خطبة جمعة مكتوبة بعنوان: المواظبة على الطاعات بعد شهر الصيام والقيام. للتنويه والتذكير بما يجب على ...

خطبة جمعة مكتوبة بعنوان: المواظبة على الطاعات بعد شهر الصيام والقيام. للتنويه والتذكير بما يجب على المسلم أن ينتبه له بعد وداع شهر رمضان المبارك.

الخطبة الأولى


الحمد للهِ القائمِ على كل نفسٍ بما كسبت الرقيبِ على كل جارحةٍ بما اجترحت المطلعِ على ضمائرِ القلوبِ إذا هَجَسَت الذى لا يَعزُبُ عن علمِه مثقالُ ذرةٍ في السمواتِ والأرضِ تحرّكَت أو سكنَت المتفضلِ بقَبولِ طاعاتِ العبادِ وإن صغُرت المتفضلِ بالعفوِ عن من معاصيهم وإن كثرت... فسبحانَ من عمَّت نعمتُه كافةَ العبادِ وشملت ووسعت رحمتُه كلَّ شيءٍ وغَمَرت.

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له جلَّت قدرتُه وعظُمت.

وأشهدُ أن سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا محمدا عبدُه ورسولُه ، اللهم صلِّ وسلم وأنعمْ وأكرمْ وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى ءالِه وصحبِه ما تحرَّكت الألسنةُ بذلك ونطَقت.

عبادَ اللهِ : أوصيكم ونفسيْ بتقوى اللهِ العظيم، اتَّقوا الله فإنّ تقواه أفضلُ مكتَسَبٍ، "يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" (ءال عمران: 102).... واعلموا أن اللهَ تعالى يقولُ في القرءانِ الكريم:" وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ " (البقرة:284). فاللهَ اللهَ عبادَ الله.

إخوةَ الإيمانِ والإسلامِ: مرّ الفضيلُ بنُ عياضٍ برجلٍ فقال له: كمْ أتتْ عليك؟ قال: ستونَ سنةً قال: فأنتَ منذُ ستينَ سنةً تسيرُ إلى ربِّكَ توشِكُ أن تبلُغَ فقالَ الرجلُ: يا أبا عليٍّ إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعون قال له الفضيلُ: تعلمُ ما تقولُ؟ قالَ الرجلُ قلتُ إنا لله وإنا إليه راجعون قالَ الفضيلُ: تعلمُ ما تفسيرُها؟ قال الرجلُ: فسِّرْهُ لنا يا أبا علي قال: قولُك إنا لله أي أنا لله عبدٌ، وإنا إليه راجعون أي أنا إلى اللهِ راجعٌ، فمن علِم أنه عبدُ اللهِ وأنه إليه راجعٌ فليعلمْ بأنه موقوفٌ ومن علِمَ بأنّه موقوفٌ فليعلَمْ بأنه مسؤولٌ ومن علِمَ أنه مسؤولٌ فليعدَّ للسؤالِ جوابًا فقال الرجلُ فما الحيلةُ؟ قال: يسيرٌ، قال: ما هي؟ قال: تُحسِنُ فيما بقيَ يُغفَرْ لك ما مضَى وما بقي، فإنّك إن أسأْتَ فيما بقيَ أُخذتَ بما مضى وما بقي.... فإياكَ أخي المسلمَ، أن تُسيئَ فيما بقيَ من عمركَ، إياكَ أن تبتِعدَ عن طاعةِ اللهِ تعالى بحجةِ أن رمضان انسلخَ وانتهى، فاللهُ تباركَ وتعالى يقولُ: "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" (الحجر:99) ، أي داومْ على عبادةِ الله تعالى حتى يأتيَكَ الموت، وليسَ حتى ينتهيَ رمضان!! فلا تكنْ ممن يصلي في رمضانَ ويتركُ بعدَه، ولا ممن يصومُ شهرَ رمضانَ فحسب، ويتركُ صيامَ النوافلِ كستة أيامٍ من شوال، ولا ممن يُقبِلُ على قراءةِ القرءانِ قراءةً صحيحةً في رمضانَ ويغْفُلُ عنه بعد رمضانَ، ولا ممن يقبلُ على الصدقةِ في رمضانَ ويتركُها بعده، وكأنهُ يريدُ الراحةَ!! أي راحةٍ هذه؟! فلا راحةَ بالابتعادِ عن طاعةِ الله تعالى.

فيا أخي المسلم ، هي أيامٌ أو ساعاتٌ أو دقائقُ أو أقلُّ تمضي على كلِّ واحدٍ منّا ثمّ ينتهي به الأمرُ إلى القبرِ. تُرى أليسَ الكيّسُ من دانَ نفسَه وعمِلَ لِما بعد الموتِ؟...

بلى واللهِ

أليس الكيّسُ الفطِنُ الذكيُّ هو الذي حاسَبَ نفسَه في هذه الدنيا قبلَ أن يُحاسَبَ في الآخرة ِ؟

بلى واللهِ

فالغفلةُ لا تنفَعُ ، ومتاعُ الدنيا قليلٌ. فكم هي عظيمةٌ فرحةُ العبدِ المؤمنِ الصالحِ بما قام به من الخيراتِ في رمضانَ، فقد قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ". فيفرحُ الصائمُ يومَ القيامةِ عندما يلاقي الجزاءَ والثوابَ من اللهِ تعالى. وهذا للصائمِ الذي صام فقُبِل صيامُه بأن جاءَ بأسبابِ القَبولِ، وليس للجائعِ الذي أخبرَ عنه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بقولِهِ: "وربَّ صائمٍ حظُّهُ من صيامِهِ الجوعُ والعَطَشُ".

وقد رُوي عن سيدِنا عليٍّ رضي اللهُ عنه أنه كان ينادي في آخرِ ليلةٍ من شهرِ رمضان: "يا ليتَ شعري من هذا المقبول فنُهنّيهِ ومن هذا المحرومُ فنعزّيهِ، أيها المقبولُ هنيئا لك، أيها المردودُ جبرَ اللهُ مصيبتَك".

نسألُ اللهَ تعالى أن يجعَلَنا من المقبولين.

أخي المسلم: تذكرْ أن العبرةَ بالخواتيمِ، العبرةَ بالحالِ التي تموتُ عليها، فإن كانت حسنةً فزتَ وربحتَ، وإن كانت سيئةً خبتَ وخسرتَ، فهذا عكرمةُ ابنُ أبي جهل قاتلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في غزوة بدرٍ وفي أحد وفي غزوةِ الخندق ويومَ فتحِ مكة، حتى خرج هاربا لما دخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم فاتحًا لمكة، فلحقت به زوجتُهُ وأعطتهُ الأمانَ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فرجعَ فلما دخل على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مرحبًا بالرَّاكبِ المُهاجرِ" وكان عكرمةُ بعد ذلك إذا فتح المصحفَ يغشى عليهِ من هيبةِ كلامِ الله تعالى، وكانَ يضعُ المصحفَ على وجهِهِ ويقبِّلهُ ويقول: كلامُ ربي ما أحلاهُ، كلامُ ربّي ما أحلاه. ويومَ معركةِ اليرموكِ يأتي سيدنا عكرمةُ رضي الله عنه، فيخرجُ سيفَهُ من غِمدِهِ، ويكسرُ الغِمدَ أي بيتَ السيف، حتى لا ينتفعَ به أحدٌ من المشركين، ثم يقولُ رضي الله عنهُ: "من يبايعني على الموت؟" فيقولُ له سيدُنا خالدُ بنُ الوليد رضي الله عنه: يا عكرمةُ ارفُقْ بنفسِكَ، فيقولُ له سيدنا عكرمةُ رضي الله عنه: يا خالدُ إليكَ عني أنت كانت لك سابقةٌ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أما أنا فقد كنتُ أُقاتِلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الآنَ أعجِزُ عن قتالِ الروم!! لا والذي نجّاني يومَ بدرٍ، ثم قال: من يبايُعُني على الموت؟ فبايعهُ أربعُمائةِ رجلٍ تقريبا، فقاتلَ قتالَ الأبطالِ حتى استُشهِدَ وقد وجدوا في جسدِه بضعًا وسبعين طعنةً مقبلا غيرَ مدبر، كان يقاتلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ولكنْ خاتمتُه كانت أن ماتَ شهيدا رضي الله عنه فالعبرةُ بالخواتيم، فلا يضحكنّ الشيطانُ عليك ويغريكَ بما فعلت من صلواتٍ وصدَقاتٍ وقراءةِ قرءانٍ في رمضانَ، فيجرُّكَ إلى تركِ ذلك بعد رمضان؛ بل حَافِظْ أخي المسلم عَلَى صَلَاتِك، وَاجْتَهِدْ فِي عِبَادَتِك، وَنَوِّرْ بِتِلَاوَةِ الْقُرْءانِ تلاوةً صحيحةً قلبكَ وَبيتَكَ، وَأَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِكَ، لترضيَ اللهَ تعالى خالقكَ ، وتفوزَ بالجنةِ في ءاخِرَتِكَ.

