عبادة الجهاد وغايات المنحرفين • إنّ هذه الانحرافات في مفهوم الجهاد وغيرها إنّما تنشأ من السّبب ...
منذ 2024-09-17
عبادة الجهاد وغايات المنحرفين
• إنّ هذه الانحرافات في مفهوم الجهاد وغيرها إنّما تنشأ من السّبب الذي ذكرناه في البداية، وهو الجهل في غاية الجهاد ووظيفته.
فالجهاد في منظور هؤلاء وسيلةٌ من الوسائل التي يفهمها أهل الدّنيا، لها من القيمة بمقدار ما تحقّقه من الفائدة وتقلّل من التكلفة، فإذا قلّت فائدتها أو زادت تكلفتها وجب استبدالها بوسيلة أجدى في تحقيق غاياتهم، فيكون الجهاد والمنهج الذي يسير عليه - في هذه الحالة - تبعاً للنتيجة المتوقعة منه، فإذا تحقق له النصر والفتح، أعلن أنّ "الجهاد هو الحل"!، وإذا تأخّر النّصر والفتح انقلب على عقبيه، وبحث عن "حلُّ " آخر، بما أن الجهاد عنده هو "أحد الحلول المطروحة " لا أكثر! فكان حاله كما قال الله عزّ وجل فيه: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة)، فهو يتعبّد الله بالجهاد ما أصابه منه خير، فإذا أصابته فتنة في جهاده انقلب على عقبيه.
وهذه الأمثلة نجدها دائماً تظهر في صف المجاهدين، حيث يبرز المنافقون ومن في قلبهم مرضٌ مع كلّ مصيبة تحلّ بالمجاهدين، ومع كل تراجع يحصل معهم ومع كل تأخر في النصر، ليشكّكوا المجاهدين، في جهادهم، ومنهجهم، ودينهم، ويوسوسوا لهم بضرورة تغيير ذلك كلّه أو بعضه لتحقيق النّصر على الأعداء، فإذا ما فتح الله على عباده سكتوا وخنسوا.
أمّا المجاهد الحقّ فإنّه يجاهد طاعة لأمر الله الذي كتب عليه القتال، ولو كان الله أمره باتباع سبيل غيره في مدافعة الكفّار والمنافقين لالتزم بذلك ولم يقاتل مهما رأى في القتال من وسيلة مجدية لتحقيق غاياته، وهو يحرص كلّ الحرص على صحّة جهاده من حيث موافقته لأمر الله عزّ وجلّ، كونه عبادة من العبادات، ويقيّم صحّة هذا الجهاد بمقدار التزامه بضوابط الشّرع، وبمقدار اتّباعه فيه لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ،وصحابته، لا بمقدار ما يتوقعه منه من نتائج، والكلام هنا عن أصل الجهاد والقتال، لا عن أساليبه وإجراءاته التي تخضع لاجتهاد أمراء الجهاد في تقديرهم للطَّريقة الأفضل في قتال العدو والتي تحقق فيه أكبر نكاية وفي المسلمين أقل الخسائر، في إطار ضوابط الشّريعة ولا شك.
فالجهاد من حيث كونه عبادة لا يمكن تقييمه بناءً على ما ينتج منه من منافع أو خسائر ظنّية، وإلا لأمكن لأهل الضّلال تقييم كلّ العبادات بهذا الميزان المنحرف، فإذا كانت الصلاة بالنسبة لفرد ما لا تنهاه عن الفحشاء والمنكر، فترك الصلاة بالكلية - في مقياسهم الفاسد - جائز أو واجبٌ، وإذا كان الصّيام لا ينهاه عن قول الزور والعمل به فالأولى الفطر وترك الصيام، وإذا كانت الزكاة لم تؤد - في نظر أحدهم - إلى تنمية ماله وحفظه وتطهير نفسه، ظنّ أنه جاز له العدول عنها إلى وسيلة أخرى من وسائل تحقيق هذه الغايات التي كان يروجونها من عبادة الزكاة.
بل يجب على المسلم أن ينظر إليها أنّها عبادةٌ بشّر الله من عمل بها مخلصاً محتسباً بأعظم الثواب، وتوعد من تركها بغير عذر شرعيّ بالعذاب الشّديد في الدّنيا والآخرة، بل من ترك العمل بها وهو يرى فيها شرّاً، أو يرى أنّ زمانها انتهى، أو أنّه يسِعه عدم العمل بها بغير عذر شرعيّ فقد خرج من الإسلام بالكلية، بل إن امتنعت طائفة من النّاس بشوكةٍ عن هذه العبادة لأي سبب كان اعتُبرت طائفةً ممتنعة عن شرائع الإسلام وجب قتالها.
• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 7
مقال:
عبادة الجهاد وغايات المنحرفين
• إنّ هذه الانحرافات في مفهوم الجهاد وغيرها إنّما تنشأ من السّبب الذي ذكرناه في البداية، وهو الجهل في غاية الجهاد ووظيفته.
فالجهاد في منظور هؤلاء وسيلةٌ من الوسائل التي يفهمها أهل الدّنيا، لها من القيمة بمقدار ما تحقّقه من الفائدة وتقلّل من التكلفة، فإذا قلّت فائدتها أو زادت تكلفتها وجب استبدالها بوسيلة أجدى في تحقيق غاياتهم، فيكون الجهاد والمنهج الذي يسير عليه - في هذه الحالة - تبعاً للنتيجة المتوقعة منه، فإذا تحقق له النصر والفتح، أعلن أنّ "الجهاد هو الحل"!، وإذا تأخّر النّصر والفتح انقلب على عقبيه، وبحث عن "حلُّ " آخر، بما أن الجهاد عنده هو "أحد الحلول المطروحة " لا أكثر! فكان حاله كما قال الله عزّ وجل فيه: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة)، فهو يتعبّد الله بالجهاد ما أصابه منه خير، فإذا أصابته فتنة في جهاده انقلب على عقبيه.
وهذه الأمثلة نجدها دائماً تظهر في صف المجاهدين، حيث يبرز المنافقون ومن في قلبهم مرضٌ مع كلّ مصيبة تحلّ بالمجاهدين، ومع كل تراجع يحصل معهم ومع كل تأخر في النصر، ليشكّكوا المجاهدين، في جهادهم، ومنهجهم، ودينهم، ويوسوسوا لهم بضرورة تغيير ذلك كلّه أو بعضه لتحقيق النّصر على الأعداء، فإذا ما فتح الله على عباده سكتوا وخنسوا.
أمّا المجاهد الحقّ فإنّه يجاهد طاعة لأمر الله الذي كتب عليه القتال، ولو كان الله أمره باتباع سبيل غيره في مدافعة الكفّار والمنافقين لالتزم بذلك ولم يقاتل مهما رأى في القتال من وسيلة مجدية لتحقيق غاياته، وهو يحرص كلّ الحرص على صحّة جهاده من حيث موافقته لأمر الله عزّ وجلّ، كونه عبادة من العبادات، ويقيّم صحّة هذا الجهاد بمقدار التزامه بضوابط الشّرع، وبمقدار اتّباعه فيه لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ،وصحابته، لا بمقدار ما يتوقعه منه من نتائج، والكلام هنا عن أصل الجهاد والقتال، لا عن أساليبه وإجراءاته التي تخضع لاجتهاد أمراء الجهاد في تقديرهم للطَّريقة الأفضل في قتال العدو والتي تحقق فيه أكبر نكاية وفي المسلمين أقل الخسائر، في إطار ضوابط الشّريعة ولا شك.
فالجهاد من حيث كونه عبادة لا يمكن تقييمه بناءً على ما ينتج منه من منافع أو خسائر ظنّية، وإلا لأمكن لأهل الضّلال تقييم كلّ العبادات بهذا الميزان المنحرف، فإذا كانت الصلاة بالنسبة لفرد ما لا تنهاه عن الفحشاء والمنكر، فترك الصلاة بالكلية - في مقياسهم الفاسد - جائز أو واجبٌ، وإذا كان الصّيام لا ينهاه عن قول الزور والعمل به فالأولى الفطر وترك الصيام، وإذا كانت الزكاة لم تؤد - في نظر أحدهم - إلى تنمية ماله وحفظه وتطهير نفسه، ظنّ أنه جاز له العدول عنها إلى وسيلة أخرى من وسائل تحقيق هذه الغايات التي كان يروجونها من عبادة الزكاة.
بل يجب على المسلم أن ينظر إليها أنّها عبادةٌ بشّر الله من عمل بها مخلصاً محتسباً بأعظم الثواب، وتوعد من تركها بغير عذر شرعيّ بالعذاب الشّديد في الدّنيا والآخرة، بل من ترك العمل بها وهو يرى فيها شرّاً، أو يرى أنّ زمانها انتهى، أو أنّه يسِعه عدم العمل بها بغير عذر شرعيّ فقد خرج من الإسلام بالكلية، بل إن امتنعت طائفة من النّاس بشوكةٍ عن هذه العبادة لأي سبب كان اعتُبرت طائفةً ممتنعة عن شرائع الإسلام وجب قتالها.
• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 7
مقال:
عبادة الجهاد وغايات المنحرفين