وإنَّ المرأة إن احتسبت ما تنفقه على زوجها وأولادها من مالها، فإنه لها من أعظم الصدقات أجرا، كما روى ...
منذ 22 ساعة
وإنَّ المرأة إن احتسبت ما تنفقه على زوجها وأولادها من مالها، فإنه لها من أعظم الصدقات أجرا، كما روى الشيخان عن زينب امرأة ابن مسعود -رضي الله عنهما- أنها قالت لبلال، رضي الله عنه: «سل النبي -صلى الله عليه وسلم- أيجزي عني أن أنفق على زوجي، وأيتام لي في حجري؟» فحينما سأله، أجاب النبي، صلى الله عليه وسلم: (نعم، لها أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة)».
وللمسلمة في أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- خير مثال، فقد جعلت مالها كله في يد زوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينفق منه على نفسه، وعلى إخوانه.
يقول بعض المفسرين في تفسير قول الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8]؛ أي أغناك بمال خديجة بنت خويلد، ومعلوم أن أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- كانت من أشراف قريش وأوفرهم مالا، وحينما منَّ الله -عز وجل- عليها بالزواج من سيد الأنام، لم تبخل عليه بمالها، قال صاحب «أضواء البيان»: «قال النيسابوري ما نصه: يروى أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل على خديجة وهو مغموم، فقالت: ما لك؟ فقال: (الزمان زمان قحط، فإن أنا بذلت المال ينفد مالك، فأستحيي منك، وإن أنا لم أبذل أخاف الله)، فدعت قريشا وفيهم الصديق، قال الصديق: فأخرجت دنانير حتى وضعتها، بلغت مبلغا لم يقع بصري على من كان جالسا قدامي؛ ثم قالت: اشهدوا أن هذا المال ماله، إن شاء فرقه، وإن شاء أمسكه».
والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد عرف لها ذلك حتى بعد موتها -رضي الله عنها- فقد روى أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة أثنى عليها، فأحَسَنَ الثناء، فغرتُ يوما، فقلت: ما أكثرَ ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله -عز وجل- بها خيرا منها؛ قال: (ما أبدلني الله -عز وجل- خيرا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدّقتني إذ كذّبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله -عز وجل- ولدها إذ حرمني أولاد النساء)».
هذه أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- تعطي المال دون منٍّ أو أذى -حاشاها- ولا تذكِّر زوجها بسبب ومن دون سبب بما تعطيه إياه ولا تعيّره، ولا تطالبه عند الغضب بما وهبته إياه عند الرضا، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)» [متفق عليه].
ويوم قدّر الله تعالى على النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن آمن معه أن يُحاصَروا في شعب أبي طالب لسنين، تركت خديجة مالها وكل ما تملك واختارت الله ورسوله، فلله درها ولله در كل كريمة لها فنع في الجود، همها إسعاد معسر بعد رضا المعبود. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 51
الخميس 19 محرم 1438 هـ
• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
وللمسلمة في أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- خير مثال، فقد جعلت مالها كله في يد زوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينفق منه على نفسه، وعلى إخوانه.
يقول بعض المفسرين في تفسير قول الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8]؛ أي أغناك بمال خديجة بنت خويلد، ومعلوم أن أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- كانت من أشراف قريش وأوفرهم مالا، وحينما منَّ الله -عز وجل- عليها بالزواج من سيد الأنام، لم تبخل عليه بمالها، قال صاحب «أضواء البيان»: «قال النيسابوري ما نصه: يروى أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل على خديجة وهو مغموم، فقالت: ما لك؟ فقال: (الزمان زمان قحط، فإن أنا بذلت المال ينفد مالك، فأستحيي منك، وإن أنا لم أبذل أخاف الله)، فدعت قريشا وفيهم الصديق، قال الصديق: فأخرجت دنانير حتى وضعتها، بلغت مبلغا لم يقع بصري على من كان جالسا قدامي؛ ثم قالت: اشهدوا أن هذا المال ماله، إن شاء فرقه، وإن شاء أمسكه».
والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد عرف لها ذلك حتى بعد موتها -رضي الله عنها- فقد روى أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة أثنى عليها، فأحَسَنَ الثناء، فغرتُ يوما، فقلت: ما أكثرَ ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله -عز وجل- بها خيرا منها؛ قال: (ما أبدلني الله -عز وجل- خيرا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدّقتني إذ كذّبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله -عز وجل- ولدها إذ حرمني أولاد النساء)».
هذه أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- تعطي المال دون منٍّ أو أذى -حاشاها- ولا تذكِّر زوجها بسبب ومن دون سبب بما تعطيه إياه ولا تعيّره، ولا تطالبه عند الغضب بما وهبته إياه عند الرضا، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)» [متفق عليه].
ويوم قدّر الله تعالى على النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن آمن معه أن يُحاصَروا في شعب أبي طالب لسنين، تركت خديجة مالها وكل ما تملك واختارت الله ورسوله، فلله درها ولله در كل كريمة لها فنع في الجود، همها إسعاد معسر بعد رضا المعبود. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 51
الخميس 19 محرم 1438 هـ
• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at