ابن قيم الجوزية
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (8)- سرُّ الصلاة!
وكان سرُّ الصلاة ولُبها إقبال القلب فيها على الله، وحضوره بكلِّيته بين يديه، فإذا لم يقبل عليه واشتغل بغيره ولهى بحديث نفسه، كان بمنزلة وافد وفد إلى باب الملك معتذرًا من خطاياه ومستمطرًا سحائب جوده وكرمه ورحمته، مستطعمًا له ما يقيت قلبه، ليقوى به على القيام في خدمته، فلما وصل إلى باب الملك، ولم يبق إلا مناجته له، التفت عن الملك وزاغ عنه يمينًا وشمالًا، أو ولاه ظهره، واشتغل عنه بأمقت شيء إلى الملك، وأقلّه عنده قدرًا عليه، فآثره عليه، وصيَّره قلبة قلبه، ومحلَّ توجهه، وموضع سرَّه، وبعث غلمانه وخدمة ليقفوا في خدم طاعة الملك عوضًا عنه ويعتذروا عنه، وينوبوا عنه في الخدمة.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (7)- وإذا يبس القلب..
وإذا يبس القلب تعطلت الأغصان من أعمال البِّر؛ لأن مادة القلب وحياته قد انقطعت منه فلم تنتشر في الجوارح، فتحمل كل جارحة ثمرها من العبودية، ولله في كل جارحة من جوارح العبد عبودية تخُصُّه، وطاعة مطلوبة منها، خلقت لأجلها وهيئت لها.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (6)- فكذلك القلب
فكذلك القلب، إنما يَيبس إذا خلا من توحيد الله وحبه ومعرفته وذكره ودعائه، فتصيبه حرارة النفس، ونار الشهوات، فتمتنع أغصان الجوارح من الامتداد إذا مددتها، والانقياد إذا قُدتها، فلا تصلح بعدُ هي والشجرة إلا للنَّار {فَوَيْلٌۭ لِّلْقَـٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ فِى ضَلَـٰلٍۢ مُّبِينٍ} [الزمر من الآية:22].
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (5)- قحط القلوب
فالقحط الذي ينزل بالقلب هو الغفلة، فالغفلة هي قحط القلوب وجدبها، وما دام العبد في ذكر الله والإقبال عليه فغيث الرحمة ينزل عليه كالمطر المتدارك، فإذا غفل ناله من القحط بحسب غفلته قلة وكثرة، فإذا تمكَّنت الغفلة منه، واستحكمت صارت أرضه خرابًا ميتة، وسنته جرداء يابسة، وحريق الشهوات يعمل فيها من كل جانب كالسَّمائم.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (4)- سحائب رحمته
ولما كانت الجدُوب متتابعة على القلوب، وقحطُ النفوس متواليًا عليها، جدّد له الدعوة آلة هذه المأدبة وقتًا بعد وقت رحمة منه به، فلا يزال مُستسقيًا، طالبًا إلى من بيده غيثُ القلوب، وسَقيُها مستمطرًا سحائب رحمته لئلا يَيبس ما أنبتته له تلك الرحمة من نبات الإيمان، وكلأ الإحسان وعُشبه وثماره، ولئلا تنقطع مادة النبات من الروح والقلب، فلا يزال القلب في استسقاء واستمطار هكذا دائمًا، يشكو إلى ربه جدبه، وقحطه، وضرورته إلى سُقيا رحمته، وغيث برِّه، فهذا دأب العبد أيام حياته.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (3)- ألوان العبودية
ولما امتحن الله سبحانه عبده بالشهوة وأشباهها من داخل فيه وخارج عنه، اقتضت تمام رحمته به وإحسانه إليه أن هيأ له مأدبة قد جمعت من جميع الألوان والتحف والتحف والخلع والعطايا، ودعاه إليها كل يوم خمس مرَّات، وجعل في كل لون من ألوان تلك المأدبة، لذة ومنفعة ومصلحة ووقار لهذا العبد، الذي قد دعاه إلى تلك المأدبة ليست في اللون الآخر، لتكمل لذة عبده في كل من ألوان العبودية ويُكرمه بكلِّ صنفٍ من أصناف الكرامة، ويكون كل فعل من أفعال تلك العبودية مُكفّرًا لمذموم كان يكرهه بإزائه، ويثيبه عليه نورًا خاصًا، فإن الصلاة نور وقوة في قلبه وجوارحه وسعة في رزقه، ومحبة في العباد له، وإن الملائكة لتفرح وكذلك بقاع الأرض، وجبالها وأشجارها، وأنهارها تكون له نورا وثوابًا خاصًا يوم لقائه.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (2)- حظ القلب
وجعل حظ القلب العارف منها أكمل الحظين وأعظمهما؛ وهو إقباله على ربِّه سبحانه، وفرحه وتلذذه بقربه، وتنعمه بحبه، وابتهاجه بالقيام بين يديه، وانصرافه حال القيام له بالعبودية عن الالتفات إلى غير معبوده، وتكميله حقوق حقوق عبوديته ظاهرًا وباطنًا حتى تقع على الوجه الذي يرضاه ربه سبحانه.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (1)- قرة عُيون المحبين
فاعلم أنه لا ريب أن الصلاة قرة عُيون المحبين، ولذة أرواح الموحدين، وبستان العابدين ولذة نفوس الخاشعين، ومحك أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين، وهي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين.
ابن قيم الجوزية
فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى
ابن قيم الجوزية
حصاد العصيان
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (13)- معاني القرآن
فإذا استعاذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم أبعده عنه. فأفضى القلب إلى معاني القرآن، ووقع في رياضه الموقنة وشاهد عجائبه التي تبهر العقول، واستخرج من كنوزه وذخائره ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكان الحائل بينه وبين ذلك، النفس والشيطان، فإن النفس منفعلة للشيطان، سامعة منه، مطيعة فإذا بَعُدَ عنها، وطُرد ألَّم بها الملَك، وثبَّتها وذكّرها بما فيه سعادتها ونجاتها.
.