أخي الشاب كن عفيفًا ولا تتطلع بعينك إلى الحرام عندما نسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم «وَشَابٌّ ...

منذ 2022-09-06
أخي الشاب كن عفيفًا ولا تتطلع بعينك إلى الحرام
عندما نسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم «وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ» فليس المقصود أنه جلس في زاوية في مسجد يتعبد، أو قعد في بيته يصلي ويقرأ القرآن، أو أمسك مسبحة وقعد يعد عليها قدر ما يذكر الله تعالى.. ولا نقصد أيضا أنه تخلى عن الحياة الدنيا وفارقها وهجر أهلها ومعتركها لأجل الفوز بالآخرة.


وإنما نعني العبادة بمعناها الصحيح، وهي: كل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، العبادة التي يستعمل فيها جسمه وروحه ووقته وماله وما أنعم الله به عليه في مرضاة ربه وخالقه، وبذلك استحق أن يظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.


عندما نقول «وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ» فإننا نقصد ذلك الطالب في مدرسته وفي جامعته يطلب العلم لينفع نفسه ودينه وأمته، فالعلم من أعظم أنواع العبادة، نقصد ذلك البار بوالديه يسعى في إرضائهما لينال بذلك رضا ربه ومولاه، نقصد ذلك الأب الشاب الذي يسعى لتربية أبنائه وصغار إخوانه، ونفع أمته، نقصد ذلك الذي خرج يسعى لطلب رزق يكفي به نفسه، أو ينفق على عياله أو والدين كبيرين، أو زوجة وأطفال صغار.

إنه شاب وفَّقَهُ الله منذ نَشأ للأعمال الصالحة، وحبَّبها إليه، وكَرَّه إليه الأعمال السيئة، وأعانه على تركها: إما بسبب تربية صالحة، أو رِفْقة طيبة، أو غير ذلك؛ وقد حفظه الله ممَّا نشأ عليه كثيرٌ من الشباب من اللهو واللَّعب، وإضاعة الأوقات والصلوات والواجبات، والانهماك في الشهوات والملذَّات، وقد أثنى الله على فتية الكهف بقوله: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [الكهف:13].
إن الشاب الذي نشأ في عبادة الله هو ذلك الجندي في الميدان، والتاجر في السوق، والفلاح في المزرعة، والطبيب في المستشفى، والمهندس والعامل في المصنع، والعضو الصحيح في المجتمع، وهو الذي إذا دعي إلى الخير أجاب ولبّى، وإذا سمع الشر أو رآه سعى لنصح مرتكبيه باللسان والكتابة باليد، وإن كان ممن يقع عليه الإنكار باليد ويستطيع ذلك فإنه يقوم به خير قيام، فإن فقد القدرة والنصير من البشر كان منكراً له بقلبه إن لم يستطع بلسانه.

لقد علم أنه مسؤولٌ عن شبابه فيما أبلاه، فعمل بوصية نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها؛ فاغْتَنِم شبابَه قبل هَرَمِه، وفراغَه قبل شغله، وحياتَه قبل موته، وصحتَه قبل سقمه، وغِنَاه قبل فَقْره.
فهنيئا لهذا الشاب الذي ملك شهوته، وغلب صبوته، وأحسن نشأته، إكرام الله له وحفظه إياه وتوفيقه له.

هنيئا لمن تعلّق قلبه بعبادة ربه منذ نشأ، واعتاد المساجد لتأدية الصلوات المكتوبة، وللجلوس في مجالس الخير، وعمل الصالحات، وقراءة القرآن وذكر الله، والسعي في طلب رضا الله.

هنيئا لمن هداه الله إلى الطريق الصحيح السليم منذ بداياته وألزمه طاعته؛ فإن من تعوّد الطاعة في صغره كان أقدر عليها في كبره، ومن أتبع نفسه هواها وقاده الشيطان بزمام الشباب إلى الذنوب والمهالك، ندم حين يشيخ ولات ساعة مندم، ومن تاب تاب الله عليه ولكن شتان بين الفريقين.
فجدير بشاب هذا شأنه أن يكون آمناً إذا فزع الناس أجمعون، وأن يظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» وذكر منهم «وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ»
شباب نشأ في طاعة الله وليست له صبوة، مستقيم، يمشي في طريق الله من البداية، يمشي في نور الله من البداية، فهذا نقول له: هنيئًا لك، حافظ على نفسك، وحافظ على شبابك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَزولُ قدما ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ خمسٍ عنْ عُمُرهِ فيما أفناهُ وعنْ شبابِهِ فيما أبلاهُ وعنْ مالِهِ مِنْ أينَ اكتسبَهُ وفيما أنفقهُ وماذا عمِلَ فيما عَلِمَ».

ستُسأل عن مرحلة الشباب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اغتنم خمسًا قبل خمس؛ شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وحياتك قبل موتك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك».

فلابد وأن تغتنم الوقت، ونفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فلا تضيع وقتك فيما لا يفيدك، واستثمر أوقات فراغك، ودائمًا اشغل نفسك بالحق، اشغل نفسك بحفظ القرآن، اشغل نفسك بتعلم لغات مختلفة، خذ دورات فيما يفيد.

المهم ألا تضيع حياتك هدراً، ولأن حديثي إلى الشباب، وندر أن تجد أحداً يوجه رسالة للشباب، ومرحلة الشباب من سن ستة عشر سنة إلى خمسة وثلاثين سنة، فلا تضيع وقتك؛ لأن شباب اليوم يعاني من سُعار الشهوات، اليوم الأفلام والمسلسلات والمسرحيات تلعب على وتر الغريزة الجنسية، حتى وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا كلها تداعب الغرائز الجنسية، يعني أمر لا حياء فيه، وقاحة، لدرجة أني بدأت أشعر أن هناك خطة وحملة مسعورة على الشباب المسلم؛ لتحويلهم إلى مجموعة من الشهوانيين، لا هم لهم إلا شهوة البطن وشهوة الفرج.

فهل من عودة إلى الله؟ أخي الشاب العفيف، وصيتي إليك أن تغض بصرك عن الحرام، وصيتي إليك أن تواظب على صيام الاثنين والخميس، لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي قال هذا، قال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ» يعني: وقاية.

أخي الشاب في مرحلة الدراسة الجامعية إذا لم تكن قادراً على الزواج فصم، وإذا كنت تشعر بالرغبة في الزواج وليس لديك الاستطاعة فصم لله تعالى؛ لأن الصيام يخفف من حدة الشهوات، وابتعد عن المثيرات، سواء مواقع إباحية، أو رفقة سيئة، أو فرضت عليك الخلوة في مكان لا يراك فيه أحد، فلا تقعد وحدك، اقعد دائمًا مع مجموعة، مع ثلاثة أشخاص، شرط أن يكونوا صالحين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن العيش بمكان لا جليس معك.

فماذا قال النبي؟ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ».
وقال : «الرَّاكِبُ شَيطانٌ، والرَّاكِبانِ شَيطانانِ، والثَّلاثةُ رَكبٌ»

نهي الشاب عن المبيت وحده

فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن مبيت الرجل وحده في بيته، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: «نَهي عن الوَحدةِ، أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده».
قال المناوي: «أن يبيت الرجل» ومثله المرأة "وحده" أي في دار ليس فيها أحد.
وعلى هذا، فأقل أحوال ذلك الكراهة، وقد نص عليها فقهاء الحنابلة، فينبغي لهذا الرجل حينئذ أن يبحث عمن يبيت معه، أو من يبيت عنده، ولا إثم عليه في المبيت وحده.

لماذا حذر النبي من النوم وحيداً؟

فلقد حذَّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من الوَحدةِ والانفرادِ، وخاصَّةً حيثُ يُظنُّ الخَطَرُ على المُنفرِدِ، وفي هذا الحديثِ يروي عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: «أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن الوَحدةِ» وهي الانفِرادُ دون وُجودِ أحَدٍ مع الشَّخصِ «أنْ يَبيتَ الرَّجُلُ وحدَه» في بيتٍ أو غيرِه.
لعلَّ النَّهيَ لما يتولَّدُ له من الوَحشةِ؛ ولأنَّه قد يحتاجُ في اللَّيلِ إلى غيرِه؛ لطارِقٍ يطرُقُه من مَرَضٍ أو لِصٍّ أو استيحاشٍ، والمرأَةُ في ذلك مِثلُ الرَّجُلِ، وهو أيضا إشفاقٌ على الواحدِ مِن الشَّياطينِ؛ لأنَّه وقتُ انتشارِهم وأذاهم للبشَرِ بالتَّمثيلِ لهم، وما يُفزِعُهم ويُدخِلُ في قُلوبِهم الوَساوسَ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على اجتِماعِ الناسِ ومُؤانَسَتِهم لبعضِهم، كما أن فيه: حِرصُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على حِفظِ المُسلِمِ من أنواعِ الضَّرَرِ والأذى، حيث نَهَى عنِ الوْحدَةِ: أنْ يبيتَ الرجلُ وحدَهُ.
حين يقدر الله لك أن تعيش في مسكن بعيداً عن أهلك لفترة، فالأفضل أن تحرص أن يسكن معك ثلاثة أشخاص، وبذلك يبتعد الشيطان عنك بفضل الله، لأنه حين تعيش وحدك تأتيك الهواجس الشيطانية، وتتحرك الغرائز الجنسية، فحاول تسكن في مسكن مع ثلاثة أشخاص على الأقل، وهذا يكون أفضل لإبعاد وساوس الشيطان عنك.

فحافظ على عفتك، وحافظ على حيائك، وحافظ على عافيتك، وكن عفيفًا، واحذر من مصاحبة النساء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ»
المرأة فتنة، فتنة في جمال صوتها، في جمال وجهها، في جمال جسدها.
والمرأة لا تصلح إلا أن تكون زوجة أو أما أو أختا أو ابنة، لأن أختك هي شرفك وحياتك، وأمك هي باب الجنة، «الزم قدم الأم فثَمَّ الجنة» وزوجتك هي حبيبتك وأم أولادك.
أما أن يتخذ الإنسان عشيقةً أو أن تتخذ الفتاة عشيقًا، فهذا نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا ليس من صفات النساء المحصنات العفيفات؛ قال الله تعالى: ﴿وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ [النساء:25]، المرأة لا تتخذ صديقًا لها غير زوجها.
أخي الشاب وفي النهاية كُن عفيفًا ولا تكن ملاعبًا للنساء، حافظ على نفسك، وأبشر فإن الطيبات للطيبين، فكما كنت طيباً، فالله تعالى سيرزقك زوجة عفيفة حَيِّيّة طيبة مثلك.
وبالله التوفيق.
د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي
كتاب وصايا الشباب
  • 0
  • 0
  • 20

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً