عيد الأضحى شعيرة يجب تعظيمها ما هي إلا أيام قليلة ويحلّ علينا يوم النحر (الأضحى)، ذلك اليوم الذي ...

منذ 2025-04-07
عيد الأضحى شعيرة يجب تعظيمها

ما هي إلا أيام قليلة ويحلّ علينا يوم النحر (الأضحى)، ذلك اليوم الذي جعله الله شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، وشرعه الله ميقاتا لعبادة عظيمة من عبادات الإسلام وهي النُسُك، أي نحر الأضاحي تقرّبا لله وحده -سبحانه وتعالى- وجعل أيامه مزامنة للأيام المعدودات التي شرع الله فيهن أداء فريضة الحج على المسلمين، كما أمر المؤمنين أن يتخذوه عيدا لأمّة الإسلام، يفرحون فيه بفضل الله، ويهنّئ بعضهم بعضا فيه، ويتّخذونه لهم شعارا يميّزهم عن أمم الشرك والكفر، فلا يشاركون المشركين أعيادهم ومهرجاناتهم، بل يخالفونهم فيها إلى ما شرعه الله لهم من الأعياد، وهما يوما فطرهم ونحرهم.

وقد دلت الأحاديث الكثيرة على أن اتخاذ هذا اليوم عيدا للمسلمين هو شريعة شرعها الله تعالى، منها حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم- المدينة قال: (كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى)» [رواه النسائي، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي].

وبذلك يتبيّن أن تعظيم هذا اليوم، واتخاذه عيدا، إنما هو تعظيم لأمر الله تعالى، الذي جعل هذا اليوم خاصّا بأمّة الإسلام، كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، وأن إظهار الفرح والسرور بهذا اليوم أمر مندوب، كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لصاحبه أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- في قصة الجواري اللواتي كن يغنين عند أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها: (يا أبا بكر، إن لكلّ قومٍ عيدا، وإنّ هذا عيدنا) [رواه البخاري ومسلم]، بخلاف ما يدعو إليه بعض الناس هذه الأيام، ممّن ينهى المسلمين عن اتخاذه عيدا وفرحا بقوله: «لا عيد حتى تتحرّر القدس!»، أو «لا عيد والمسلمون يُقتَّلون في كل مكان!»، وما إلى ذلك من الأقوال المنكرة التي ما أنزل الله بها من سلطان، وما لهم عليها من بينة ولا دليل، بل شابهوا فيها قول الرافضة الذين خالفوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بشكر الله -عز وجل- يوم العاشر من محرم على إنجائه موسى -عليه السلام- وقومه من فرعون بالصوم، بأن جعلوه يوم نَوْح ولطم بدعوى أنّه وافق يوم مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما.

ومن صور تعظيم هذا اليوم طاعة الله تعالى فيما أمر به من عبادات مخصوصة به، وعلى رأسها النُسُك وهو نحر الأضاحي قربة لله -عز وجل- فقد قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج: 34]، وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162]، لذلك فإن الحرص على أداء هذه العبادة هو حرص على التوحيد، وإظهار له، وصورة من صور البراءة من الطواغيت الذين يذبح المشركون لهم الذبائح تقربا إليهم من دون الله -جل جلاله- وصورة من صور التمايز بين أهل الإيمان وأهل الأوثان ينبغي على الموحّدين إظهارها والحرص عليها.

وقد قال طائفة من الفقهاء بأن هذه العبادة واجبة على كل قادر من المسلمين يأثم بتركها، واتفق من لم يقل بوجوبها على أنها سنّة مؤكّدة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أما وقتها فبعد صلاة يوم النحر، وطيلة أيام التشريق الثلاث التي تليه، لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاةً مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله) [رواه البخاري ومسلم].

ومن عبادات هذا العيد أيضا، التكبير عقب الصلوات وفي الطريق إلى صلاة العيد، ورفع الصوت بذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «أصحّ الأقوال في التكبير، الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة: أن يكبَّر من فجر يوم عرفة، إلى آخر أيام التشريق، عقب كل صلاة، ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة» [مجموع الفتاوى].

ومن هذه العبادات أداء صلاة العيد مع الجماعة، ومن سننها تأخيرها يوم الفطر، ليتمكّن المسلمون من أداء زكاة فطرهم، بينما يُسنّ تبكيرها يوم النحر ليتمكّن المسلمون من ذبح أضاحيهم، وكذلك فإنه يسنّ أن يَطعم المسلم قبل الصلاة يوم فطره، ولا يَطعم قبل الصلاة يوم نحره حتى يأكل من ذبيحته بعد الصلاة.

ومن صور تعظيم هذه الأيام أن يترك المرء ما يندب فعله في أيام أخرى من السنة، وهو صيام التطوّع، لأنها أيام أكل وشرب كما وصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله) [رواه مسلم].

ومن صور تعظيم هذا اليوم اجتناب المعاصي والآثام فيه، كالنياحة على الموتى، والتبرّج وحلق اللحى بدعوى التزيّن، واختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم والمصافحة بينهم بدعوى تهنئة العيد، والإسراف في المأكل والمشرب والملبس، وشرب الدخان، والدخول إلى أماكن الفسق والمجون، وسماع الأغاني و مشاهدة المسلسلات والأفلام والمسرحيات والبرامج التي فيها ما حرّم الله بدعوى الفرح بالعيد، وقطع الرحم والتهاجر بين المسلمين، وغير ذلك من المعاصي التي يفعلها بعض الناس في هذه الأيام عوضا عن هجر المنكرات فيها تعظيما لشأنها.

وإننا نحمد الله تعالى أن أعاد علينا هذا العيد ونحن في ظل دولة الخلافة، وفي دار الإسلام، حيث يكون الدين كله لله تعالى وحده لا شريك له، وحيث تحكّم شريعته، وتقام حدوده، ويؤمر فيها بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعزّ فيها المسلمون، ويخنس المنافقون.

ولكن ما زال في الحلق غصّة من بقاء بيت الله الحرام وما جاوره من الأرض أسيرا بيد المرتدين من طواغيت آل سعود، الذين يمنعون الموحّدين منه كما كان مشركو قريش يفعلون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، فيحرمونهم بذلك من أداء فريضة الحج التي افترضها الله على من استطاع إليه سبيلا من المسلمين، وفي الوقت ذاته يفتح أولئك الطواغيت الباب مشرعا أمام إخوانهم المشركين من الرافضة والقبوريين والطواغيت والإخوان المرتدين ليدخلوا المسجد الحرام، وقد أمر الله سبحانه بمنعهم من دخوله بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]، وتمتد أياديهم النجسة أيضا إلى مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليقيموا مجالسهم الشركية في جواره.

فإن كنا حبسَنا وإخواننا العذر عن أداء ما افترضه الله علينا هذا العام من حج بيته الحرام، فإننا واثقون من فتح الله القريب لنا، كما فتح على نبيه -صلى الله عليه وسلم- من قبل، بعد أن صدقه وعده، {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27].

ولنطهرنّ مكّة -بإذن الله- من أوثان الطواغيت المتمثلة بمحاكمهم الوضعية الشركية، كما طهرها نبينا -صلى الله عليه وسلم- من أوثان قريش وأصنامهم، وكما طهرها تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب من أوثان الصوفيّة والروافض، وما ذلك على الله بعزيز.

• المصدر: صحيفة النبأ - العدد 46
الثلاثاء 4 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام
@wmc11ar

66827433edad6

  • 5
  • 0
  • 25

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً