حشد الجماهير وبدأت مؤسسات الدولة في كل مدينة وقرية وشارع يحشدون الجماهير لحضور يوم الزينة في ...

منذ 2017-08-12
حشد الجماهير
وبدأت مؤسسات الدولة في كل مدينة وقرية وشارع يحشدون الجماهير لحضور يوم الزينة في العاصمة(1)﴿ وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ ﴾ الشعراء:41،وهذا الحشد للناس غايته، هو شدّ أزر هؤلاء السّحرة، وإلقاء الرعب في قلب موسى بهذه الحشود الضخمة التي تتربص به، وتنتظر الهزيمة له، لتسخر منه أو لتفتك به !.
ويظهر من التعبير حركة الإثارة والتحميس للجماهير بقولهم: «هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ، لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ؟» هل لكم في التجمع وعدم التخلف عن الموعد، لنترقب فوز السحرة وغلبتهم على موسى الإسرائيلي الذي يزعم أن له إله غير فرعون !
وهكذا استطاع فرعون ونظامه حشد عدداً كبيراً من المصريين ومازال الحشد مستمراً، فكلما زاد العدد تحمس السحرة ونشطوا لإرضاء فرعون وإرضاء مشجعيهم، وهزم موسى نفسياً قبل أن تبدأ المباراة؛ فهو وحيد وسط هذه الحشود الضخمة !
وكذلك ليضمن الدعاية الكافية - في حالة انتصار السحرة – أن فرعون الإله لا يهزم أبداً، فيحقق السطو الفكري على عقول العامة، ويضمن لنفسه الحكم لعقود جديدة دون أدنى احتمال للتمرد أو ظهور موسى جديد !
ولعل هذه هي أهم أسباب حرص فرعون على جمع هذه الحشود من الجماهير.
التضليل الإعلامي
وبما أن هناك جزءاً من الشعب المصري قد لا تشغله المباريات والحفلات وأمثال هذه الأمور فقد حرص فرعون على استدعائه بطريقة أخرى؛ وهي إذاعة الأخبار الكاذبة وترويجها، حتى إذا سمعوها ثاروا وانتفضوا وتحركوا، فأذاعت أذرع فرعون الإعلامية أن موسى وهارون ﴿ .. يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى ﴾ طه:63؛ والغرض الواضح من هذه الرسالة هو تحريض الشعب ضد موسى وهارون.
فالإعلام الفرعوني لم يكتفِ بعدم الحياد والبعد عن المهنية عندما أمر الشعب بالنزول لإتباع السحرة إن كانوا هم الغالبين وفقط، بل اتبع سياسة قلب الحقائق ونشر الشبهات لتضليل الرأي العام، فاستغلوا ارتباط البسطاء من الشعب المصري بأرض مصر ونيلها، وخوفهم من إعادة حكم الغرباء – تجربة الهكسوس - فنشروا أكذوبة أن موسى يسعى للاستيلاء على الأرض والوطن ليهيمن على مقاليد الأمور فيها، ويبسط نفوذه وسلطانه هو وعشيرته من بني إسرائيل، بعدما يقصى المصريين ويخرجهم من أراضيهم !
واستمرت هذه الحملة التحريضية إلى أن ردد الشعب كلامهم ﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ﴾ سورة يونس: 78.
وقد سبق وأن قال فرعون هذه المقولة لموسى عندما تناظرا في قصره فقال له: ﴿ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى ﴾ طه:57، ثم قالها لحاشيته ووزرائه المقربين منه ﴿ قَالَ لِلْملأ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عليمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ الشعراء:35، ثم رددها الملأ في اجتماعاتهم وندواتهم ولقاءاتهم الجماهيرية والإعلامية ﴿ قَالَ الملأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عليمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾ الأعراف:110، ثم نشروها بين الناس ﴿ قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ طه:64.
وهكذا يَكذب فرعون الكَذِبة، ويرددها نظامه، وتلوكها أذرعه الإعلامية صباحاً ومساءً، إلى أن يصدقهم الشعب المسكين وتثار حميته لا لإلوهية فرعون المهددة بدين موسى الجديد؛ وإنما دفاعاً عن مصالحهم الاقتصادية المهددة بالانهيار إذا أُخرجوا من أرضهم كما يريد موسى!
فاستطاع فرعون بإعلامه أن يدخل الشعب كله في معادلة ليسوا طرفاً فيها، بعدما غرس فيهم بذور العداء والانتقام من هذين الساحرين "موسى وهارون"؛ بالرغم أن موسى لم يطلب سوى إخراج أهله من بني إسرائيل لرفع الظلم عنهم، ولكنها كما قلت سياسة تضليل الرأي العام.
الاستعداد ليوم الزينة
والآن انتهت أجهزة الدولة من استثارة فضول الجماهير واستنفارهم لحضور هذا اليوم، واستعداء بعضهم على رسالة موسى؛ والآن بدءوا يهيئون الساحة التي ستتسع لكل هذه الحشود الغفيرة من الجماهير، وإعداد مكان آمن يجلس فيه فرعون وزوجته آسية وكبار رجال الدولة، كما أعدوا مكاناً مخصصاً لمعدات السحرة(1) من عصىّ وحبال ومكاناً واسعاً ليستطيعوا أن يقفوا فيه ويعرضوا فقراتهم السحرية بوضوح.
وقد لخص القرآن كل ما قاله فرعون وما أشار به الملأ من قومه، وما دار بينه وبين السحرة من تشجيع وتحميس ووعد بالمكافأة، وما فكر فيه وما دبر هو ومستشاروه في قوله ﴿ فتولى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى﴾ طه:60.

5790110a908f2

  • 0
  • 0
  • 33

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً