أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها (٢/٢) ولما أمر الله تعالى بأداء الأمانات نهى عن ضد ذلك وهو ...

منذ 23 ساعة
أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها
(٢/٢)

ولما أمر الله تعالى بأداء الأمانات نهى عن ضد ذلك وهو الخيانة، فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 27-28].
فأمر تعالى عباده المؤمنين أن يؤدوا ما ائتمنهم الله عليه من أوامره ونواهيه، فمن أدى الأمانة استحق من الله الثواب الجزيل، ومن لم يؤدها -بل خانها- استحق العقاب الوبيل، وصار خائناً لله وللرسول -صلى الله عليه وسلم- ولأمانته، منقصاً لنفسه بكونها اتصفت بأخس الصفات، وهي الخيانة، مفوتاً لها أكمل الصفات وأتمها، وهي الأمانة.

ولما كان العبد ممتحناً بأمواله وأولاده، فربما حملته محبة ذلك على تقديم هوى نفسه على أداء أمانته، أخبر تعالى أن الأموال والأولاد فتنة يبتلي الله بهما عباده، وأنها عارية ستؤدى لمن أعطاها، وترد لمن استودعها، {وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}، والمعنى: فإن كان لكم عقل ورأي، فآثروا فضله العظيم على اللذة الصغيرة الفانية المضمحلة، فالعاقل يوازن بين الأشياء، ويؤثر أولاها بالإيثار، وأحقها بالتقديم.

من أعظم الأمانات ما ذكره الله تعالى في الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}، أمانة حكم الناس بشريعة الله وعدم اتباع أهوائهم، والحذر من أن يفتنوا من يحكمهم عن بعض شريعة الله بالترغيب أو الترهيب أو تلبيس الحق بالباطل، والقيام بأمانة الحكم بما أنزل الله هو عمل الأنبياء والربانيين والخلفاء الراشدين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون)؛ قالوا: «فما تأمرنا؟» قال: (فوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم) [متفق عليه].

ويحمل أهل العلم أمانة عظيمة، وهي أن يبينوا الحق للناس ولا يكتموه، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187]، وإذا قام أولو الأمر من الأمراء والعلماء بحقوق الأمانة الملقاة على عاتقهم، لزمت الرعية طاعتهم في طاعة الله، ومعاونتهم على تحكيم شريعة الله، والنصيحة لهم، وأن يعلم كل مؤمن في الدولة الإسلامية الأمانة التي على عاتقه، فيتقي الله فيما استرعاه إياه، كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته) [متفق عليه].

وما توفيقنا إلا بالله، عليه توكلنا وإليه ننيب.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 52
الخميس 26 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at

679449f57f363

  • 0
  • 0
  • 2

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً