ابن تاشفين.. يقضي على الطوائف ويبايع الخليفة القرشي • قبل أن يرجع ابن تاشفين إلى المغرب، اجتمع ...
ابن تاشفين.. يقضي على الطوائف ويبايع الخليفة القرشي
• قبل أن يرجع ابن تاشفين إلى المغرب، اجتمع مرة أخرى بملوك الطوائف، ونصحهم ووعظهم وقال كلمته المشهورة: "أصلحوا نياتكم، تُكفَوا عدوكم"، إلا أنهم أصموا آذانهم عن كل نصيحة، وعادوا لسابق عهدهم، فهاجمهم ألفونسو من جديد، وطالبهم بدفع الجزية له، فساءت أحوال الأندلس، وعادت مثلما كانت قبل معركة الزلّاقة.
تواردت الأخبار إلى ابن تاشفين عن وضع الأندلس وخضوع أمراء الطوائف للصليبيين، فقرر اجتياز البحر للمرة الثالثة، وخلال عام 483 هـ، سار ابن تاشفين بجيشه إلى أن وصل طليطلة (عاصمة ألفونسو) وحاصرها، لم يشارك أمراء الطوائف -هذه المرة- في جيش المرابطين كما في معركتي الزلاقة وحصن لييط، ولم يساندوه ولم يقدموا له المؤن وما يحتاجه، فاضطر ابن تاشفين لرفع الحصار عن طليطلة لنقص مؤونة جيشه، فنقم على ملوك الطوائف، وأحس بخيانتهم، وتأكد أن بعض ملوك الطوائف أحجموا عن جهاد الصليبيين مجاملة لهم، فقرر وضع حد لمهزلة التفرق والتشرذم، وكثرة الطوائف والفصائل، ولم يكن من دافع يدفعه لجهاد هؤلاء بعد أن ظهرت خيانتهم إلا طاعة لله وغيرة على دينه، وشفقة على المسلمين أهالي الأندلس.
ففتح المرابطون -بفضل الله- مدينة غرناطة بعد حصارها شهرين، وأسر المرابطون ملك غرناطة عميل الصليبيين ابن بلقين، واعتقل المرابطون بعدها تميم بن بلقين أمير مالقة.
رجع ابن تاشفين إلى المغرب، وأرسل أربعة جيوش إلى الأندلس في الوقت نفسه للقضاء على من تبقى من ملوك الطوائف، فتمكنت الجيوش الأربع -بفضل الله- من الاستيلاء على قرطبة، ووصلوا إلى ضواحي طليطلة، واستولوا على قلعة رباح وقرمونة، فقرر المعتمد بن عباد الاستعانة بألفونسو لقتال المرابطين، فبعث ألفونسو مؤازراته بقيادة الكونت جوميز معه أربعون ألفا من المشاة وعشرون ألف فارس، فدارت بريف قرطبة معركة كبيرة بين الطرفين، كانت نتيجتها فتح إشبيلية عام 484 هـ، أما ابن عباد، فقد وقع أسيرا حقيرا بيد المجاهدين المرابطين، ولم تغن عنه شيئا جيوش الصليب المجيشة التي استعان بها لقتال المسلمين، وهو القائل بالأمس "لأن أكون راعي إبل بصحراء المغرب عند ابن تاشفين، خير من أن أكون راعي خنازير عند ألفونسو"، قال حكمة كتبت بماء الذهب وعمل بنقيضها، بل ووقع في ناقض من نواقض الإسلام، وظاهر المشركين على المسلمين، فكان مصيره أسيرا ذليلا في أيدي المجاهدين.
وخلال ثمانية عشر شهرا افتتح ابن تاشفين -بفضل الله- مدن الأندلس كلها: غرناطة، مالقة، جيّان، قرطبة، إشبيلية، ألمرية، بلنسية، بطليوس وجزر البليار، وتمكن ابن تاشفين من القضاء على ملوك الطوائف المتناحرة، وتوحيد الأندلس والغرب الإسلامي.
بعد أن قضى ابن تاشفين على ملوك الطوائف أرسل رسالة إلى الخليفة العباسي ببيعته له
ذكر ابن الأثير في الكامل، وابن خلدون في تاريخه، والمقري في نفح الطيب وغيرهم، أن ابن تاشفين بعد أن عزم على القضاء على ملوك الطوائف وتخليص الأمة من شرهم، بعث رسائل إلى الخليفة العباسي في بغداد المستظهر بالله، لإبلاغه ببيعته له، واطلاعه على أحوال الأندلس والمغرب الإسلامي، فعُيّن سلطانا على الغرب الإسلامي من الخليفة المستظهر بالله، وكان يُدعى للخليفة العباسي من على منابر الدولة المرابطية.
وهكذا، يكون ابن تاشفين قد حطم دويلات الطوائف والفصائل، لأنه أدرك ألّا شوكة للمسلمين إلا بالوحدة تحت راية واحدة، وأن سبب ضعف وهوان الأمة وتكالب الصليبيين عليها تفرقهم وتشتتهم، ولهذا السبب وغيره، سارع ابن تاشفين إلى بيعة الخليفة القرشي، مع كونه ليس محتاجا إليه، إلا أنه استجاب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن الإمامة في قريش، فرحم الله الأمير يوسف بن تاشفين، كاسر الصليبيين وقاهر المرتدين ومقيم دولة المرابطين.
■ المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 19
السنة السابعة - الثلاثاء 14 جمادى الأولى 1437 هـ
من التاريخ:
ابن تاشفين.. يقضي على الطوائف
ويبايع الخليفة القرشي
• قبل أن يرجع ابن تاشفين إلى المغرب، اجتمع مرة أخرى بملوك الطوائف، ونصحهم ووعظهم وقال كلمته المشهورة: "أصلحوا نياتكم، تُكفَوا عدوكم"، إلا أنهم أصموا آذانهم عن كل نصيحة، وعادوا لسابق عهدهم، فهاجمهم ألفونسو من جديد، وطالبهم بدفع الجزية له، فساءت أحوال الأندلس، وعادت مثلما كانت قبل معركة الزلّاقة.
تواردت الأخبار إلى ابن تاشفين عن وضع الأندلس وخضوع أمراء الطوائف للصليبيين، فقرر اجتياز البحر للمرة الثالثة، وخلال عام 483 هـ، سار ابن تاشفين بجيشه إلى أن وصل طليطلة (عاصمة ألفونسو) وحاصرها، لم يشارك أمراء الطوائف -هذه المرة- في جيش المرابطين كما في معركتي الزلاقة وحصن لييط، ولم يساندوه ولم يقدموا له المؤن وما يحتاجه، فاضطر ابن تاشفين لرفع الحصار عن طليطلة لنقص مؤونة جيشه، فنقم على ملوك الطوائف، وأحس بخيانتهم، وتأكد أن بعض ملوك الطوائف أحجموا عن جهاد الصليبيين مجاملة لهم، فقرر وضع حد لمهزلة التفرق والتشرذم، وكثرة الطوائف والفصائل، ولم يكن من دافع يدفعه لجهاد هؤلاء بعد أن ظهرت خيانتهم إلا طاعة لله وغيرة على دينه، وشفقة على المسلمين أهالي الأندلس.
ففتح المرابطون -بفضل الله- مدينة غرناطة بعد حصارها شهرين، وأسر المرابطون ملك غرناطة عميل الصليبيين ابن بلقين، واعتقل المرابطون بعدها تميم بن بلقين أمير مالقة.
رجع ابن تاشفين إلى المغرب، وأرسل أربعة جيوش إلى الأندلس في الوقت نفسه للقضاء على من تبقى من ملوك الطوائف، فتمكنت الجيوش الأربع -بفضل الله- من الاستيلاء على قرطبة، ووصلوا إلى ضواحي طليطلة، واستولوا على قلعة رباح وقرمونة، فقرر المعتمد بن عباد الاستعانة بألفونسو لقتال المرابطين، فبعث ألفونسو مؤازراته بقيادة الكونت جوميز معه أربعون ألفا من المشاة وعشرون ألف فارس، فدارت بريف قرطبة معركة كبيرة بين الطرفين، كانت نتيجتها فتح إشبيلية عام 484 هـ، أما ابن عباد، فقد وقع أسيرا حقيرا بيد المجاهدين المرابطين، ولم تغن عنه شيئا جيوش الصليب المجيشة التي استعان بها لقتال المسلمين، وهو القائل بالأمس "لأن أكون راعي إبل بصحراء المغرب عند ابن تاشفين، خير من أن أكون راعي خنازير عند ألفونسو"، قال حكمة كتبت بماء الذهب وعمل بنقيضها، بل ووقع في ناقض من نواقض الإسلام، وظاهر المشركين على المسلمين، فكان مصيره أسيرا ذليلا في أيدي المجاهدين.
وخلال ثمانية عشر شهرا افتتح ابن تاشفين -بفضل الله- مدن الأندلس كلها: غرناطة، مالقة، جيّان، قرطبة، إشبيلية، ألمرية، بلنسية، بطليوس وجزر البليار، وتمكن ابن تاشفين من القضاء على ملوك الطوائف المتناحرة، وتوحيد الأندلس والغرب الإسلامي.
بعد أن قضى ابن تاشفين على ملوك الطوائف أرسل رسالة إلى الخليفة العباسي ببيعته له
ذكر ابن الأثير في الكامل، وابن خلدون في تاريخه، والمقري في نفح الطيب وغيرهم، أن ابن تاشفين بعد أن عزم على القضاء على ملوك الطوائف وتخليص الأمة من شرهم، بعث رسائل إلى الخليفة العباسي في بغداد المستظهر بالله، لإبلاغه ببيعته له، واطلاعه على أحوال الأندلس والمغرب الإسلامي، فعُيّن سلطانا على الغرب الإسلامي من الخليفة المستظهر بالله، وكان يُدعى للخليفة العباسي من على منابر الدولة المرابطية.
وهكذا، يكون ابن تاشفين قد حطم دويلات الطوائف والفصائل، لأنه أدرك ألّا شوكة للمسلمين إلا بالوحدة تحت راية واحدة، وأن سبب ضعف وهوان الأمة وتكالب الصليبيين عليها تفرقهم وتشتتهم، ولهذا السبب وغيره، سارع ابن تاشفين إلى بيعة الخليفة القرشي، مع كونه ليس محتاجا إليه، إلا أنه استجاب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن الإمامة في قريش، فرحم الله الأمير يوسف بن تاشفين، كاسر الصليبيين وقاهر المرتدين ومقيم دولة المرابطين.
■ المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 19
السنة السابعة - الثلاثاء 14 جمادى الأولى 1437 هـ
من التاريخ:
ابن تاشفين.. يقضي على الطوائف
ويبايع الخليفة القرشي