السلطان محمود الغزنوي محطم الأوثان وناصر السنة (٢/٢) أما أعظم فتوحات هذا السلطان في تحطيم ...
منذ يوم
السلطان محمود الغزنوي محطم الأوثان وناصر السنة
(٢/٢)
أما أعظم فتوحات هذا السلطان في تحطيم الأصنام وأعظمها أثرا هو هدمه لمعبود الوثنيين الأعظم الصنم (سومنات) سنة (416 هـ)، قال ابن الأثير في وصفه: «وهذا الصنم كان أعظم أصنام الهند، وهم يحجون إليه كل ليلة خسوف، فيجتمع عنده ما ينيف على مائة ألف إنسان... وكانوا يحملون إليه كل علق نفيس، ويعطون سدنته كل مال جزيل، وله من الموقوف ما يزيد على عشرة آلاف قرية».
ولم يكن ما دعا السلطان لتكلف المشقة في غزوه وهدمه هو ما فيه من مال وذخائر، ولكنه أراد قطع دابر عبادة الأصنام بهدم سيدها عند الهنود، قال ابن الأثير: «كان يمين الدولة كلما فتح من الهند فتحا، وكسر صنما يقول الهنود: إن هذه الأصنام قد سخط عليها سومنات، ولو أنه راض عنها لأهلك من تقصدها بسوء، فلما بلغ ذلك يمين الدولة عزم على غزوه وإهلاكه ظنا منه أن الهنود إذا فقدوه، ورأوا كذب ادعائهم الباطل، دخلوا في الإسلام فاستخار الله تعالى وسار عن غزنة عاشر شعبان من هذه السنة، في ثلاثين ألف فارس من عساكره سوى المتطوعة».
وأما الطريق للوصول إلى هذا الصنم فكان شاقا خطرا لأنه يقتضي عبور الصحراء، ولكن كل هذه المخاطر لم تثن عزم السلطان الموحّد عن هدم هذا الوثن. قال ابن الأثير: «فلما قطع المفازة رأى في طرفها حصونا مشحونة بالرجال، وعندها آبار قد غوروها ليتعذر عليه حصرها، فيسر الله تعالى فتحها عند قربه منها بالرعب الذي قذفه في قلوبهم، وتَسلَّمها، وقتل سكانها وأهلك أوثانها، وامتاروا منها الماء وما يحتاجون إليه»، وقد وصل السلطان إلى سومنات بعد قفار قطعها وأقوام حاربهم وحصون حاصرها، قال ابن الأثير: «فوصلها يوم الخميس منتصف ذي القعدة فرأى حصنا حصينا مبنيا على ساحل البحر بحيث تبلغه أمواجه، وأهله على الأسوار يتفرجون على المسلمين، واثقين أن معبودهم يقطع دابرهم ويهلكهم»، وهكذا هي عقلية عُبّاد الأوثان ولكن أنّى لهم الوقوف أمام جند التوحيد الذين يجاهدون في سبيل الله ليطهروا الأرض من رجس الشرك وأهله.
يروي لنا ابن الأثير تفاصيل المعركة، وصدمة الوثنيين بعدم تحريك معبودهم أي ساكن أمام من جاء يهدمه ويحطمه، وهم الذين عقدوا عليه الآمال وزعموا أن ما فني من أصنامهم بسبب غضب هذا المعبود عليه، لكونهم يؤمنون أن معبوداتهم تتقاتل فيما بينها، قال ابن الأثير: «فرأى الهنود من المسلمين قتالا لم يعهدوا مثله، ففارقوا السور فنصب المسلمون عليه السلالم، وصعدوا إليه وأعلنوا بكلمة الإخلاص، وأظهروا شعار الإسلام، فحينئذ اشتد القتال، وعظم الخطب وتقدم جماعة الهنود إلى سومنات، فعفروا له خدودهم، وسألوه النصر، وأدركهم الليل فكف بعضهم عن بعض، فلما كان الغد بكر المسلمون إليهم وقاتلوهم، فأكثروا في الهنود القتل، وأجلوهم عن المدينة إلى بيت صنمهم سومنات، فقاتلوا على بابه أشد قتال، وكان الفريق منهم بعد الفريق يدخلون إلى سومنات فيعتنقونه ويبكون، ويتضرعون إليه، ويخرجون فيقاتلون إلى أن يقتلوا، حتى كاد الفناء يستوعبهم، فبقي منهم القليل، فدخلوا البحر إلى مركبين لهم لينجوا فيهما، فأدركهم المسلمون فقتلوا بعضا وغرق بعض»، وأما مصير الصنم سومنات، «فأخذه يمين الدولة فكسره، وأحرق بعضه، وأخذ بعضه معه إلى غزنة، فجعله عتبة الجامع»، فأُهين الصنم أيّما إهانة بعد تحطيمه.
وقد غنم المسلمون في هذه الغزوة ما عوضوا به ما أنفقوه في جهادهم رزقا من الله -عز وجل- قال ابن الأثير: «وقيمة ما في البيوت تزيد على عشرين ألف ألف دينار، فأخذ الجميع، وكان عدد القتلى يزيد على خمسين ألف قتيل».
واستمر السلطان محمود الغزنوي في جهاده حتى توفاه الله –عز وجل- سنة (421 هـ)، وقد كان لعمله وجهاده في الهند -رحمه الله- أثر كبير في استقرار الإسلام في الهند قرونا طويلة، وكذلك كان لهدمه صنمهم سومنات أثر كبير على الوثنيين، ولم يتوقف حرص السلطان الغزنوي وجهاده في سبيل الله على قتال المشركين، بل كان أيضا سيفا مسلطا على رقاب المبتدعة والزنادقة الباطنيين، فقمع البدعة وأحيى السنة، وارتفع الأثر في عهده رحمه الله.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 هـ
• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
(٢/٢)
أما أعظم فتوحات هذا السلطان في تحطيم الأصنام وأعظمها أثرا هو هدمه لمعبود الوثنيين الأعظم الصنم (سومنات) سنة (416 هـ)، قال ابن الأثير في وصفه: «وهذا الصنم كان أعظم أصنام الهند، وهم يحجون إليه كل ليلة خسوف، فيجتمع عنده ما ينيف على مائة ألف إنسان... وكانوا يحملون إليه كل علق نفيس، ويعطون سدنته كل مال جزيل، وله من الموقوف ما يزيد على عشرة آلاف قرية».
ولم يكن ما دعا السلطان لتكلف المشقة في غزوه وهدمه هو ما فيه من مال وذخائر، ولكنه أراد قطع دابر عبادة الأصنام بهدم سيدها عند الهنود، قال ابن الأثير: «كان يمين الدولة كلما فتح من الهند فتحا، وكسر صنما يقول الهنود: إن هذه الأصنام قد سخط عليها سومنات، ولو أنه راض عنها لأهلك من تقصدها بسوء، فلما بلغ ذلك يمين الدولة عزم على غزوه وإهلاكه ظنا منه أن الهنود إذا فقدوه، ورأوا كذب ادعائهم الباطل، دخلوا في الإسلام فاستخار الله تعالى وسار عن غزنة عاشر شعبان من هذه السنة، في ثلاثين ألف فارس من عساكره سوى المتطوعة».
وأما الطريق للوصول إلى هذا الصنم فكان شاقا خطرا لأنه يقتضي عبور الصحراء، ولكن كل هذه المخاطر لم تثن عزم السلطان الموحّد عن هدم هذا الوثن. قال ابن الأثير: «فلما قطع المفازة رأى في طرفها حصونا مشحونة بالرجال، وعندها آبار قد غوروها ليتعذر عليه حصرها، فيسر الله تعالى فتحها عند قربه منها بالرعب الذي قذفه في قلوبهم، وتَسلَّمها، وقتل سكانها وأهلك أوثانها، وامتاروا منها الماء وما يحتاجون إليه»، وقد وصل السلطان إلى سومنات بعد قفار قطعها وأقوام حاربهم وحصون حاصرها، قال ابن الأثير: «فوصلها يوم الخميس منتصف ذي القعدة فرأى حصنا حصينا مبنيا على ساحل البحر بحيث تبلغه أمواجه، وأهله على الأسوار يتفرجون على المسلمين، واثقين أن معبودهم يقطع دابرهم ويهلكهم»، وهكذا هي عقلية عُبّاد الأوثان ولكن أنّى لهم الوقوف أمام جند التوحيد الذين يجاهدون في سبيل الله ليطهروا الأرض من رجس الشرك وأهله.
يروي لنا ابن الأثير تفاصيل المعركة، وصدمة الوثنيين بعدم تحريك معبودهم أي ساكن أمام من جاء يهدمه ويحطمه، وهم الذين عقدوا عليه الآمال وزعموا أن ما فني من أصنامهم بسبب غضب هذا المعبود عليه، لكونهم يؤمنون أن معبوداتهم تتقاتل فيما بينها، قال ابن الأثير: «فرأى الهنود من المسلمين قتالا لم يعهدوا مثله، ففارقوا السور فنصب المسلمون عليه السلالم، وصعدوا إليه وأعلنوا بكلمة الإخلاص، وأظهروا شعار الإسلام، فحينئذ اشتد القتال، وعظم الخطب وتقدم جماعة الهنود إلى سومنات، فعفروا له خدودهم، وسألوه النصر، وأدركهم الليل فكف بعضهم عن بعض، فلما كان الغد بكر المسلمون إليهم وقاتلوهم، فأكثروا في الهنود القتل، وأجلوهم عن المدينة إلى بيت صنمهم سومنات، فقاتلوا على بابه أشد قتال، وكان الفريق منهم بعد الفريق يدخلون إلى سومنات فيعتنقونه ويبكون، ويتضرعون إليه، ويخرجون فيقاتلون إلى أن يقتلوا، حتى كاد الفناء يستوعبهم، فبقي منهم القليل، فدخلوا البحر إلى مركبين لهم لينجوا فيهما، فأدركهم المسلمون فقتلوا بعضا وغرق بعض»، وأما مصير الصنم سومنات، «فأخذه يمين الدولة فكسره، وأحرق بعضه، وأخذ بعضه معه إلى غزنة، فجعله عتبة الجامع»، فأُهين الصنم أيّما إهانة بعد تحطيمه.
وقد غنم المسلمون في هذه الغزوة ما عوضوا به ما أنفقوه في جهادهم رزقا من الله -عز وجل- قال ابن الأثير: «وقيمة ما في البيوت تزيد على عشرين ألف ألف دينار، فأخذ الجميع، وكان عدد القتلى يزيد على خمسين ألف قتيل».
واستمر السلطان محمود الغزنوي في جهاده حتى توفاه الله –عز وجل- سنة (421 هـ)، وقد كان لعمله وجهاده في الهند -رحمه الله- أثر كبير في استقرار الإسلام في الهند قرونا طويلة، وكذلك كان لهدمه صنمهم سومنات أثر كبير على الوثنيين، ولم يتوقف حرص السلطان الغزنوي وجهاده في سبيل الله على قتال المشركين، بل كان أيضا سيفا مسلطا على رقاب المبتدعة والزنادقة الباطنيين، فقمع البدعة وأحيى السنة، وارتفع الأثر في عهده رحمه الله.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 هـ
• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at