(22) زاد المعاد في هدي خير العباد

Audio player placeholder Audio player placeholder

كتاب نفيس قل نظيره، بل هو فريد في ميدانه، جمع فيه المصنف ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير. فالكتاب موضوعه حياة النبي صلى الله عليه وسلم بكل ما تحتويه هذه اللفظة من معنى، لكن المصنف استخرج من هذه السيرة العطرة فقهًا تارة، وحلالًا وحرامًا تارة، وآدابًا تارة، وتوحيدًا تارة، وتوجيهات وتعليمات تارة أخرى...

إلى ملحمة دابق الكبرى (٣/٣) هذه هي أحداث ملحمة دابق الكبرى، جهاد واجتهاد، قتل وقتال، ألم وأمل، ...

إلى ملحمة دابق الكبرى

(٣/٣)
هذه هي أحداث ملحمة دابق الكبرى، جهاد واجتهاد، قتل وقتال، ألم وأمل، وليس على الموحّد المجاهد سوى الصبر واليقين في رباطه وقتاله حتى يفرّق الله كلمة أعدائه ويشتّت بين قلوبهم ويخالف بين وجوههم ويلقي بأسهم بينهم، فيضرب بعضهم رقاب بعض، و{عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا}، وما هذه الأحداث العظام في الشمال الشامي -في دابق وما حولها- إلا من إرهاصات الملاحم المقبلة -إن شاء الله- التي ستُرغم الصليبيين -عاجلا أو آجلا- على القبول بشروط جماعة المسلمين، وبعدها وما يتبعها من نصر، يغدر الصليبيون، فتكون ملحمة دابق الكبرى.

واليوم تتجدّد الخلافات القديمة في صفوف أعداء الله، فصليبيو الغرب يخالفون صليبيي الشرق، واختلف أولياؤهم المرتدون، فالأتراك يخالفون الأكراد، وصحوات تركيا تخالف صحوات الأردن، والرافضة يخالفون أكراد العراق، وأكراد الغرب يخالفون أكراد الشرق، والنصيرية يخالفون أكراد الشام، {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} [الحشر: 14].

وهذا الكر والفر في دابق وما حولها -»معركة دابق الصغرى»- ستنتهي بملحمة دابق الكبرى، لا محالة، بعد أن يأتي تأويل ما وعد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- واقعا، من صلح بين المسلمين والروم ثم غدر الروم بهم، وبعده فتح القسطنطينية (ثم رومية).

عن أبي هريرة، رضي الله عنه: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سمعتم بمدينةٍ جانبٌ منها في البر وجانب منها في البحر؟) قالوا: نعم، يا رسول الله؛ قال: (لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق [وقال بعضهم: المعروف المحفوظ: (من بني إسماعيل)]، فإذا جاءوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر! فيسقط أحد جانبيها -قال ثور: لا أعلمه إلا قال: الذي في البحر- ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله، والله أكبر! فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله، والله أكبر! فيفرج لهم، فيدخلوها فيغنموا، فبينما هم يقتسمون المغانم، إذ جاءهم الصريخ، فقال: إن الدجال قد خرج! فيتركون كل شيء ويرجعون)» [رواه مسلم].

جعله الله على أيدي مجاهدي الخلافة، وكما قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي، تقبله الله: «نجاهد هنا وعيوننا على القدس، ونقاتل هنا وأمدنا روما، حسن ظن بالله، أن يجعلنا مفاتيح البشارات النبوية والأقدار الإلهية» [رياح النصر]، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

إلى ملحمة دابق الكبرى (٢/٣) وعن يسير بن جابر أن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: «إن الساعة لا ...

إلى ملحمة دابق الكبرى

(٢/٣)
وعن يسير بن جابر أن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: «إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة؛ ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام، فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام؛ قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كلٌ غيرُ غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت، لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كلٌ غيرُ غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت، لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كلٌ غيرُ غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع، نهد إليهم بقية أهل الإسلام، فيجعل الله الدبرة عليهم، فيَقتلون مقتلة -إما قال لا يُرى مثلها، وإما قال لم يُرَ مثلها- حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم حتى يخر ميتا، فيتعاد بنو الأب، كانوا مائة، فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح؟ أو أي ميراث يقاسم؟ فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك، فجاءهم الصريخ: إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم! فيرفضون ما في أيديهم، ويقبلون، فيبعثون عشرة فوارس طليعة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إني لأعرف أسماءهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ) أو (من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ)» [رواه مسلم].

وعن عوف بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم مُوْتان يأخذ فيكم كقُعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا) [رواه البخاري].

وروى أبو داود عن ذي مخمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ستصالحون الروم صلحا آمنا، فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم، فتنصرون وتغنمون وتسلمون، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرجٍ ذي تلول، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة) [رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه الذهبي].
ولفظه عند ابن حبّان: (تصالحون الروم صلحا آمنا، حتى تغزوا أنتم وهم عدوا من ورائهم، فتنصرون وتغنمون وتنصرفون، حتى تنزلوا بمرجٍ ذي تلول، فيقول قائل من الروم: غلب الصليب! ويقول قائل من المسلمين: بل الله غلب! فيثور المسلم إلى صليبهم وهو منه غير بعيد، فيدقه، وتثور الروم إلى كاسر صليبهم، فيضربون عنقه، ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون، فيكرم الله تلك العصابة من المسلمين بالشهادة، فتقول الروم لصاحب الروم: كفيناك العرب! فيجتمعون للملحمة، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا).

فمما يقع قبل ملحمة دابق الكبرى من الأحداث: صلح بين الموحّدين المجاهدين وبين نصارى الروم لتتفرغ كل أمة منهما لقتال عدو آخر، وبعد نصر المجاهدين على العدو خلفهم، تنزل الطائفتان بدابق وما حولها من مروج ذي تلول، ثم يرفع رومي صليبه ويدعو بدعوى النصرانية، فيدق صليبه موحّد غار للواحد الأحد، فتغدر الروم وتجمع لملحمة، ويأتون بالآلاف.

‏ ومنها: أن طائفة من المجاهدين تسبي طائفة من الروم، ثم لا يخذل المجاهدون إخوانهم السابين أو -كما في رواية- من دخل في دين الإسلام من سبي الروم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

إلى ملحمة دابق الكبرى (١/٣) لما ابتُلي المؤمنون بمرضى القلوب والمرجفين في المدينة، وزاغت ...

إلى ملحمة دابق الكبرى

(١/٣)
لما ابتُلي المؤمنون بمرضى القلوب والمرجفين في المدينة، وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر يوم الأحزاب، وظُنّت بالله الظنون المختلفة، كما أخرج الطبري وابن أبي حاتم عن الحسن البصري -رحمه الله- في تأويل قوله سبحانه: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10]، قال: «ظنون مختلفة: ظن المنافقون أن محمدا وأصحابه يُستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله حق أنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون»، ثم قال {الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12]، كما أخرج الطبري وابن أبي حاتم عن قتادة -رحمه الله- في تأويلها، قال: «قال ذلك أُناس من المنافقين: قد كان محمد يعدنا فتح فارس والروم وقد حُصرنا هاهنا، حتى ما يستطيع أحدنا أن يبرز لحاجته، ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا»...
حينها -في شدّة البأس والضر- علم المؤمنون أن نصر الله قريب، كما أخرج الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تأويل قوله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]، قال: «ذلك أن الله قال لهم في سورة البقرة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، فلمّا مسّهم البلاء حيث رابطوا الأحزاب في الخندق، تأوّل المؤمنون ذلك، ولم يزدهم ذلك إلا إيمانا وتسليما».

فالمؤمنون يتذكرون آيات الله -جل وعلا- وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- في خنادقهم، ويتأوّلون ما فيها من الأخبار والعلامات على بلاياهم، لا تُبعدهم الزلازل والشدائد عن تدبّر آيات الله والحكمة، بل تزيدهم في جهادهم واجتهادهم صبرا على البلاء، وتسليما للقضاء، وتصديقا بتحقيق ما وعدهم الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بينما يرتاب المنافقون ومرضى القلوب فيستهزئون بوعد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ويطعنون فيه، ويغتر الكفرة والطواغيت بجبروتهم وكبريائهم، ظانين {بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}، أن العزيز الحكيم -سبحانه وتعالى- سيخذل دينه وأولياءه، بل ويظهر أعداءه وكلمتهم، حتى يكون الدين كله لغيره أبدا، تعالى الله عن ظن الجاهلين علوا كبيرا، وإنما يستدرجهم الله من حيث لا يعلمون، فيجتهدون في تحقيق مكر الله بهم، والعاقبة الآجلة {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2].
ومن ذلك أن عُبّاد الصليب وأولياءهم (الأتراك والصحوات) حشدوا في ريف حلب الشمالي معلنين دابق هدفهم الأكبر، زاعمين أن تدنيسها بأقدامهم النجسة وراياتهم الرجسة سيكون انتصارا معنويا عظيما على الدولة الإسلامية، ظانين أن جنودها لا يميّزون بين «معركة دابق الصغرى» وملحمة دابق الكبرى، وعليه، إذا انحازت عن دابق - ثبت الله جنود الخلافة فيها- لم تكن حاملة راية العقاب المنتصرة في الملاحم، ليتركها جندها بعد الانحياز زمرا زمرا.

