بسم الله الرحمن الرحيم وانتصرت غزة الخطبة الأولى: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ...

منذ 2025-01-19
بسم الله الرحمن الرحيم
وانتصرت غزة
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ناصر المستضعفين، وقاهر الجبابرة والمتكبرين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله رحمةً للعالمين أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، ولو كره المشركون، ولو كره المنافقون، ولو كره المجرمون صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران ١٠٢]. أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة في الدين ضلالة أجارن لله وإياكم من البدع والضلالات آمين اللهم آمين.
أيها الأحباب الكرام في الله وانتصرت غزة، ما حصل لهم لم تتحمله الجبال الرواسي، ابتلاء مبين، ومحنة عظيمة، ما الذي جعلهم يصمدون أمام هذا العدو الغاشم الظالم، السبب ان عندهم يقين بأن الجنة ليست رخيصة، عندهم يقين بأن الجنة لا يدخلها إلا المؤمنون الصادقون الصابرون المُحتسبون المُجاهدون، قال تعالى: ﴿أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا یَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَاۤءُ وَٱلضَّرَّاۤءُ وَزُلۡزِلُوا۟ حَتَّىٰ یَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَاۤ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ﴾ [البقرة ٢١٤].
معاشر المؤمنين، هناك من كان يُشكِّك في النصر، فنقول له: االله يقول: ﴿ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَأَنَّ ٱلۡكَـٰفِرِینَ لَا مَوۡلَىٰ لَهُمۡ﴾ [محمد ١١]
الله ولي المؤمنين وناصرهم، أما الكفار لا ولي لهم ولا نصير، ويقول الله تعالى: ﴿إِنَّ وَلِـِّۧیَ ٱللَّهُ ٱلَّذِی نَزَّلَ ٱلۡكِتَـٰبَۖ وَهُوَ یَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ [الأعراف ١٩٦] هذا هو كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم الحميد.
يقولون أي نصر هذا الذي تتحدَّثون عنه وقد قُتل عشرات الآلاف وجرح مئات الآلاف، ونحن نقول لهم، الله يقول: ﴿كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تَك۟رهوا شَیۡـࣰٔا وَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ شَرࣱّ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة ٢١٦]
إن نصر هذا الدين لا بدَّ له من تضحية، وهذه التضحية الثقيلة كان ثمنها الجنة بإذن الله، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هناك أهداف أراد اليهود أن يحقِّقوها من هذه الحرب، أخبروني بالله عليكم هل حقَّقوا هدفًا واحدًا؟ ما الذي حقَّقوه؟ ما هو الشيء الذي يجعلهم يتحدَّثون ويفتخرون به أمام العالم؟ ما هو؟ قتل الأبرياء؟!قتل الأطفال؟! هل انتهت المقاومة؟ المقاومة هي المقاومة، ولا زالت حية تقاوم من أجل الدين والمقدسات، والأرض والعرض، المقاومة بإذن الله منصورة اليوم أو غد، السؤال هل أنهوا المقاومة؟ هل أخرجوا اهل غزة من أرضهم؟ هل رفع اهل غزة الراية البيضاء كما كان يريد اليهود؟ ما هو الشيء الذي حقَّقوه؟ الشيء الوحيد الذي حققوه، ويفتخرون به هو قتل الأطفال والنساء، هذا هو ديدنهم وهذا هو هدفهم وهذا هو منهجهم، قد قتلوا الأنبياء عليهما الصلاة والسلام، قتلوا الأنبياء ونقضوا العهود وسفكوا الدماء ودمروا البيوت، هذا هو إنجازهم الوحيد، وهل هذا هو إنجاز؟ لا والله، بل هو بصمة عار في جبينهم إلى يوم القيامة، لكنهم سيخرجون من غزة بإذن الله ذليلين، منكسرين، منهزمين، عرفنا هذا من خلال تصريحاتهم، فهم غاضبون، يقولون: لماذا نترك غزة ولم نحقق شيئا من أهدافنا؟.
عباد الله، النصر قادم، والمقاومة باقية، وإخوانكم ثابتون صامدون محتسبون، رغم القتل ورغم الدمار ورغم الإبادة، إلا أنكم رأيتم قبل أن يعلنوا الاتفاق كيف خرجوا إلى شوارع غزة وهم فرحون وهم مستبشرون أليس هذا هو نصر بحجم ذاته؟ أليس هذا هو العز الذي يفتخر به كل مسلم؟ يحتفلون رغم الألم والدمار والخراب وفقد الأحبة، منهم من فقد أسرته كاملة، إلا أنه خرج إلى الشارع فرحا بوقف الحرب، فرحا بهذا النصر العظيم، أهم شيء أن الإسلام ينتصر، والحق يعلو، فالثبات على الحق والدين رغم الإبادة هو الفوز الكبير، ألم يقل الله وهو يتحدث عن أولئك الذين أُحرقوا في قصة الأخدود في سورة البروج، قال تعالى:﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡكَبِیرُ﴾ [البروج ١١] فوز كبير رغم أنهم أُبيدوا جميعا ولم يبق منهم أحد، ومع هذا سماه الله فوزا كبيرا؛ لأن الثبات على الدين والثبات على الحق والثبات على المبدأ هو نصر، هذا هو الثبات إخوة الإيمان.
معاشر المؤمنين، ينبغي أن نتعلم بأن هذا النصر جاء من عند الله عز وجل، وأن هذا النصر جاء بعد إعداد العدة، ﴿وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یُوَفَّ إِلَیۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ﴾ [الأنفال ٦٠]، وعن أبي علي ثمامة بن شفي أنه سمع عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: ("وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي"). رواه مسلم.
معاشر الموحدين، أعظم العدة هي الإعداد العقدي هو الإعداد الإيماني،﴿وَمَا لَنَاۤ أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَاۚ وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَاۤ ءَاذَیۡتُمُونَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ﴾ [إبراهيم ١٢] ﴿قُل لَّن یُصِیبَنَاۤ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [التوبة ٥١] أعظم العدة هو الإعداد الإيماني، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَـٰبࣰا مؤجلاً وَمَن یُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡیَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن یُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡـَٔاخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِی ٱلشَّـٰكِرِینَ﴾ [آل عمران ١٤٥] الإعداد الإيماني بأن الآخرة هي دار القرار، إن شعارهم هو شعار خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه عندما قال لأحد الملوك "أسلم تسلم وإلا لآتينك برجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة".
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروا فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أيها المؤمنون، انتصرت غزة بالصبر والصمود ﴿وَكَأَیِّن مِّن نَّبِیࣲّ قَـٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّیُّونَ كَثِیرࣱ فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَاۤ أَصَابَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱسۡتَكَانُوا۟ۗ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾ [آل عمران ١٤٦].
انتصرت غزة بالإرادة لا بالإبادة، انتصرت غزة بحب الله وحب رسوله عليه الصلاة والسلام وحب كتابه فالمساجد مليئة بحفاظ كتاب الله،، رغم تدميرها، إلا أنك تجد فيها من يقرأ القرآن، والبعض يسرُد القرآن من طلوع الفجر إلى آخر النهار، من أوله إلى آخره عن ظهر قلب، رجالًا ونساءً، صغارًا وكبارًا، فاستحقوا النصر؛ لأنهم مع الله، ومن كان مع الله لن يُضيعَه الله جل جلاله، فمن وجدَ الله ماذا فقد؟ ومن فقدَ الله ماذا وجد؟ من وجدَ الله وجدَ كل شيء، ومن فقدَ الله فقدَ كل شيء، قاعدةٌ لا تتغير ولا تتبدَّل أبداً.
فالزم يديك بحقل الله معتصماً... فإنه الرُكن إن خانتك أركان..، ﴿... وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰۤ أَمۡرِهِۦ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ﴾ [يوسف ٢١]
انتصرت غزة بحب أولياء الله، بحب العلماء الربانيين، بحب الصادقين، بحب المؤمنين، انتصرت غزة بحب الشهادة في سبيل الله، بالشهادة في سبيل الله، بحب لقاء الله عز وجل، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، فمن كان هذا هو دندنُه، وهذه هي غايتُه، فلن يُضيعَه الله، فالله ناصِرُه؛ قال تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَنصُرُوا۟ ٱللَّهَ یَنصُرۡكُمۡ وَیُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ﴾ [محمد ٧]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" وأخرجه أيضا الطبراني . قال الهيثمي في المجمع ورجاله ثقات".
اللهم آتِ نفوسنا تَقْوَاها، اللهم آتِ نفوسنا تَقْوَاها، زكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها، اللهم أصلِح قلوبنا وأعمالنا يا رب العالمين، اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعَل الحياةَ زيادةً لنا في كل خير، واجعَل الموتَ راحةً لنا من كل شر، اللهم أبرِم لأمة محمدٍ أمرَ رشد يُعزُّ فيه أهلُ طاعتِك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُذلُّ فيها أعداءُ دينِك، يا من أنت على كل شيءٍ قدير، اللهم انصُر الإسلام وأعزَّ المسلمين، اللهم انصُر عبادك المُستضعفين في كل مكان، اللهم انصُر عبادك المظلومين والمُضطهدين في فلسطين، اللهم عليك بالمُتآمِرين على الإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى والمنافقين، اللهم أرِنَا فيهم عجَائبَ قُدرتِك يا من أنت على كل شيءٍ قدير، اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، من أرادنا أو أراد بلادنا أو أراد ديننا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ اللهم فاشغله بنفسه، اجعل تدبيره في تدميره، رد كيده إلى نحره يا من أنت على كل شيء قدير، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من المحرومين، غيث الإيمان في قلوبنا، وغيث الرحمة في أوطاننا، يا من أنت على كل شيء قدير، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
عباد الله، صلوا وسلموا على المبعوث رحمة العالمين حيث أمركم فقال: ((إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا)).
إن الله يأمركم بثلاث فقوموا بها، وينهاكم عن ثلاث فاجتنبوها؛ إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون، وأقم الصلاة.
  • 2
  • 0
  • 401

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً