"جهاد" الإخوان والسرورية في سبيل الديموقراطية. "الإخوان والسرورية لا يؤتمنون على الجهاد". إن ...

منذ 2024-08-18
"جهاد" الإخوان والسرورية في سبيل الديموقراطية.
"الإخوان والسرورية لا يؤتمنون على الجهاد".


إن أغلب الفصائل المسلحة الموجودة في ساحة الشام اليوم، ومثلها ما كان موجودا في ساحة العراق سابقا إنما تستقي فكرها ومنهجها بطريقة أو بأخرى من حركة "الإخوان المسلمين"، أو من تيار "السرورية" بوصفه النسخة السعودية المعدلة من الحركة، مهما حاولت هذه الفصائل أن تزعم الابتعاد عنها، وقامت بانتقاد منهجها.

وبالرجوع إلى فكر تلك الحركة المنحرفة ومعرفة منهجها، يمكننا تفسير الانحرافات في مناهج الكثير من الفصائل، والتي يعجز حتى أنصارها عن فهم سبب انتكاساتها المفاجئة بالنسبة لهم، ولعل في الانحرافات التي ظهرت من الفصائل خلال "مؤتمر الرياض" وعلى رأسها إقرارهم بالديموقراطية، والدولة المدنية، وغيرها من الكفريات، بعد سنوات من الزعم بأن غاية "جهادهم" هو تطبيق الشريعة الإسلامية مثالًا مناسبًا للبحث.

"منهج (حسن البنا) و(سعيد حوى) لا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم"

يعتبر (سعيد حوى) واحدا من رموز "الإخوان المسلمين" في العالم كله، لا لكونه كان "المراقب العام للإخوان في سوريا" فحسب، بل لكونه أهم منظريهم خلال ربع القرن الماضي، وواضعا لبعض المناهج التي تدرس في حلقاتهم وأُسرهم على مستوى العالم، ومن خلال كتاباته يمكننا استخلاص البعض من أهم أسس النظرية السياسية عند "الإخوان المسلمين"، وهذه الأسس هي:

1- الديموقراطية:
موضحا أن الديموقراطية هي الأساس الذي ينبغي أن يقوم عليه نشاطهم، يقول (سعيد حوى) "إننا نحذر أنفسنا وإخواننا من محاربة الديموقراطية العملية، بل نرى أن المطالبة بمزيد من الديموقراطية هو الطريق العملي لانتصار الإسلام على أرض الإسلام، وقد فطن أعداؤنا لهذا فاغتالوا الديموقراطية وأوجدوا ديكتاتوريات وبدائل، وغفل الكثيرون من أبناء الإسلام عن الإيجابيات التي تقدمها لنا الديموقراطية، ونظروا إلى المسألة في إطارها النظري العقدي، ولم ينظروا في إطار الواقع الذي يقول إنه حيثما كانت الأكثرية فهي التي تحكم، ومبادئها هي التي تسود" [جند الله - تخطيطا، ص 83]، فالطريق إلى "انتصار الإسلام" وفق المنهج الإخواني المنحرف هو المطالبة بالمزيد من الديموقراطية، بغض النظر عندهم عن الجانب العقدي المتمثل في كونها أحد صور الشرك بالله، وأن من يمارس هذا الشرك أو يعين عليه أو يدعو إليه أو يرضى به يكون مشركا بالله تعالى، فالمهم عندهم ما يظنونه من "منافع" هذه الوسيلة الشركية من أنها ستؤدي إلى انتصار حركتهم الذي يسميه هذا الضال المضل "انتصار الإسلام"، بناء على أن المسلمين هم الأكثرية في "البلدان الإسلامية" وبالتالي إذا جرت انتخابات فإن هؤلاء "المسلمين" سينجحون في إيصال من يريدون لتحقيق الأغلبية في البرلمانات، وعن طريق هذه "الأغلبية البرلمانية" يمكن فرض تطبيق الشريعة، وهذه النظرية السياسية الفاشلة هي التي تحكم كل تحركات الإخوان في كل مكان منذ تأسيس حركتهم، ومنذ أيام مؤسسها (حسن البنا)، الذي رشح نفسه لانتخابات "المجلس النيابي" مرتين، انسحب من الأولى بسبب ترهيبه أو ترغيبه من قبل رئيس الحكومة (النحاس باشا)، فيما خسر في الثانية، متّهماً الإنكليز ورئيس الحكومة (أحمد ماهر) بتزوير الانتخابات.

وبناء على هذا الأساس نفهم طبيعة صراع "الإخوان المسلمين" في مصر اليوم مع الطاغوت (عبد الفتاح السيسي)، حيث فقد الآلاف من أنصارهم حيواتهم، وغيب منهم عشرات الألوف في السجون، وهم ليس عندهم إلا المطالبة بعودة الديموقراطية، وإزالة "حكم العسكر"، وغيرها من الشعارات التي ليس فيها ذكر لشريعة أو دين.

2- احترام قوانين الطواغيت والعمل من خلالها:
الأساس الآخر لعمل "الإخوان المسلمين" يتمثل في أن عملها يكون في إطار طاعة قوانين الطواغيت والخضوع لها، وعدم مخالفة هذه القوانين، وبالتالي لا يكون الخروج على هؤلاء الطواغيت، ومخالفة قوانينهم إلا في حالة التهديد باستئصال حركتهم تماما من قبل الطواغيت، وفي هذا يقول (سعيد حوى): "إننا ندعو الإسلاميين في كل مكان في العالم إلى أن تبقى حركتهم ضمن القانون، وأن يطوروا وجودهم وحركتهم عبر القانون، ويجب أن يعرف العالم أن خطتنا السياسية لتحقيق أهدافنا لا تقوم على أساس ثورة في كل قطر، بل نحن نعتمد في حركتنا السياسية على نظرية تقول: إننا سنصل إلى كل أهدافنا المحلية والعالمية عبر القانون إذا أعطينا حرية عمل" [جند الله - تخطيطا، ص 124]، وبالتالي يكون "نضال" الإخوان في سبيل إقناع الحكومات الطاغوتية على السماح لهم بالعمل فقط، بناء على ظنهم أن ذلك سيؤدي لانتشارهم وشعبيتهم، واستقطابهم للمزيد من الأتباع، وبالتالي ازدياد قوتهم إلى الحد الذي يمكنهم من الوصول إلى الحكم، عن طريق الديموقراطية، أو عن طريق "الثورة" في حال حاول الطاغوت إضعافهم وكسر شوكتهم.

3- استبعاد قتال الطواغيت إلا في حال سعيهم لاستئصال الحركة:
الأساس الثالث الذي يبني عليه "الإخوان المسلمون"، ومن نهل من فكرهم وعقائدهم وخططهم، هو أن القتال لا يكون إلا إذا أُجبروا عليه من قبل الطواغيت المرتدين أو الكفار الأصليين، وفي ذلك يقول (سعيد حوى): "سرى مفهوم خاطئ أن الجماعات الإسلامية تعد العدة للقتال في كل مكان وهذا ليس صحيحا، إن الحركة الإسلامية الحديثة لا تفكر في القتال إلا في أماكن محدودة لا يكون أمامها من خيار إلا أن تقاتل" [جند الله - تخطيطا، ص33].

وما جرى من محاولات فاشلة لهم للمشاركة في قتال الطواغيت ، كما حدث في الشام، بتطفل قيادة تنظيمهم على الجهاد ضد الطاغوت (حافظ الأسد)، وتقديم أنفسهم أنهم قادة هذا الجهاد، وما حدث في الجزائر بتطفلهم على الجهاد وتشكيلهم "جيش الإنقاذ" وغيره، وادعائهم أيضا قيادة الجهاد في الجزائر، لم يلبثوا أن تراجعوا عنها، ودعوا إلى التصالح مع النظام بشرط فتح المجال أمام عملهم، والعودة إلى الديموقراطية، ومن ثم إلقائهم السلاح إلى الأبد، دون أن يجنوا من محاولاتهم على شيء، بل لم يتحصلوا من الطواغيت حتى على قانون يسهل لهم العودة للنشاط ولو من نقطة الصفر.

4- العلاقة مع الطواغيت يحددها الطواغيت أنفسهم، من خلال نمط تعاملهم مع الحركة، بغض النظر عن كفر هؤلاء الطواغيت وحربهم على المسلمين:
الأساس الرابع لـ "الإخوان المسلمين" هو أن الأنظمة الطاغوتية هي التي تحدد شكل علاقة الإخوان بهم، فيقول (سعيد حوى): "الأنظمة بالنسبة للحركة الإسلامية الحديثة مختلفة، فهناك نظام لا نفكر في أن نتعامل معه إلا في حدود النصيحة، وهناك نرغب أن نتعامل معه في حدود القانون، وهناك أنظمة يفترض علينا أن نقاتلها، فهناك حالات يكون القتال فيها على المسلم فرض عين، على أنه حتى في هذه الحالات فقد لا نقاتل لموانع قدرتها الشريعة".

كما حدث معهم أيام الطاغوت (الملك فاروق) حيث كانت العلاقة الحسنة بين (حسن البنا) وكل من (الملك فاروق) ورؤساء حكومته المتعددين هي الغالبة، رغم كفرهم وعمالتهم للإنكليز، ولم تكن تتوتر إلا عند محاولتهم الضغط على "الإخوان المسلمين" أو تقييد حركتهم، ومنعهم من إصدار جريدتهم.

وبناء على ما سبق يمكننا إدراك حقيقة النظرية السياسية للإخوان في باب التعامل مع الطواغيت، والتي تقوم على استجداء الطواغيت مساحة للعمل لا أكثر، وخروجهم عن هذه القاعدة هو الحالة الشاذة، التي يسعون بعدها للعودة إلى الحالة الأصلية، أي العمل من داخل أنظمة الطواغيت، بعد أخذ الإذن منهم، أو دفعهم للسماح لهم بحرية العمل، وبما أن النظام الديموقراطي يؤمن لهم حرية العمل من جهة ويقربهم من الصليبيين من جهة أخرى فإنهم يسعون دائما لسيادته رغم علمهم بأنه نظام مضاد للشريعة الإسلامية التي يدعون حرصهم على تطبيقها.

وفي الشام اليوم نجد أن مقررات "مؤتمر الرياض" التي توافقت عليها فصائل الصحوات مع المعارضة العلمانية، لا تخرج أيضا عن هذا الإطار، فإقامة الديموقراطية وفتح المجال أمام العمل السياسي لهذه الفصائل، هما الثمن الذي ترى هذه الفصائل ذات المرجعية الإخوانية أو المرتبطة بالإخوان، أنه الثمن المناسب لكل ما قدم في الشام من خسائر بشرية ومادية خلال السنوات الماضية.

وقد أوضحت الدولة الإسلامية منذ الأيام الأولى لدخول مجاهديها إلى الشام، أنه لا يمكن أن يؤتمن هؤلاء على الجهاد في الشام، وقد عُرفت خيانتهم للمجاهدين في كل الساحات التي دخلوها، فجهاد الطواغيت ليس موجودا في قواميسهم الحركية، ولا يرون في الجهاد أنه وسيلة لتطبيق شرع الله، بل تحولت الديموقراطية التي كانوا يزعمون أنها "وسيلة لانتصار الإسلام" لتصبح هي غايتهم، وصارت غاية جهادهم أن تكون "كلمة الشعب هي العليا" عوض أن تكون كلمة الله هي العليا.

66827433edad6

  • 0
  • 0
  • 18

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً