أبو مهند الشامي الرجل الذي داس الفصائل بقدمين من حديد • وكان منذ بداية جهاده يحب الجلوس مع ...
منذ 2024-12-17
أبو مهند الشامي الرجل الذي داس الفصائل بقدمين من حديد
• وكان منذ بداية جهاده يحب الجلوس مع الدعاة وطلبة العلم، وخاصة المهاجرين منهم يسمع منهم ويستفتيهم باحثا عن الحق حتى أنه كان يصطحب معه دائما إخوة من طلبة العلم ليذكروه دائما بالله وينصحوه وكان على رأسهم حبيبه أبو مصعب الأردني تقبله الله.
كان حريصا على حضور الدروس الشرعية وخاصة دروس التوحيد، وكان يلزم جنوده بحضورها وكأنه يحاول أن يستدرك ما فاته مدة احتباسه في مناطق الصحوات قبل هجرته.
وكان من أشد الناس اتباعا للحق فكان يسأل عن الحكم الشرعي في المسألة فإذا بان له أنهى النقاش فيها وقام ليعمل بمقتضى الحكم الشرعي.
وكان شديد الخوف من الظلم ولو أدى ذلك إلى أن يقتص من نفسه ومن شدة خوفه من الظلم أنه كان يطوف بنفسه على السجناء كل فترة، فيلتقي بهم ويسألهم عن قضاياهم خشية أن يكون من بينهم بريء طال حبسه بسبب تأخير في عرض قضيته على القاضي لينظر فيها.
وكان يوقف الرجال من عامة المسلمين في الطرقات وهم لا يعرفونه فيسألهم عن علاقتهم بجنود الدولة الإسلامية، وعن معاملة الإخوة في الدواوين المختلفة لهم، مخافة أن يقع ظلم من أحد من جنوده على أحد ممن استرعاه الله عليه.
أما ثباته على طريق الجهاد في سبيل الحق، فهو الذي لم تزحزحه المحن ولا الكلوم عن ذلك، ففي أول طريقه قدر الله -تعالى- أن ينفجر صاروخ محلي الصنع قبل إطلاقه فيتسبب ببتر قدميه الاثنتين، ليستعيض عنهما بقدمين من حديد يضعهما إذا مشى وينزعهما إذا جلس أو ارتاح، خاض بهما عشرات المعارك، كما قدر الله -تعالى- أن يصاب بعد ذلك أكثر من مرة، إحداها عند استهداف طائرة نصيرية لسيارته أثناء غزوة فتح تدمر، حيث كسرت قدماه الحديديتان، ونجاه الله من القتل، وكذلك حين استهدفته دبابة نصيرية في إحدى معارك الدولة غرب تدمر، فأصابته شظايا القذيفة بجروح وقتلت أبا مصعب الأردني -تقبله الله- الذي كان بجواره، ومما كان يزيد من أعباء إصابته أنه كان مريضا بداء السكري، فلا تشفى جروحه بسهولة.
أما عن ولائه للدولة الإسلامية فإن من يعرفه يعلم أنه منذ بيعته لأمير المؤمنين كان حريصا على كل ما كان من شأنه مصلحة الدولة، فمجرد أن بلغه الأمر بالهجرة حزم متاعه وجمع سلاح لوائه، لينطلق بمن تبعه من جنوده إلى دار الإسلام، وبمجرد وصوله سلّم كل أملاك اللواء إلى الدولة الإسلامية، ومنها مئات الآلاف من الدولارات كانت بحوزته مما غنمه في معاركه الطويلة، بالإضافة إلى 12 دبابة ومدرعة والكثير من السلاح والآليات، ثم عمل على إنهاء اسم (لواء داود) نهائيا ومعاقبة كل من بقي يستعمل هذا الاسم القديم أو ينسب أحدا ممن بايع أمير المؤمنين إليه، وذلك ليزرع في قلوب الجنود جميعا الانتماء للدولة الإسلامية، والطاعة لأمير المؤمنين.
كان صاحب تفكير عسكري مميز، يجهز لغزواته بشكل جيد، وتشهد له بذلك معاركه الكثيرة التي خاضها وفتح الله عليه فيها، قبل بيعته للدولة الإسلامية، ومنها معارك حاجز حميشو، وحاجز باب الهوى، وكلية الشؤون الإدارية، ومطار تفتناز، ومعسكر الشبيبة، وكلية الدفاع الجوي، وحاجز الجديدة، والسادكوب، والحواجز بين إدلب وأريحا، وغيرها.
وبعد بيعته لأمير المؤمنين وهجرته، قاد غزوات كبرى بالمقياس العسكري، وأهمها غزوة فتح تدمر، التي كانت واحدة من أكبر معارك جيش الخلافة على الإطلاق من حيث حشد القوات واتساع جبهة القتال، وكذلك معركة خناصر التي ظهرت فيها إمكاناته القيادية في أوضح صورها إذ أتاه الأمر بالتحضير للغزوة قبل موعدها بخمسة أيام فقط، ورغم ذلك مكنه الله من تجهيزها وحشد القوات والإمكانات اللازمة لها، وكان فيها الفتح المبين بفضل الله.
ورغم اهتمامه الشديد بالجبهات والجنود، فإنه تقبله الله لم يكن من النوع الذي يهمل باقي مفاصل الولاية ودواوينها، بل كان يكثر الجلوس مع أمراء المفاصل ويحثهم على مزيد من الجهد ويسعى في تأمين ما يحتاجونه لنجاح عملهم، لدرجة أن كلا منهم كان يشعر أن أبا مهند لا يهتم بغير مفصله، وكان من عادته إذا أراد الاجتماع بالإخوة لأمر هام أن يسير بهم في البادية مسافات بعيدة لينعزل عن كل ما قد يشغله عن أمر الاجتماع حتى يتم أمره، وكان معروفا عنه أنه يستشير إخوانه مجتمعين أو فرادى، فيطرح عليهم المشاكل ويطالبهم بطرح الحلول، حتى إذا استحسن رأيا عرضه على باقي إخوانه موضحا أنه رأي الأخ فلان، كي لا ينسب لنفسه ما ليس منه، وكي يرفع من شأن أخيه، ويزيد من ثقته بنفسه.
وإلى جانب ذلك كله كان -رحمه الله- صاحب عبادة، حبّب إليه قيام الليل بالصلاة، فيوقظ أهله في الثلث الأخير من الليل ويصلي بهم، وحبّب إليه البكور في العمل، فيبدأ كل أعماله بعد صلاة الفجر، ويعقد الكثير من اجتماعاته في هذا الوقت، ويحض إخوانه على التبكير في النوم، والبكور في العمل بحثا عن البركة.
◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 25
السنة السابعة - الثلاثاء 26 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقتطف من قصة شهيد:
أبو مهند الشامي
الرجل الذي داس الفصائل بقدمين من حديد
• وكان منذ بداية جهاده يحب الجلوس مع الدعاة وطلبة العلم، وخاصة المهاجرين منهم يسمع منهم ويستفتيهم باحثا عن الحق حتى أنه كان يصطحب معه دائما إخوة من طلبة العلم ليذكروه دائما بالله وينصحوه وكان على رأسهم حبيبه أبو مصعب الأردني تقبله الله.
كان حريصا على حضور الدروس الشرعية وخاصة دروس التوحيد، وكان يلزم جنوده بحضورها وكأنه يحاول أن يستدرك ما فاته مدة احتباسه في مناطق الصحوات قبل هجرته.
وكان من أشد الناس اتباعا للحق فكان يسأل عن الحكم الشرعي في المسألة فإذا بان له أنهى النقاش فيها وقام ليعمل بمقتضى الحكم الشرعي.
وكان شديد الخوف من الظلم ولو أدى ذلك إلى أن يقتص من نفسه ومن شدة خوفه من الظلم أنه كان يطوف بنفسه على السجناء كل فترة، فيلتقي بهم ويسألهم عن قضاياهم خشية أن يكون من بينهم بريء طال حبسه بسبب تأخير في عرض قضيته على القاضي لينظر فيها.
وكان يوقف الرجال من عامة المسلمين في الطرقات وهم لا يعرفونه فيسألهم عن علاقتهم بجنود الدولة الإسلامية، وعن معاملة الإخوة في الدواوين المختلفة لهم، مخافة أن يقع ظلم من أحد من جنوده على أحد ممن استرعاه الله عليه.
أما ثباته على طريق الجهاد في سبيل الحق، فهو الذي لم تزحزحه المحن ولا الكلوم عن ذلك، ففي أول طريقه قدر الله -تعالى- أن ينفجر صاروخ محلي الصنع قبل إطلاقه فيتسبب ببتر قدميه الاثنتين، ليستعيض عنهما بقدمين من حديد يضعهما إذا مشى وينزعهما إذا جلس أو ارتاح، خاض بهما عشرات المعارك، كما قدر الله -تعالى- أن يصاب بعد ذلك أكثر من مرة، إحداها عند استهداف طائرة نصيرية لسيارته أثناء غزوة فتح تدمر، حيث كسرت قدماه الحديديتان، ونجاه الله من القتل، وكذلك حين استهدفته دبابة نصيرية في إحدى معارك الدولة غرب تدمر، فأصابته شظايا القذيفة بجروح وقتلت أبا مصعب الأردني -تقبله الله- الذي كان بجواره، ومما كان يزيد من أعباء إصابته أنه كان مريضا بداء السكري، فلا تشفى جروحه بسهولة.
أما عن ولائه للدولة الإسلامية فإن من يعرفه يعلم أنه منذ بيعته لأمير المؤمنين كان حريصا على كل ما كان من شأنه مصلحة الدولة، فمجرد أن بلغه الأمر بالهجرة حزم متاعه وجمع سلاح لوائه، لينطلق بمن تبعه من جنوده إلى دار الإسلام، وبمجرد وصوله سلّم كل أملاك اللواء إلى الدولة الإسلامية، ومنها مئات الآلاف من الدولارات كانت بحوزته مما غنمه في معاركه الطويلة، بالإضافة إلى 12 دبابة ومدرعة والكثير من السلاح والآليات، ثم عمل على إنهاء اسم (لواء داود) نهائيا ومعاقبة كل من بقي يستعمل هذا الاسم القديم أو ينسب أحدا ممن بايع أمير المؤمنين إليه، وذلك ليزرع في قلوب الجنود جميعا الانتماء للدولة الإسلامية، والطاعة لأمير المؤمنين.
كان صاحب تفكير عسكري مميز، يجهز لغزواته بشكل جيد، وتشهد له بذلك معاركه الكثيرة التي خاضها وفتح الله عليه فيها، قبل بيعته للدولة الإسلامية، ومنها معارك حاجز حميشو، وحاجز باب الهوى، وكلية الشؤون الإدارية، ومطار تفتناز، ومعسكر الشبيبة، وكلية الدفاع الجوي، وحاجز الجديدة، والسادكوب، والحواجز بين إدلب وأريحا، وغيرها.
وبعد بيعته لأمير المؤمنين وهجرته، قاد غزوات كبرى بالمقياس العسكري، وأهمها غزوة فتح تدمر، التي كانت واحدة من أكبر معارك جيش الخلافة على الإطلاق من حيث حشد القوات واتساع جبهة القتال، وكذلك معركة خناصر التي ظهرت فيها إمكاناته القيادية في أوضح صورها إذ أتاه الأمر بالتحضير للغزوة قبل موعدها بخمسة أيام فقط، ورغم ذلك مكنه الله من تجهيزها وحشد القوات والإمكانات اللازمة لها، وكان فيها الفتح المبين بفضل الله.
ورغم اهتمامه الشديد بالجبهات والجنود، فإنه تقبله الله لم يكن من النوع الذي يهمل باقي مفاصل الولاية ودواوينها، بل كان يكثر الجلوس مع أمراء المفاصل ويحثهم على مزيد من الجهد ويسعى في تأمين ما يحتاجونه لنجاح عملهم، لدرجة أن كلا منهم كان يشعر أن أبا مهند لا يهتم بغير مفصله، وكان من عادته إذا أراد الاجتماع بالإخوة لأمر هام أن يسير بهم في البادية مسافات بعيدة لينعزل عن كل ما قد يشغله عن أمر الاجتماع حتى يتم أمره، وكان معروفا عنه أنه يستشير إخوانه مجتمعين أو فرادى، فيطرح عليهم المشاكل ويطالبهم بطرح الحلول، حتى إذا استحسن رأيا عرضه على باقي إخوانه موضحا أنه رأي الأخ فلان، كي لا ينسب لنفسه ما ليس منه، وكي يرفع من شأن أخيه، ويزيد من ثقته بنفسه.
وإلى جانب ذلك كله كان -رحمه الله- صاحب عبادة، حبّب إليه قيام الليل بالصلاة، فيوقظ أهله في الثلث الأخير من الليل ويصلي بهم، وحبّب إليه البكور في العمل، فيبدأ كل أعماله بعد صلاة الفجر، ويعقد الكثير من اجتماعاته في هذا الوقت، ويحض إخوانه على التبكير في النوم، والبكور في العمل بحثا عن البركة.
◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 25
السنة السابعة - الثلاثاء 26 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقتطف من قصة شهيد:
أبو مهند الشامي
الرجل الذي داس الفصائل بقدمين من حديد