سورة الأعلى - تفسير السعدي
" سبح اسم ربك الأعلى "
نزه اسم ربك الأعلى عن الشريك والنقائص تنزيها يليق بعظمته سبحانه,
" الذي خلق فسوى "
الذي خلق المخلوقات, فأتقن خلقها, وأحسنه,
" والذي قدر فهدى "
والذي قدر جميع المقدرات, فهدى كل خلق إلى ما يناسبه,
" والذي أخرج المرعى "
والذي أنبت الكلأ الأخضر,
" فجعله غثاء أحوى "
فجعله بعد ذلك هشيما جافا متغيرا.
" سنقرئك فلا تنسى "
سنقرئك- يا محمد- هذا القرآن قراءة لا تنساها,
" إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى "
إلا ما شاء الله مما اقتضت حكمته أن ينسيه لمصلحة يعلمها.
إنه - سبحانه- يعلم الجهر من القول والعمل, وما يخفى منهما.
" ونيسرك لليسرى "
ونيسرك لليسرى في جميع أمورك, ومن ذلك تسهيل تلقي أعباء الرسال, وجعل دينك يسرا لا عسر فيه.
" فذكر إن نفعت الذكرى "
فعظ قومك- يا محمد- بالقرآن إن نفعت الموعظة.
فالتذكير واجب وإن لم ينفع, فالتوفيق بيد الله وحده, وما عليك إلا البلاغ.
" سيذكر من يخشى "
سيتعظ الذي يخاف ربه,
" ويتجنبها الأشقى "
ويبتعد عن الذكرى الأشقى الذي لا يخشى ربه,
" الذي يصلى النار الكبرى "
الذي سيدخل نار جهنم العظمى يقاسي حرها,
" ثم لا يموت فيها ولا يحيا "
ثم لا يميت فيها فيستريح, ولا يحيا حياة تنفعه.
" قد أفلح من تزكى "
قد فاز من طهر نفسه من الأخلاق السيئة.
" وذكر اسم ربه فصلى "
وذكر الله, فوحده ودعاه وعمل بما يرضيه, وأقام الصلاة في أوقاتها ابتغاء رضوان الله وامتثالا لشرعه
" بل تؤثرون الحياة الدنيا "
إنكم -أيها الناس- تفضلون زينة الحياة الدنيا على نعيم الآخرة.
" والآخرة خير وأبقى "
والدار الآخرة بما فيها من النعيم المقيم, خير من الدنيا وأبقى.
" إن هذا لفي الصحف الأولى "
إن ما أخبرتم به في هذه السورة هو مما ثبت معناه في الصحف التي أنزلت قبل القرآن.
" صحف إبراهيم وموسى "
وهي صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.