أبو جليبيب الإعلامي كتاباتي ستشرب من دمائي لتعلن أنّ في موتي حياتي كثيرون هم الذين يناصرون ...
أبو جليبيب الإعلامي
كتاباتي ستشرب من دمائي
لتعلن أنّ في موتي حياتي
كثيرون هم الذين يناصرون المجاهدين بأقلامهم وألسنتهم، وكثيرون هم الذين يتمنّون أن ينتقلوا من الجهاد باللسان إلى الجهاد بالسيف والسنان، ولكن قليل منهم من يجتهد في طلب ذلك والحرص عليه، حتى يصل إلى الثغور، ويسقي كلماته من دمائه كؤوسا ترتوي منها، فتزهر ورودا يفوح عبقها، فتملأ الأرجاء بريح طيبة، تستهوي أفئدة غيرهم من المناصرين، الذين يتعلمون ممن سبقهم حقيقة الطريق، ويرون بأعينهم جمال النهاية، ونتيجة صدق النية وصحة الغاية.
لم يكن يخطر ببال خالد إسماعيل وهو يتابع أخبار انتصارات المجاهدين في المنتديات الجهادية، أن يكون يوما ما مشاركا في صناعة تلك الانتصارات، أو مبشِّرا بتلك الأخبار، كما لم يتخيل وهو ينشر صور الشهداء في شبكات التواصل أن تتناقل الصفحات صورته، ويترحم عليه إخوانه شهيدا تحت راية الخلافة، نحسبه كذلك.
لم يكن قد بلغ من العمر عشرين ربيعا عندما تعلّق قلبه بالجهاد وأهله، فصار لا يصبر على متابعة أخبارهم، وقراءة قصصهم، والتعرف على أحوالهم، بل ومحاولة التواصل معهم عن طريق المنتديات رغم معرفته بخطورة ذلك الأمر عليه، ولم يكن هذا التعلق تعصبا فارغا كالذي يعتري البعض حبا في البطولة، وتحيزا للشجعان، وإنما كان التزاما بالإسلام، وحبّا فيمن يعمل به، ويدافع عنه، فصار يلتزم الصلاة في المساجد، ولا يصاحب من الأقران إلا من شابهه في حبّه للمجاهدين، ونصرته لهم.
لم يطل عليه الزمن حتى وجد ساحة الجهاد قد اقتربت من دياره، وحتى صارت جبهات القتال على بعد أميال قليلة من مسكنه في مدينة القامشلي، فما طاب له القعود، ولا عاد يحتمل البعد عن إخوان كان يرجو الله أن يلقاهم وهو لا يعرف عنهم إلا صورا في الإصدارات، أو أسماء وهمية في المنتديات والشبكات، فخرج من دياره مهاجرا إلى الله، ليلتحق بالمجاهدين الذي كانوا في منطقة اليعربية بعد أن فتحها الله عليهم، حيث كان جنود الدولة الإسلامية حينها يعملون تحت مسمى «جبهة النصرة» وذلك قبل غدر أميرها، وشقه للصف، ونقضه للبيعة بمن معه من الخائنين المطاعين، أو السفهاء التابعين.
بقي أبو جليبيب معهم أكثر من شهر، تلقى فيها ضغوطا كبيرة من أهله للعودة، فعاد إلى دياره، بعدما أوهموه أن مرتدي الـ PKK قاموا باعتقال والدته لما بلغهم نبأ نفيره إلى الجهاد، فبقي مدة قصيرة متواريا عن الأنظار في مدينته، خوفا من الاعتقال، خضع بعدها لضغوط أهله بالسفر لإكمال دراسته الجامعية في الخارج، ليبعدوه عن ساحة الجهاد.
سافر كارها إلى قرغيزستان، حيث كان يعمل أبوه، لتلحقهم العائلة كلها إلى هناك، ليبدأ فصل جديد من الفتنة والمحنة، فتنة الدنيا، حيث الجامعة، والمجتمع الجاهلي المنحل، وأبواب المعاصي المشرعة، ومحنة إرهاق أبويه له بالملام لصدّه عن طريق الجهاد وتخويفه من نتائجه عليه وعليهم، حيث لم يكن له من نصير في بلاد الغربة تلك سوى أشقائه الصغار الذين اهتمّ بتربيتهم على الالتزام بالدين، وحبّ الجهاد.
لم يغب الجهاد عن بال أبي جليبيب، ولم تحرفه فتن دار الكفر عن دينه، كما لم تنجح ضغوط أهله في إخراج فكرة النفير من رأسه، فأشغل نفسه بدراسة اللغة الصينية راجيا أن ينفع المسلمين بتعلمها، أو الدعوة إلى الله باستخدامها ريثما يهيأ الله له سبيل الهجرة والنفير.
وفي ذلك الوقت لم يتوقف عن نشاطه في نصرة الدولة الإسلامية، فكان من أهم المناصرين في شبكات التواصل والمنتديات، يكتب بكنى عديدة، فينشر أخبار المجاهدين، ويساهم في دعمهم إعلاميا بإنشاء الحسابات، ورفع الإصدارات، والرد على إعلام الصحوات والمرجفين والطواغيت، دفاعا عن الدولة الإسلامية، ويتواصل مع جنود الدولة الإسلامية ممن كان يعرفهم في نفيره الأول، فيستزيد من كلامهم رغبة في النفير، ويرفع ببشائرهم همّته، ويقوّي بتذكيرهم له من عزيمته على الهجرة والنفير.
كم من محنة أخفت في طياتها منحة! فمع ازدياد ضغط أهله عليه لينزع فكرة النفير من ذهنه، ويترك متابعة أخبار المجاهدين، ويتوقف عن إطلاع إخوانه على إصداراتهم، وصل الأمر به إلى درجة لم يعد يطيق فيها الصبر على أذاهم، فعزم على فراقهم، والهجرة إلى دار الإسلام، والنفير إلى ساحات الجهاد من جديد، وأعانه على ذلك تعلق أخيه الأصغر به، ورغبته في أن يكون صاحبه في طريق الهجرة، ونصيره في أرض الجهاد.
خرجا من بيتهما لا يعرفان أين يتوجهان، فأمضيا يومهما تائهين في المدينة، لا يدريان كيف يبدآن رحلة الهجرة إلى الشام التي تفصلهم عنها آلاف الأميال، ولا يملكان من تكاليف الرحلة ما يعينهما عليها، بل إنهما اضطرا إلى بيع هواتفهما ليشتريا بأثمانها الطعام والشراب.
◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 هـ
مقتطف من قصة شهيد:
أبو جليبيب الإعلامي
كتاباتي ستشرب من دمائي
لتعلن أنّ في موتي حياتي
كثيرون هم الذين يناصرون المجاهدين بأقلامهم وألسنتهم، وكثيرون هم الذين يتمنّون أن ينتقلوا من الجهاد باللسان إلى الجهاد بالسيف والسنان، ولكن قليل منهم من يجتهد في طلب ذلك والحرص عليه، حتى يصل إلى الثغور، ويسقي كلماته من دمائه كؤوسا ترتوي منها، فتزهر ورودا يفوح عبقها، فتملأ الأرجاء بريح طيبة، تستهوي أفئدة غيرهم من المناصرين، الذين يتعلمون ممن سبقهم حقيقة الطريق، ويرون بأعينهم جمال النهاية، ونتيجة صدق النية وصحة الغاية.
لم يكن يخطر ببال خالد إسماعيل وهو يتابع أخبار انتصارات المجاهدين في المنتديات الجهادية، أن يكون يوما ما مشاركا في صناعة تلك الانتصارات، أو مبشِّرا بتلك الأخبار، كما لم يتخيل وهو ينشر صور الشهداء في شبكات التواصل أن تتناقل الصفحات صورته، ويترحم عليه إخوانه شهيدا تحت راية الخلافة، نحسبه كذلك.
لم يكن قد بلغ من العمر عشرين ربيعا عندما تعلّق قلبه بالجهاد وأهله، فصار لا يصبر على متابعة أخبارهم، وقراءة قصصهم، والتعرف على أحوالهم، بل ومحاولة التواصل معهم عن طريق المنتديات رغم معرفته بخطورة ذلك الأمر عليه، ولم يكن هذا التعلق تعصبا فارغا كالذي يعتري البعض حبا في البطولة، وتحيزا للشجعان، وإنما كان التزاما بالإسلام، وحبّا فيمن يعمل به، ويدافع عنه، فصار يلتزم الصلاة في المساجد، ولا يصاحب من الأقران إلا من شابهه في حبّه للمجاهدين، ونصرته لهم.
لم يطل عليه الزمن حتى وجد ساحة الجهاد قد اقتربت من دياره، وحتى صارت جبهات القتال على بعد أميال قليلة من مسكنه في مدينة القامشلي، فما طاب له القعود، ولا عاد يحتمل البعد عن إخوان كان يرجو الله أن يلقاهم وهو لا يعرف عنهم إلا صورا في الإصدارات، أو أسماء وهمية في المنتديات والشبكات، فخرج من دياره مهاجرا إلى الله، ليلتحق بالمجاهدين الذي كانوا في منطقة اليعربية بعد أن فتحها الله عليهم، حيث كان جنود الدولة الإسلامية حينها يعملون تحت مسمى «جبهة النصرة» وذلك قبل غدر أميرها، وشقه للصف، ونقضه للبيعة بمن معه من الخائنين المطاعين، أو السفهاء التابعين.
بقي أبو جليبيب معهم أكثر من شهر، تلقى فيها ضغوطا كبيرة من أهله للعودة، فعاد إلى دياره، بعدما أوهموه أن مرتدي الـ PKK قاموا باعتقال والدته لما بلغهم نبأ نفيره إلى الجهاد، فبقي مدة قصيرة متواريا عن الأنظار في مدينته، خوفا من الاعتقال، خضع بعدها لضغوط أهله بالسفر لإكمال دراسته الجامعية في الخارج، ليبعدوه عن ساحة الجهاد.
سافر كارها إلى قرغيزستان، حيث كان يعمل أبوه، لتلحقهم العائلة كلها إلى هناك، ليبدأ فصل جديد من الفتنة والمحنة، فتنة الدنيا، حيث الجامعة، والمجتمع الجاهلي المنحل، وأبواب المعاصي المشرعة، ومحنة إرهاق أبويه له بالملام لصدّه عن طريق الجهاد وتخويفه من نتائجه عليه وعليهم، حيث لم يكن له من نصير في بلاد الغربة تلك سوى أشقائه الصغار الذين اهتمّ بتربيتهم على الالتزام بالدين، وحبّ الجهاد.
لم يغب الجهاد عن بال أبي جليبيب، ولم تحرفه فتن دار الكفر عن دينه، كما لم تنجح ضغوط أهله في إخراج فكرة النفير من رأسه، فأشغل نفسه بدراسة اللغة الصينية راجيا أن ينفع المسلمين بتعلمها، أو الدعوة إلى الله باستخدامها ريثما يهيأ الله له سبيل الهجرة والنفير.
وفي ذلك الوقت لم يتوقف عن نشاطه في نصرة الدولة الإسلامية، فكان من أهم المناصرين في شبكات التواصل والمنتديات، يكتب بكنى عديدة، فينشر أخبار المجاهدين، ويساهم في دعمهم إعلاميا بإنشاء الحسابات، ورفع الإصدارات، والرد على إعلام الصحوات والمرجفين والطواغيت، دفاعا عن الدولة الإسلامية، ويتواصل مع جنود الدولة الإسلامية ممن كان يعرفهم في نفيره الأول، فيستزيد من كلامهم رغبة في النفير، ويرفع ببشائرهم همّته، ويقوّي بتذكيرهم له من عزيمته على الهجرة والنفير.
كم من محنة أخفت في طياتها منحة! فمع ازدياد ضغط أهله عليه لينزع فكرة النفير من ذهنه، ويترك متابعة أخبار المجاهدين، ويتوقف عن إطلاع إخوانه على إصداراتهم، وصل الأمر به إلى درجة لم يعد يطيق فيها الصبر على أذاهم، فعزم على فراقهم، والهجرة إلى دار الإسلام، والنفير إلى ساحات الجهاد من جديد، وأعانه على ذلك تعلق أخيه الأصغر به، ورغبته في أن يكون صاحبه في طريق الهجرة، ونصيره في أرض الجهاد.
خرجا من بيتهما لا يعرفان أين يتوجهان، فأمضيا يومهما تائهين في المدينة، لا يدريان كيف يبدآن رحلة الهجرة إلى الشام التي تفصلهم عنها آلاف الأميال، ولا يملكان من تكاليف الرحلة ما يعينهما عليها، بل إنهما اضطرا إلى بيع هواتفهما ليشتريا بأثمانها الطعام والشراب.
◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 هـ
مقتطف من قصة شهيد:
أبو جليبيب الإعلامي