نسأل اللهَ تبارك وتعالى أن يتقبلَ صيامنَا وقيامَنا، وسائرَ طاعاتِنا، وأن يُحسِنَ ختامَنا هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم.

وهذه أيضًا خطبة من موقع المزيد.كوم؛ بعنوان: خطبة ماذا بعد رمضان مكتوبة ومؤثرة

الخطبة الثانية


الحمدُ للهِ لهُ النعمةُ وله الفضلُ وله الثناءُ الحَسَنُ والصلاةُ والسلامُ على سيدنَا محمدٍ سيدِ البشرِ.

عبادَ اللهِ اتقوا اللهَ وأطيعوهُ.

أمَّا بعدُ.. عبادَ اللهِ: روى البخاريُّ في صحيحِهِ عَنْ السيدةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: "أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ". وَلَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَمِلَ عَمَلًا ‌أَثْبَتَهُ (أَيْ: وَاظَبَ عَلَيْهِ)، وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ‌"يَا ‌مُصَرِّفَ ‌الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي ‌عَلَى ‌طَاعَتِكَ" فَاسْتَثْمِرُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ مَا بَقِيَ مِنْ عمُركُم فِي طَاعَةِ رَبِّكُمْ، فإنما الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا وهذه أيامُ شوالٍ مقبلَةٌ إلينا، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول:" مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ"؛ لأن الحسنةَ بعشرِ أمثالِها فرمضانُ ثلاثون يوما، تضاعف إلى ثلاثِمائةِ يوم، وهي عشرةُ أشهرٍ تقريبا، والستةُ من شوالٍ تضاعف إلى ستينَ يوما، وهي شهرانِ؛ فيكونُ كصيامِ السنةِ.

نسألُ اللهَ تعالى أن يثبِّتَنا على طاعتِهِ، إنه على كل شيءٍ قديرٌ وبعبادِه لطيفٌ خبيرٌ.

عِبَادَ اللهِ : إِنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيْمٍ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ الكَرِيمِ فَقَالَ: "إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلونَ على النبيِّ يا أيُّهَا الذينَ ءامَنُوا صَلُّوا عَليهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" لبيكَ اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ في العالمينَ إنكَ حميدٌ مجيدٌ.


  • اللهمّ اغفر للمسلمينَ والمسلماتِ والمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهم والأموات.

  • اللهم اجعلنا من الصابرين القانتين القائمين العابدين.

  • اللهم ارفعِ البلاءَ والأمراضَ عنِ المسلمينَ، وَفَرِّجْ عَنَّا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ.

  • اللهم فَرِّجِ الكَرْبَ عَنِ الأَقْصَى يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ، واحفظْ فيه المسلمينَ المرابطين.

  • لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِيْنَ.

  • اللهمّ أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ، أنتَ الغنيُّ ونَحنُ الفقراءُ.

  • اللهم فرج كروبنا واستر عيوبنا وأذهب همومنا يا رب العالمين.

  • اللهمّ أغِث قلوبَنا بالإيمانِ واليقين.

  • اللهم اجعلْ هذا البلدَ آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمينَ.

  • اللهم وَفِّقْ مَلِكَ البلادِ لِمَا فيه خيرُ البلادِ والعبادِ يا ربَّ العالمينَ ارزقْهُ البطانَةَ الصالحةَ التي تأمرُهُ بالمعروفِ وتنهاهُ عنِ المنكرِ.



عبادَ اللهِ:" إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القربى وينهى عنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظكُمْ لعلكم تذكرونَ ...