رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (78)- يقظتنا ويقظتهم (5)
وببديهة العقل، لم يكن للمسيحية الشمالية يومئذ خيار، طريق واحد لا غير، هو العمل السريع المحكم، واهتبال الغفلة المحيطة بهذه اليقظة الوليدة، كما حدثتك آنفًا، ومعاجلتها في مهدها قبل أن يتم تمامها ويستفحل أمرها، وتصبح قوة قادرة على الصراع والحركة والانتشار، فأن تم ذلك، فما هو إلا أن تعود الحرب بين الشمال والجنوب جذعة، وعندئذ لا يضمن أحد مغبة الصراع المشتعل بين سلاحين متكافئين، وثقافتين متكاملتين. لا يضمن أحد لأي الفئتين تكون الدولة والغلبة والسيادة ومرة أخرى أقول لك: لا تنظر الآن إلى الفرق الهائل الكائن اليوم بين الشمال المسيحي والجنوب الإسلامي. ولعلم الاستشراق يومئذ بهذه الحقيقة، كان فزعهم الأكبر. لا تنس هذا أبدًا، وكن على حذر من الضلال، ومن التضليل والتغرير الذي تعج به اليوم حياتنا هذه الأدبية الفاسدة، وألسنتها الثرثارة المتشدقة بأوهام (الأصالة والمعاصرة) و (القديم والجديد) و (الثقافة العالمية)، وبالقضية الهزلية: قضية موقفنا من الغرب! ياله من عار فاضح! وياله من عبث رزين متعاقل!
محمود محمد شاكر
اللأديب الناقد المحقق الشهير العلم إمام العربية وحامي حماها الشيخ أبو فهر محمود محمد شاكر ابن الشيخ محمد شاكر قاضي القضاة الشرعيين في مصر وأخو الشيخ العلامة محدث الديار المصرية أحمد محمد شاكر رحمهم ال
- التصنيف:
- المصدر: