صحيفة النبأ العدد 36 - مقال أكفّاركم خير من أولئكم (2) [1/2] لا يزال المسلمون يعيبون على ...
صحيفة النبأ العدد 36 - مقال
أكفّاركم خير من أولئكم (2)
[1/2]
لا يزال المسلمون يعيبون على علماء الطواغيت أنهم لا ينكرون من المنكر إلا ما يأذن به أسيادهم، ولا يجاهرون بالعداء إلا لمن تحرّشهم أجهزة المخابرات عليه، ولكننا بتنا في أيامنا هذه نجد أن هذا الأمر توسع ليشمل كثيرا من المنتسبين للإسلام والذين يعيشون تحت حكم الطواغيت من أفراد وجماعات.
فتراهم يبدون الحماسة للإسلام، ويزعمون عداءهم لأعداء الدين مهما كانت ألوانهم وأعراقهم وجنسياتهم، ويظهرون أنهم لا يخافون في الله لومة لائم، حتى إذا وُضِعوا على المحك، ومُحِّصت ادعاءاتهم، تجدهم لا يتحركون إلا في حدود رسمها لهم الطواغيت ومخابراتهم، ولا يخرجون من المجال الذي يأذنون لهم به، بل ستكتشف أن كثيرا من أفعالهم وتحركاتهم إنما كانت بتوجيه ورضا من أجهزة المخابرات لقادتهم وشيوخهم، وتكون نتيجتها في المحصلة في حرب المسلمين.
وإن من أشهر الأمثلة على ذلك قضية تعامل الناس مع الملحدين والمستهزئين بالله عز وجل، ورسله عليهم السلام، ودين الإسلام، والمسلمين.
وهناك من القصص المعروفة الكثير، أبرزها قصة الملحد المرتد سلمان رشدي، وقصص الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية والفرنسية، وقصص إهانة المصحف من قبل الجنود الصليبيين.
وقد خصصنا بالذكر هذه القصص بسبب الغضبات الكبيرة التي أظهرها الناس ردا عليها، حيث خرجت المظاهرات في أكثر البلدان استنكارا لها، وأُحرقت أعلام الصليبيين، وأُطلقت الدعوات لجهاد الصليبيين، لاستهزاء رعاياهم بالدين، هذا عدا عن الدعوات الكثيرة لقتل الأفراد المستهزئين، والمكافآت الكبيرة التي وضعت لمن يغتالهم.
ولو دققنا في بعض ردود الأفعال تلك لوجدنا أنها لم تقم على أساس شرعي صحيح، بل كانت ردود الناس أكثرها استجابات حماسية لتحريض من حرضهم، ما لبثت أن خبت، وتناسى أصحابها الموضوع، وكأنه لم يكن، وعادوا إلى حياتهم الاعتيادية، بعد أن نفّسوا عن شيء من الغضب في داخلهم بالتظاهرات والصراخ.
وإلا لماذا يتظاهر الناس ضد سلمان رشدي المقيم في بريطانيا الصليبية لنشره كتابا يطعن في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويسعون لقتله، ومن أمثاله المئات بل الألوف من الكُتّاب العلمانيين والليبراليين يعيشون بين ظهورهم، ممن يقولون بكلام سلمان رشدي بل وبأشنع منه، ويصرحون بهذا الكلام على شاشات التلفاز، ويطبعون كتبهم ومقالاتهم ويوزعونها في بلدان المسلمين المسلوبة، دون أن تخرج ضدهم المظاهرات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، أو توضع لمن يقتلهم المكافآت، بل وتجد الكثير من أولئك الغاضبين من يجالس صديقه أو قريبه الملحد، ويتعايش معه، بل ويسمع منه الطعن في الدين دون أن ينكر عليه.
وكيف يقصرون الدعوة لـ»الجهاد» على دولة الدنمارك الصليبية لأن أحد مواطنيها استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم، مطالبين رئيس حكومتها بتقديم الاعتذار عن هذا الفعل! وفي الوقت نفسه يسكت هؤلاء أنفسهم عن الطواغيت الحاكمين لبلدان المسلمين المسلوبة، الحامين للملحدين والعلمانيين والضالين، المرسخين للشرك وللاستهزاء بالدين، فلا يخرجون لجهاد هؤلاء الطواغيت، ولا يدعون لذلك، بل ولم نسمع يوما أن أحدا من علماء السوء كرر تلك المطالبات الباهتة، بأن يدعو طاغوتا لـ»الاعتذار» لأن أحد «مواطنيه» المرتدين من كاتب أو صحفي أو ممثل أو عالم ضلالة طعن في دين الإسلام، بل نجد أن أقصى ما يفعله هؤلاء الضالون أن يستجدوا الطاغوت لكي يكف أذى هذا الطاعن بالدين، من خلال منعه من هذا الفعل، رغم علمهم اليقيني أن هذا الطاغوت هو الذي يفسح المجال لأعداء الدين للطعن فيه، بل ويؤمن له الحماية إن تعرّض للخطر، ويعاقب بأشد العقوبات من يتجرأ على المس بهم أو إيذائهم.
فعلى أي أساس يُشرع الجهاد إذا طعن في الدين نصراني مشرك، يعيش في دولة صليبية كافرة، ويُمنع الجهاد إذا طعن في الدين مرتد يزعم الإسلام، يعيش في بلدان المسلمين المسلوبة؟ مع أن الأصل أن المرتد أولى بالقتل من النصراني المحارب، والطاغوت الحامي لمن يطعن في الدين أولى بالقتال من الدولة الصليبية التي تفعل ذلك.
ومن القصص الكثيرة المثيرة للسخرية، التي تدل على سفاهة كثير من هؤلاء الناس، أن تراهم يلعنون الطاعنين في الدين، ويترحمون على أوليائهم ويحبونهم حبا جما، ومن ذلك الفرح الظاهر بعملية الانتقام من صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية التي استهزأت بالنبي عليه الصلاة والسلام، فلما كان الغد تسابق أولياء الصليبيين من الطواغيت والعلمانيين إلى إدانة الحادث والتضامن مع الصحيفة الطاعنة في الدين تحت شعار (كلنا شارلي)، مع ما يعنيه هذا الشعار من تبني لأفعالها الكفرية وموالاتها على هذا الأساس، بل وسافر بعض الطواغيت من أمثال أردوغان وعبد الله طاغوت الأردن آلاف الأميال ليحشروا أنفسهم في مسيرة تأييد للصحافة التي تطعن في دين الإسلام بمشاركة قادة الصليبيين المحاربين للإسلام.
أكفّاركم خير من أولئكم (2)
[1/2]
لا يزال المسلمون يعيبون على علماء الطواغيت أنهم لا ينكرون من المنكر إلا ما يأذن به أسيادهم، ولا يجاهرون بالعداء إلا لمن تحرّشهم أجهزة المخابرات عليه، ولكننا بتنا في أيامنا هذه نجد أن هذا الأمر توسع ليشمل كثيرا من المنتسبين للإسلام والذين يعيشون تحت حكم الطواغيت من أفراد وجماعات.
فتراهم يبدون الحماسة للإسلام، ويزعمون عداءهم لأعداء الدين مهما كانت ألوانهم وأعراقهم وجنسياتهم، ويظهرون أنهم لا يخافون في الله لومة لائم، حتى إذا وُضِعوا على المحك، ومُحِّصت ادعاءاتهم، تجدهم لا يتحركون إلا في حدود رسمها لهم الطواغيت ومخابراتهم، ولا يخرجون من المجال الذي يأذنون لهم به، بل ستكتشف أن كثيرا من أفعالهم وتحركاتهم إنما كانت بتوجيه ورضا من أجهزة المخابرات لقادتهم وشيوخهم، وتكون نتيجتها في المحصلة في حرب المسلمين.
وإن من أشهر الأمثلة على ذلك قضية تعامل الناس مع الملحدين والمستهزئين بالله عز وجل، ورسله عليهم السلام، ودين الإسلام، والمسلمين.
وهناك من القصص المعروفة الكثير، أبرزها قصة الملحد المرتد سلمان رشدي، وقصص الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية والفرنسية، وقصص إهانة المصحف من قبل الجنود الصليبيين.
وقد خصصنا بالذكر هذه القصص بسبب الغضبات الكبيرة التي أظهرها الناس ردا عليها، حيث خرجت المظاهرات في أكثر البلدان استنكارا لها، وأُحرقت أعلام الصليبيين، وأُطلقت الدعوات لجهاد الصليبيين، لاستهزاء رعاياهم بالدين، هذا عدا عن الدعوات الكثيرة لقتل الأفراد المستهزئين، والمكافآت الكبيرة التي وضعت لمن يغتالهم.
ولو دققنا في بعض ردود الأفعال تلك لوجدنا أنها لم تقم على أساس شرعي صحيح، بل كانت ردود الناس أكثرها استجابات حماسية لتحريض من حرضهم، ما لبثت أن خبت، وتناسى أصحابها الموضوع، وكأنه لم يكن، وعادوا إلى حياتهم الاعتيادية، بعد أن نفّسوا عن شيء من الغضب في داخلهم بالتظاهرات والصراخ.
وإلا لماذا يتظاهر الناس ضد سلمان رشدي المقيم في بريطانيا الصليبية لنشره كتابا يطعن في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويسعون لقتله، ومن أمثاله المئات بل الألوف من الكُتّاب العلمانيين والليبراليين يعيشون بين ظهورهم، ممن يقولون بكلام سلمان رشدي بل وبأشنع منه، ويصرحون بهذا الكلام على شاشات التلفاز، ويطبعون كتبهم ومقالاتهم ويوزعونها في بلدان المسلمين المسلوبة، دون أن تخرج ضدهم المظاهرات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، أو توضع لمن يقتلهم المكافآت، بل وتجد الكثير من أولئك الغاضبين من يجالس صديقه أو قريبه الملحد، ويتعايش معه، بل ويسمع منه الطعن في الدين دون أن ينكر عليه.
وكيف يقصرون الدعوة لـ»الجهاد» على دولة الدنمارك الصليبية لأن أحد مواطنيها استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم، مطالبين رئيس حكومتها بتقديم الاعتذار عن هذا الفعل! وفي الوقت نفسه يسكت هؤلاء أنفسهم عن الطواغيت الحاكمين لبلدان المسلمين المسلوبة، الحامين للملحدين والعلمانيين والضالين، المرسخين للشرك وللاستهزاء بالدين، فلا يخرجون لجهاد هؤلاء الطواغيت، ولا يدعون لذلك، بل ولم نسمع يوما أن أحدا من علماء السوء كرر تلك المطالبات الباهتة، بأن يدعو طاغوتا لـ»الاعتذار» لأن أحد «مواطنيه» المرتدين من كاتب أو صحفي أو ممثل أو عالم ضلالة طعن في دين الإسلام، بل نجد أن أقصى ما يفعله هؤلاء الضالون أن يستجدوا الطاغوت لكي يكف أذى هذا الطاعن بالدين، من خلال منعه من هذا الفعل، رغم علمهم اليقيني أن هذا الطاغوت هو الذي يفسح المجال لأعداء الدين للطعن فيه، بل ويؤمن له الحماية إن تعرّض للخطر، ويعاقب بأشد العقوبات من يتجرأ على المس بهم أو إيذائهم.
فعلى أي أساس يُشرع الجهاد إذا طعن في الدين نصراني مشرك، يعيش في دولة صليبية كافرة، ويُمنع الجهاد إذا طعن في الدين مرتد يزعم الإسلام، يعيش في بلدان المسلمين المسلوبة؟ مع أن الأصل أن المرتد أولى بالقتل من النصراني المحارب، والطاغوت الحامي لمن يطعن في الدين أولى بالقتال من الدولة الصليبية التي تفعل ذلك.
ومن القصص الكثيرة المثيرة للسخرية، التي تدل على سفاهة كثير من هؤلاء الناس، أن تراهم يلعنون الطاعنين في الدين، ويترحمون على أوليائهم ويحبونهم حبا جما، ومن ذلك الفرح الظاهر بعملية الانتقام من صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية التي استهزأت بالنبي عليه الصلاة والسلام، فلما كان الغد تسابق أولياء الصليبيين من الطواغيت والعلمانيين إلى إدانة الحادث والتضامن مع الصحيفة الطاعنة في الدين تحت شعار (كلنا شارلي)، مع ما يعنيه هذا الشعار من تبني لأفعالها الكفرية وموالاتها على هذا الأساس، بل وسافر بعض الطواغيت من أمثال أردوغان وعبد الله طاغوت الأردن آلاف الأميال ليحشروا أنفسهم في مسيرة تأييد للصحافة التي تطعن في دين الإسلام بمشاركة قادة الصليبيين المحاربين للإسلام.