زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ [1/3] عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: «ما شيء أحق بطول ...

منذ 5 ساعات
زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ
[1/3]

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: «ما شيء أحق بطول سجن من لسان» [رواه الطبراني في الكبير]، والمتأمل في حال مجالس المسلمين اليوم يرى فيها انفلاتا عجيبا للألسنة وتجرؤا غريبا على الأعراض بالقيل والقال، إلا من عصمه الله وهم قليل، ويكأنهم ما سمعوا قول ربهم، عز وجل: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]، ولو تدبّروه وتفكّروه، ووعوه وفقهوه، لوجلت من هوله القلوب.

وليس افتراء منا إن قلنا أن أكثر المجالس التي تشكو من وباء الغيبة هي مجالس النساء خاصة، ولا نقول كما قيل أنها أصبحت فاكهة المجالس، بل إنها زقوم المجالس، والله المستعان.

والغيبة بكسر الغين عرّفها النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أتدرون ما الغيبة؟) قالوا: «الله ورسوله أعلم»، قال: (ذكرك أخاك بما يكره)، قيل: «أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟» قال: (إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه) [رواه مسلم]، و(بَهَتَّه) من البهتان والزور وقول الباطل، عن قتادة قال: «كنا نحدّث أن الغيبة أن تذكر أخاك بما يشينه، وتعيبه بما فيه، وإن كذبت عليه فذلك البهتان» [انظر: تفسير الطبري].

وعن قتادة أيضا في تفسير قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} يقول: «كما أنت كاره لو وجدت جيفة مدودة أن تأكل منها، فكذلك فاكره غيبته وهو حي» [انظر: تفسير الطبري].

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت للنبي، صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله إن صفية امرأة» وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني: قصيرة، فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد مزجت بكلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزج) [رواه أبو داود والترمذي].

قال المباركفوري: «المعنى: أن هذه الغيبة لو كانت مما يمزج بالبحر، لغيّرته عن حاله مع كثرته وغزارته، فكيف بأعمال نزرة خلطت بها؟» [تحفة الأحوذي].

سبحان الله! هذه عائشة زوج النبي وأم المؤمنين، الصِدّيقة التقية الورعة الحافظة العالمة تشير بيدها فقط لتصف أختها (أي ضرتها) للنبي -صلى الله عليه وسلم- في غيابها ولم تفعل ذلك إلا لغيرتها، ولكن النبي ينهاها ويحذّرها من كلمتها التي قالتها، ولم يقل هي غَيرى ولا بأس بذلك، فقد غارت عائشة وضربت يد خادم كان يحمل صحفة فيها طعام من إحدى زوجاته فسقطت وانفلقت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لصحابته: (غارت أمكم) [رواه البخاري وغيره]، فاستوعب غيرتها والتمس لها العذر، ولم يجعل غيرتها عذرا لها فيما قالته في صفية، رضي الله عنها.

وعن معاذ بن جبل، قال: «كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال: (لقد سألتَ عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} [السجدة: 16]، ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده، وذروة سنامه؟) فقلت: بلى يا رسول الله، قال: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد)، ثم قال: (ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟)، قلت: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه، فقال: (كفّ عليك هذا)، فقلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم يوم القيامة إلا حصائدُ ألسنتهم) [رواه الترمذي].

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا، يهوي بها سبعين خريفا في النار)، ولفظ (الرجل) هنا لا يعني أن المعنيين بالخطاب الرجال فحسب، بل المرأة كذلك يشملها هذا الحديث وهذا الوعيد، وإن كانت كلمة تفعل بصاحبها هذا الفعل، فكيف بكلمات وكلمات، بل كيف بمجالس تدوم لساعات وساعات، لا حديث فيها إلا عن فلان أو فلانة.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

66827433edad6

  • 1
  • 0
  • 2

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً