر، قد أعدوا لكل حالة جوابا بحسب نفاقهم.
ومن صفاتهم: مخادعة الله -وهم المخدوعون- والكسل في العبادات، قال ﷻ: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا) ~ [النساء: ١٤٢] يخادعون الله بما أظهروه من الإيمان، وأبطنوه من الكفران؛ ظنوا أنه يروج على الله، والحال أن الله ﷻ خادعهم.
ومن صفاتهم: التذبذب والتردد، قال ﷻ: (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) ~ [النساء: ١٤٣]، فهم متحيرون في دينهم، قال رسول الله -ﷺ-: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين؛ تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة" ~ (رواه مسلم)، والعائرة: المترددة الحائرة لا تدري لأيهما تتبع.
ومن صفاتهم: التحاكم إلى الطاغوت، قال ﷻ: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به) ~ [النساء: ٦٠]، قال ابن القيم -رحمه الله-: "إن حاكمتهم إلى صريح الوحي وجدتهم عنه نافرين، وإن دعوتهم إلى حكم كتاب الله وسنة رسوله -ﷺ- رأيتهم عنه معرضين".
ومن صفاتهم: الإفساد بين المؤمنين، قال ﷻ: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم) ~ [التوبة: ٤٧].
ومن صفاتهم: الحلف الكاذب، والخوف والجبن والهلع، قال ﷻ: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون * لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون) ~ [التوبة: ٥٦-٥٧]، وقال ﷻ: (يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم) ~ ؛ لأنهم جبناء.
ولا يفوتكم أيضًا هنا: خطبة عن الدروس المستفادة من الهجرة النبوية
الحمد لله…
أيها المسلمون: ومن صفات المنافقين: يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رجالا من المنافقين في عهد رسول الله -ﷺ- كانوا إذا خرج النبي -ﷺ- إلى الغزو تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله -ﷺ-، فإذا قدم النبي -ﷺ- اعتذروا إليه، وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت:(لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب) ~ [آل عمران: ١٨٨](رواه مسلم).
ومن صفاتهم: يعيبون العمل الصالح، قال ﷻ:(الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم) ~ [التوبة: ٧٩]، فإن تصدق أحد بمال جزيل قالوا: "هذا مراء"، وإن تصدق بشيء يسير قالوا: "إن الله لغني عن صدقته".
ومن صفاتهم: الرضا بأسافل المواضع، قال ﷻ: (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين) ~ [التوبة: ٨٦]، رضوا لأنفسهم بالعار، والقعود في البلد مع النساء.
ومن صفاتهم: الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف) ~ [التوبة: ٦٧].
ومن صفاتهم: كره الجهاد، والتخلف عنه، قال ﷻ: (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر) ~ [التوبة: ٨١].
ومن صفاتهم: التخذيل والإرجاف، قال ﷻ: (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) ~ [الأحزاب: ١٢].
ومن صفاتهم: تأخير الصلاة عن وقتها، قال رسول الله -ﷺ-: "تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا" ~ (رواه مسلم)، قال ابن القيم -رحمه الله-: "يؤخرون الصلاة عن وقتها الأول؛ فالصبح عند طلوع الشمس، والعصر عند الغروب، وينقرونها نقر الغراب، إذ هي صلاة الأبدان، لا صلاة القلوب".
ومن صفاتهم: التخلف عن صلاة الجماعة، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "من سره أن يلقى الله غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن… ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق" ~ (رواه مسلم).
ومن صفاتهم: البذاءة والبيان، قال النبي -ﷺ-: "الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق" ~ (صحيح، رواه الترمذي)، قال الترمذي -رحمه الله-: "والعي: قلة الكلام، والبذاء: هو الفحش في الكلام، والبيان: هو كثرة الكلام؛ مثل هؤلاء الخطباء الذين يخطبون فيوسعون في الكلام، ويتفصحون فيه، من مدح الناس فيما لا يرضي الله".
ومن أبرز صفات المنافق؛ كما قال النبي -ﷺ-: "إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" ~ (رواه البخاري ومسلم).
نسوق إليكم هنا خطبة جمعة مباركة، يكشف من خلالها الشيخ محمود بن أحمد الدوسري عن صفات المنافقين التي تناولتها آيات كتاب ربنا عز وجل، وما أوضحته أحاديث نبينا ﷺ.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الحليم الغفار، العزيز الجبار، والصلاة والسلام على النبي المختار، وآله وصحبه ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد: فقد اشتد خوف الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم من الصالحين من النفاق؛ حتى كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- إذا فرغ من التشهد في الصلاة يتعوذ بالله من النفاق، ويكثر التعوذ منه، فقال له أحدهم: وما لك يا أبا الدرداء أنت والنفاق؟ فقال: "دعنا عنك، دعنا عنك، فوالله إن الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة، فيخلع منه".
وقال ابن أبي مليكة -رحمه الله-: "أدركت ثلاثين من أصحاب النبي -ﷺ- كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل" ~ (رواه البخاري).
وقال ابن القيم -رحمه الله-: "تالله لقد ملئت قلوب القوم إيمانا ويقينا، وخوفهم من النفاق شديد، وهمهم لذلك ثقيل، وسواهم كثير منهم لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، وهم يدعون أن إيمانهم كإيمان جبريل وميكائيل".
عباد الله: جاء ذكر المنافقين والمنافقات في القرآن والسنة في مواضع عديدة، تبين صفاتهم، وتحذر المؤمنين منهم، ومن أخلاقهم، حتى أفرد الله ﷻ سورة خاصة بهم، فمن أهم صفاتهم: مرض القلب، قال ﷻ: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) ~ [البقرة: ١٠]، قال ابن القيم -رحمه الله-: "قد نهكت أمراض الشبهات والشهوات قلوبهم فأهلكتها، وغلبت القصود السيئة على إراداتهم ونياتهم فأفسدتها".
ومن صفاتهم: الطمع الشهواني، قال سبحانه: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) ~ [الأحزاب: ٣٢]، والمرض هنا: هو شهوة الزنا، قال السعدي -رحمه الله-: "القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله مرض الشبهات الباطلة، ومرض الشهوات المردية؛ فالكفر والنفاق والشكوك والبدع كلها من مرض الشبهات، والزنا ومحبة الفواحش والمعاصي وفعلها من مرض الشهوات، والمعافى من عوفي من هذين المرضين".
ومن صفاتهم: التكبر والاستكبار، قال الله ﷻ: (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون) ~ [المنافقون: ٥] أي: صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكبارا عن ذلك، واحتقارا لما قيل.
ومن صفاتهم: الاستهزاء بآيات الله، والاستهزاء بالمؤمنين، قال الله ﷻ: (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون) ~ [التوبة: ٦٤]، وقال سبحانه:(وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون) ~ [البقرة: ١٤]، قال ابن القيم -رحمه الله-: "لكل منهم وجهان: وجه يلقى به المؤمنين، ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين. وله لسانان: أحدهما يقبله –بظاهره- المسلمون، والآخر يترجم به عن سره المكنون".
ومن صفاتهم: صد الناس عن الإنفاق، قال ﷻ: (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون) ~ [المنافقون: ٧].
ومن صفاتهم: أنهم سفهاء، ويرمون المؤمنين بالسفه، قال ﷻ: (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) ~ [البقرة: ١٣].
ومن صفاتهم: موالاة الكافرين، قال ﷻ: (بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما * الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) ~ [النساء: ١٣٨-١٣٩].
ومن صفاتهم: التربص بالمؤمنين، قال ﷻ: (الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين) ~ [النساء: ١٤١]، فهم ينتظرون الحالة التي تصيرون عليها، وتنتهون إليها من خير أو شر، قد أعدوا لكل حالة جوابا بحسب نفاقهم.
ومن صفاتهم: مخادعة الله -وهم المخدوعون- والكسل في العبادات، قال ﷻ: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا) ~ [النساء: ١٤٢] يخادعون الله بما أظهروه من الإيمان، وأبطنوه من الكفران؛ ظنوا أنه يروج على الله، والحال أن الله ﷻ خادعهم.
ومن صفاتهم: التذبذب والتردد، قال ﷻ: (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) ~ [النساء: ١٤٣]، فهم متحيرون في دينهم، قال رسول الله -ﷺ-: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين؛ تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة" ~ (رواه مسلم)، والعائرة: المترددة الحائرة لا تدري لأيهما تتبع.
ومن صفاتهم: التحاكم إلى الطاغوت، قال ﷻ: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به) ~ [النساء: ٦٠]، قال ابن القيم -رحمه الله-: "إن حاكمتهم إلى صريح الوحي وجدتهم عنه نافرين، وإن دعوتهم إلى حكم كتاب الله وسنة رسوله -ﷺ- رأيتهم عنه معرضين".
ومن صفاتهم: الإفساد بين المؤمنين، قال ﷻ: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم) ~ [التوبة: ٤٧].
ومن صفاتهم: الحلف الكاذب، والخوف والجبن والهلع، قال ﷻ: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون * لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون) ~ [التوبة: ٥٦-٥٧]، وقال ﷻ: (يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم) ~ ؛ لأنهم جبناء.
ولا يفوتكم أيضًا هنا: خطبة عن الدروس المستفادة من الهجرة النبوية
الخطبة الثانية:
الحمد لله…
أيها المسلمون: ومن صفات المنافقين: يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رجالا من المنافقين في عهد رسول الله -ﷺ- كانوا إذا خرج النبي -ﷺ- إلى الغزو تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله -ﷺ-، فإذا قدم النبي -ﷺ- اعتذروا إليه، وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت:(لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب) ~ [آل عمران: ١٨٨](رواه مسلم).
ومن صفاتهم: يعيبون العمل الصالح، قال ﷻ:(الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم) ~ [التوبة: ٧٩]، فإن تصدق أحد بمال جزيل قالوا: "هذا مراء"، وإن تصدق بشيء يسير قالوا: "إن الله لغني عن صدقته".
ومن صفاتهم: الرضا بأسافل المواضع، قال ﷻ: (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين) ~ [التوبة: ٨٦]، رضوا لأنفسهم بالعار، والقعود في البلد مع النساء.
ومن صفاتهم: الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف) ~ [التوبة: ٦٧].
ومن صفاتهم: كره الجهاد، والتخلف عنه، قال ﷻ: (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر) ~ [التوبة: ٨١].
ومن صفاتهم: التخذيل والإرجاف، قال ﷻ: (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) ~ [الأحزاب: ١٢].
ومن صفاتهم: تأخير الصلاة عن وقتها، قال رسول الله -ﷺ-: "تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا" ~ (رواه مسلم)، قال ابن القيم -رحمه الله-: "يؤخرون الصلاة عن وقتها الأول؛ فالصبح عند طلوع الشمس، والعصر عند الغروب، وينقرونها نقر الغراب، إذ هي صلاة الأبدان، لا صلاة القلوب".
ومن صفاتهم: التخلف عن صلاة الجماعة، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "من سره أن يلقى الله غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن… ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق" ~ (رواه مسلم).
ومن صفاتهم: البذاءة والبيان، قال النبي -ﷺ-: "الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق" ~ (صحيح، رواه الترمذي)، قال الترمذي -رحمه الله-: "والعي: قلة الكلام، والبذاء: هو الفحش في الكلام، والبيان: هو كثرة الكلام؛ مثل هؤلاء الخطباء الذين يخطبون فيوسعون في الكلام، ويتفصحون فيه، من مدح الناس فيما لا يرضي الله".
ومن أبرز صفات المنافق؛ كما قال النبي -ﷺ-: "إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" ~ (رواه البخاري ومسلم).