إبراهيم السكران
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
لقد كنت أفهم حديث ابن أبي ميكة عن قلق الصحابة من النفاق على أنه (ورع الصحابة) فقط، يقول فيه: "أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كلهم يخاف النفاق على نفسه" (صحيح البخاري). كنت أقول في نفسي: إن هذا من باب الاحتياط، ولكن هذه الآية العجيبة {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًۭا فِى قُلُوبِهِمْ} والتي شاهد واقعتها عيانًا، هي التي جعلتهم يفهمون النفاق على أنه (أثر) لتصرفات معينة، كثيرًا ما يكون صاحبها لم يتوقع نتائجها.
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
إن النبي صلى الله عليه وسلم، شرح كيف أن من ابتلاه الله بنفاق في قلبه يجد مشقة كبيرة في الصلاة، ولذلك يجعلها في أواخر الوقت دومًا
«تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان؛ قام فنقرها أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلًا» (صحيح مسلم). بالله عليك ألم يرعبك الحديث؟!
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
وما الذي يؤمننا نحن حين نقصر في أمر علمنا تعظيم الله له أن لا يعقبنا ذلك نفاقًا في قلوبنا؟ وما الذي يؤمننا حين ننتهك أمرًا علمنا حرمته عند الله أن لا يعقبنا ذلك نفاقًا في قلوبنا؟!
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
كم كنت مندهشَا حين رأيت القرآن يتحدث عن المنافقين بأنهم يصلون، ويتصدقون، ويذكرون الله! فأشار القرآن إلى كون المنافقين يصلون، بل إلى أنهم يذكرون الله، كما في قول الله تعالى {إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَـٰدِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوٓا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلًۭا} [النساء:142]. يا الله المنافق يصلي، بل ويذكر الله قليلًا، ومع ذلك لم يمنع ذلك عن وصفه بالنفاق!
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
تأمل! إنهم قوم يؤمنون بالله لدرجة أنهم عاهدوا ربهم، ولم يفعلوا أكثر من البخل بالمال بعد المعاهدة، ومع ذلك هجم النفاق على قلوبهم بسبب ذلك! {وَمِنْهُم مَّنْ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ ءَاتَىٰنَا مِن فَضْلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ . فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُم مِّن فَضْلِهِۦ بَخِلُوا۟ بِهِۦ وَتَوَلَّوا۟ وَّهُم مُّعْرِضُونَ . فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًۭا فِى قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُۥ بِمَآ أَخْلَفُوا۟ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا۟ يَكْذِبُونَ} [التوبة:75-77].
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
أتذكر مرة أنني كنت أستمع من يتحدث عن النجاح والوقت، ولما جاء لقضية النوم، عرض النوم كما يعرضه الإنسان الغربي تمامًا، بل صار يغالي في ضرورة أخذ أكبر قدر من النوم، فأين ذهبت حقائق القرآن {كَانُوا۟ قَلِيلًۭا مِّنَ ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17]، {أَمَّنْ هُوَ قَـٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيْلِ سَاجِدًۭا وَقَآئِمًۭا} [الزمرمن الآية:9]، صحيح أن ذلك نفل، ولكن لماذا صار النفل يغيب عن وصايانا؟ والله لو تدبرنا القرآن ونحن مستحضرون هذا السؤال: كيف نصوغ حياتنا في ليلنا ونهارنا؟ لفجعنا بشدة المفارقة.
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
قال لي مرة أحد: "المشايخ يمارسون التهويل في تصوير الخلل الديني في مجتمعنا، ولو ركزوا على الكبائر لعلموا أن أمورنا الدينية جيدة، والمشكلة عندنا في دنيا المسلمين فقط"، المقارنة بين مشهدي الساعة 5 و7 صباحًا هي من أهم المفاتيح لمن يريد أن يعرف منزلة الدنيا في قلوبنا مقارنة بدين الله. لا أتحدث عن لحية، ولا معازف، وإنما أتحدث عن رأس شعائر الإسلام، إنها الصلاة! التي قبضت روح رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوصي بها أمته ويكرر "الصلاة.. الصلاة".
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
وتمعن كيف جعل الله الصلاة تصوغ أخلاقنا! إنها ليست مجرد حركات وسكنات وألفاظ، بل إنها تربينا، إنها تهذب سلوكياتنا، كما وصف الله الصلاة {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ ۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ} [العنكبوت من الآية:45]. ولذلك فإن المرء إذا كان متهتك الأخلاق فهو لم يصل حقيقة، وإن زعم أنه يصلي، ولذلك قال الإمام ابن تيمية: "فإن الصلاة إذا أتي بها كما أمر نهته عن الفحشاء والمنكر، وإذا لم تنهه دل على تضييعه لحقوقها" (الفتاوى [22/6])
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
وترى المرء يتكلف أعمالًا صالحة، بصيام أو عمرة أو صدقة ونحوها، ثم يفرط في صلاته فيخسر كل هذه الأعمال، وتذهب عليه هباءً، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متفطنين لهذا المعنى، كما روى البخاري عن أبي المليح قال: "كنا مع بريدة في غزوة، في يوم ذي غيم، فقال: بكروا بصلاة العصر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله»" (رواه البخاري).
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
ومن ألطف مواضع السهر الإيماني أن الله جعله من أهم عناصر التأهيل الدعوي في بداية الطريق، الله لم يجعل أعظم السهر الإيماني في آخر الدعوة النبوية بعد استيفاء التدرج، كلا، بل جعله أولها، فقال تعالى لنبيه {يَـٰٓأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ . قُمِ ٱلَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًۭا} [المزمل:1-2]. وهل كان فعل ذلك مختص برسول الله؟ لا {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَىِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَآئِفَةٌۭ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل من الآية:20]، أما نحن، فمنا أقوام ينامون الليل كله ويستثقلون دقائق معدودة ليتهجدوا فيها بين يدي الله.
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
كيف لم يعد يشوقنا وعد ربنا في سورة النحل إذ يقول {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍۢ} [النحل من الآية:96]. بكل صراحة، حين تتذكر شخير الساعة الخامسة فجرًا، في مقابل هدير السابعة صباحًا، فأخبرني هل تستطيع أن تمنع ذهنك من أن يتذكر قول الله تعالى {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [الأعلى:16-17]؟ وإذا تأملت هذا الشغف بحطام الدنيا، والتفريط في أعظم أمور الآخرة، فتذكر {وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌۭ لِّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحًۭا} [القصص من الآية 80].
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
ويتصور كثير من الناس أنه بمجرد أن يذهب إلى الصلاة، حتى لو كان متأخرًا دومًا، ويذهب إليها متثاقلًا؛ فقد ارتفع عنه الوعيد والتهديد الذي جاء في القرآن، ولا يعلم هذا المغرور أن الله ذكر عن المنافقين أنهم يصلون، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المنافقون يصلون، ولكن أنظر بالله عليك كيف وصف الله صلاة المنافقين {وَإِذَا قَامُوٓا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ} [النساء من الآية:142]