ولم يعلم عُبّاد الصليب وأولياؤهم المرتدون -وأنّى لهم ذلك- أن ملحمة دابق الكبرى تسبقها أحداث عظام من علامات الساعة الصغرى يعلمها المؤمنون المرابطون في خنادقهم، وهي ما أخبر بها الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سُبُوا منا [وفي رواية: سَبَوا منا] نقاتلهم؛ فيقول المسلمون: لا، والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا؛ فيقاتلونهم، فينهزم ثلث، لا يتوب الله عليهم أبدا، ويُقتل ثلثهم، أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم! فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاءوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال، يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى ابن مريم -صلى الله عليه وسلم- فأمّهم، فإذا رآه عدو الله، ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريهم دمه في حربته) [رواه مسلم].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تنامي نشاط الدولة الإسلامية في الصومال في الآونة الأخيرة تزاحمت تقارير مراكز الاستخبارات ...

تنامي نشاط الدولة الإسلامية في الصومال

في الآونة الأخيرة تزاحمت تقارير مراكز الاستخبارات الصليبية المموهة، في التحذير من خطر تنامي نشاط الدولة الإسلامية في الصومال، وأنها توسعت وتمددت وعززت من قدراتها، وكالعادة فإنهم يعزون ذلك دوما - وفق نظرتهم الجاهلية - إلى الأسباب المادية البحتة والتي لا تخلو من: "زيادة الاضطرابات الإقليمية" و "وعورة التضاريس الجغرافية" و "تدفق الإيرادات المالية" إلى غيرها من التفسيرات الأرضية المادية، وينسون تماما الشطر الأهم من الرواية وهو أن الجهاد قدر الله تعالى وفريضة من فرائضه وشريعة من شرائعه التي لم تُنسخ ولم تُستبدل، بل هي ماضية باقية ما بقي الصراع بين الإسلام والكفر.

ينسون - الصليبيون والمرتدون - أن الجهاد في شريعة المسلمين ماض ولو تحداه كل طواغيت العرب والعجم، ولو سعت قوى الكفر لمنعه، وهي بالفعل تحاول ذلك منذ بزوغ فجر الإسلام وانطلاق جهاد الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة، بقيادة النبي محمد ﷺ وصحابته العدول.

• افتتاحية النبأ العدد 476
• لقراءة الافتتاحية كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

أهمية معرفة شهادة أن لا إله إلا الله (قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله): اعلم رحمك ...

أهمية معرفة شهادة أن لا إله إلا الله

(قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله):

اعلم رحمك الله أن فرض معرفة شهادة أن لا إله إلا الله قبل فرض الصلاة والصوم؛ فيجب على العبد أن يبحث عن معنى ذلك أعظم من وجوب بحثه عن الصلاة والصوم، وتحريم الشرك والإيمان بالطاغوت أعظم من تحريم نكاح الأمهات والعمات، فأعظم مراتب الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله."

* الدرر السنية في الأجوبة النجدية
...المزيد

أرملة شهيد بإذن الله • إن الشهادة في سبيل الله لهي أقصى الطلب ومنتهى الأرب، يجدّ لنيلها ...

أرملة شهيد بإذن الله


• إن الشهادة في سبيل الله لهي أقصى الطلب ومنتهى الأرب، يجدّ لنيلها الجادون، ويبذل لها أرواحهم الباذلون، ومن منا لا يشتاق لشهادة تغسل الذنب وترضي الرب؟ غير أنه ومع عظم أمر الشهادة إلا أننا بتنا نرى جزما من كثير من الناس بشهادة زيد من الناس أو عمرو، هكذا على الإطلاق ودون تقيد بنص من أحد الوحيين -الكتاب والسنة- كما تجزم بعض زوجات المجاهدين بأن أزواجهن القتلى هم من الشهداء قطعا.

وهذا الجزم مناف لعقيدة أهل السنة والجماعة الذين لا يقطعون لمعين من أهل القبلة بجنة أو نار إلا من ورد فيه نص واضح صريح، كالعشرة المبشرين بالجنة، الذين سماهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم الخلفاء الراشدون الأربعة ومعهم الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، رضي الله عنهم جميعا.

كذلك ممن شهد لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة سبطاه الحسن والحسين، وعمار بن ياسر، وبلال بن رباح، وعكاشة بن محصن، وثابت بن قيس وغيرهم من المبشرين بالجنة.

• الأعمال بالخواتيم:

وعلى المسلمة أن تعلم أن ظاهر المرء المسلم ليس دليلا قطعيا على أنه من أهل الجنة أو من أهل النار، وقد بوّب البخاري -رحمه الله- في صحيحه: «باب: العمل بالخواتيم»، وروى عن سهل بن سعد، أن رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين، في غزوة غزاها مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فنظر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (من أحب أن ينظر إلى الرجل من أهل النار، فلينظر إلى هذا)، فاتبعه رجل من القوم، وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين، حتى جُرح، فاستعجل الموت، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه، فأقبل الرجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مسرعا، فقال: أشهد أنك رسول الله! فقال: (وما ذاك؟) قال: قلت لفلان: (من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه)، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين، فعرفت أنه لا يموت على ذلك، فلما جُرح استعجل الموت فقَتل نفسه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: (إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم).

وكم ممن ظاهره الصلاح والتقوى ويُختم له بسوء، وكم ممن ظاهره الفساد والفجور ويُختم له بخير، وكم من أمرئ عَبَد الله فصلى وصام ورابط وجاهد رياء وسمعة، وكم من امرئ أخلص النية لله تعالى ولكنه عَبَد الله على غير طريق النبي، صلى الله عليه وسلم.

• أهل السنة لا يحكمون لمسلم بجنة ولا نار:

ولذا فإن أهل السنة والجماعة يرجون الجنة للمحسن، ويخشون النار على المسيء من أهل الإسلام دون قطع أو جزم.

قال أحمد بن حنبل، رحمه الله: «ولا نشهد على أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار، نرجو للصالح ونخاف عليه، ونخاف على المسيء المذنب ونرجو له رحمة الله» [أصول السنة].

وقال ابن تيمية، رحمه الله: «وهم لا يقطعون لأحد من أهل القبلة لا بجنة ولا نار، إلا من قطع له النص» [مجموع الفتاوى].

وقال محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله: «ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار، إلا من شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكني أرجو للمحسن، وأخاف على المسيء» [الدرر السنية].
وقد تقول قائلة: ولكن هذه الأقوال ليست فيمن يُقتل مجاهدا في سبيل الله، بل إن المجاهد في سبيل الله، إن قُتل فهو شهيد.

فنقول مستعينين بالله: قد بوّب البخاري -رحمه الله- في صحيحه «باب لا يقول: فلان شهيد»، قال ابن حجر تعليقا على هذا التبويب: «أي على سبيل القطع والجزم بذلك» [فتح الباري]، وجاء في الباب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الله أعلم بمن يجاهد في سبيله، والله أعلم بمن يُكلم في سبيله).


• إني لأرجو له الخير:

وعن خارجة بن زيد الأنصاري، أن أم العلاء أخبرته أن عثمان بن مظعون طار له سهمه في السكنى، حين أقرعت الأنصار سكنى المهاجرين، قالت أم العلاء: فسكن عندنا عثمان بن مظعون، فاشتكى، فمرضناه حتى إذا توفي وجعلناه في ثيابه، دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله؛ فقال لي النبي، صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك أن الله أكرمه؟) فقلت: لا أدري، بأبي أنت وأمي يا رسول الله؛ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أما عثمان، فقد جاءه واللهِ اليقين، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يُفعل به)، قالت: فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا، وأحزنني ذلك، قالت: فنمت، فأريت لعثمان عينا تجري، فجئت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته، فقال: (ذاك عمله) [رواه البخاري].

فتأملي أختي المسلمة -أرشدك الله- كيف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد سأل أم العلاء: (وما يدريك أن الله أكرمه؟) وفي سؤاله هذا إنكار منه لشهادتها له بأنه من المكرمين قطعا.
...المزيد

• كم من مقاتل مأواه في النار؟ وكم من مجاهد في سبيل الله كما يبدو للناس، ويُقتل على ذلك، ولكن ...

• كم من مقاتل مأواه في النار؟

وكم من مجاهد في سبيل الله كما يبدو للناس، ويُقتل على ذلك، ولكن مأواه النار عياذا بالله؟ وليس أدل على ذلك من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حيث قال: لما كان يوم خيبر، أقبل نفر من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: فلان شهيد، فلان شهيد؛ حتى مروا على رجل، فقالوا: فلان شهيد؛ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (كلا، إني رأيته في النار في بردة غلها) -أو- (عباءة)، ثم قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يا ابن الخطاب، اذهب فنادِ في الناس، أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون)، قال: فخرجت فناديت: ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون [رواه مسلم].

ولا تنس المسلمة أن ممن تسعّر بهم نار جهنم مجاهد، حسبناه في الدنيا يقاتل في سبيل الله غير أن الخبير سبحانه قد اطلع على قلبه وعلم وهو العليم أنه ما جاهد إلا رياء وسمعة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استُشهد، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استُشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار) [رواه مسلم].

• نحسبه والله حسيبه:

وإن قالت قائلة: كيف لا نحكم عليه بالشهادة وهو إذا قُتل يأخذ أحكام الشهيد كعدم الغسل والتكفين والصلاة عليه وما إلى ذلك؟
نقول حينها أن هذا ليس مدعاة للقطع لمن يُقتل مجاهدا بالجنة، بل إننا نحتسبه شهيدا عند الله -عز وجل- بما شهدنا له من ظاهره على أنه خرج لله، وقاتل فيه إعلاء لكلمته في الأرض، فندعو له بالجنة وأن يتقبله الله تعالى في الشهداء، أما الجزم له بالجنة فلا، لأن ما في قلبه لا يعلمه إلا الله، عز وجل.

وقد روى البخاري ومسلم عن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن رجلا أثنى على رجل عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ويلك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك)، مرارا، ثم قال: (من كان منكم مادحا أخاه لا محالة، فليقل أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه).

وعن عبد الله بن مسعود قال: (إياكم أن تقولوا مات فلان شهيدا، أو قتل فلان شهيدا، فإن الرجل يقاتل ليغنم، ويقاتل ليُذكر، ويقاتل ليُرى مكانه) [رواه أحمد].

• أرملة شهيد بإذن الله:

وبناءا على ما تقدم ذكره، فلا يجوز لمسلم أو مسلمة الجزم والقطع بأن فلانا شهيد، فيا مسلمة، حتى وإن كان زوجك من أصلح الناس وأتقاهم، وأعبدهم وأزهدهم، صوّاما بالنهار قوّاما بالليل، ذاكرا لربه في جميع حاله وأحواله، هاجر في سبيل الله تعالى أو ناصر وقاتل تحت راية الحق راية الدولة الإسلامية، نصرها الله، وإن كان استشهاديا قد تقطعت أشلاؤه ذبّا عن هذا الدين، فلا ينبغي لك بحال إن هو قُتل القطع له بالشهادة، وإلا تكونين من المتأليات على الله -عز وجل- ولا تقولي أنا أرملة شهيد، بل قولي أنا أرملة شهيد بإذن الله تعالى، أو أحسبه كذلك والله حسيبه.

اللهم ارحم قتلانا واغفر لهم وتقبلهم عندك في الشهداء وجازهم عن أمة نبيّك خير الجزاء، واختم لنا بالشهادة في سبيلك يا ذا الجلال والإكرام.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 61
الخميس 29 ربيع الأول 1438 ه‍ـ
...المزيد

مشاهد من حرص الصحابة على نيل الشهادة (٢/٢) • أبو عقيل -رضي الله عنه- يزحف جريحاً لقتال ...

مشاهد من حرص الصحابة على نيل الشهادة

(٢/٢)
• أبو عقيل -رضي الله عنه- يزحف جريحاً لقتال المرتدين

وانظر إلى يوم اليمامة إلى الذين دافعوا عن الدين ما دام في جسدهم عرق ينبض حتى قُتلوا شهداء، قال جعفر بن عبد الله بن أسلم: لما كان يوم اليمامة، واصطف الناس كان أول من جُرح أبو عقيل، رُمي بسهم فوقع بين منكبيه وفؤاده في غير مقتل، فأخرج السهم، ووهن له شقه الأيسر في أول النهار، وجُرَّ إلى الرحل، فلما حمي القتال، وانهزم المسلمون، وجاوزوا رحالهم، وأبو عقيل واهنٌ من جرحه، سمع معن بن عدي يصيح: يا للأنصار! الله الله والكرّة على عدوكم! قال عبد الله بن عمر: فنهض أبو عقيل يريد قومه، فقلت: ما تريد؟ ما فيك قتال! قال: قد نوه المنادى باسمي! قال ابن عمر: فقلت له: إنما يقول: يا للأنصار، ولا يعني الجرحى؛ قال أبو عقيل: أنا من الأنصار، وأنا أجيبه ولو حبواً! قال ابن عمر: فتحزم أبو عقيل وأخذ السيف بيده اليمنى، ثم جعل ينادي: يا للأنصار، كرّة كيوم حُنين! فاجتَمِعوا رحمَكم الله جميعا، تقدَّموا فالمسلمون دريئة (ما يستتر به الصائد ليختل للصيد، وحلقة أو دائرة يتعلم عليها الطعن والرمي) دون عدوهم! حتى أقحموا عدوَّهم الحديقة، فاختلطوا، واختلفت السيوف بيننا وبينهم، قال ابن عمر: فنظرت إلى أبي عقيل وقد قُطعت يده المجروحة من المنكب فوقعت إلى الأرض وبه من الجراح أربعة عشر جرحا كلها قد خلصت إلى مقتل، وقُتل عدو الله مسيلمة.

قال ابن عمر: فوقفت على أبي عقيل وهو صريع بآخر رمق، فقلت: يا أبا عقيل! قال: لبيك -بلسان ملتاث- لمن الدُّبرة؟ قلت: أبشر، قد قُتل عدو الله، فرفع أصبعه إلى السماء يحمد الله، ومات يرحمه الله.

• البراء بن مالك -رضي الله عنه- ينغمس في معقل المرتدين (الحديقة)

ومنهم أول انغماسي في الإسلام البراء بن مالك أخو أنس بن مالك -رضي الله عنهما- عن ابن سيرين، أنَّ المسلمين انتهوا إلى حائط فيه رجال من المشركين، فقعد البراء على ترس، وقال: ارفعوني برماحكم، فألقوني إليهم؛ فألقوه وراء الحائط، قال: فأدركوه وقد قتل منهم عشرة، وجُرح البراء يومئذ بضعا وثمانين جراحة، ما بين رمية وضربة، فأقام عليه خالد بن الوليد شهرا حتى برأ من جراحته.

• عملية استشهادية لسالم مولى أبي حذيفة، رضي الله عنه

وعن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري قال: لما انكشف المسلمون يوم اليمامة، قال سالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم! فحفر لنفسه حفرة، وقام فيها، ومعه راية المهاجرين يومئذ، فقاتل حتى قُتل يوم اليمامة شهيدا.

• بسر بن أرطأة ينغمس في معقل للروم

وعن العلاء بن سفيان الحضرمي قال: غزا بسر بن أرطاة الروم، فجعلت ساقته لا تزال تصاب، فيكمن لهم الكمين، فيصاب الكمين، فلما رأى ذلك، تخلف في مائة من جيشه، فانفرد يوما في بعض أودية الروم، فإذا براذين (يطلق على غير العربي من الخيل والبغال) مربوطة نحو ثلاثين، والكنيسة إلى جانبهم فيها فرسان تلك البراذين الذين كانوا يعقبونه في ساقته، فنزل عن فرسه فربطه، ثم دخل الكنيسة، فأغلق عليه وعليهم بابها، فجعلت الروم تعجَب من إغلاقه، فما استقلوا إلى رماحهم حتى صرع منهم ثلاثة، وفقده أصحابه فطلبوه، فأتوا، فعرفوا فرسه، وسمعوا الجلبة في الكنيسة، فأتوها فإذا بابها مغلق، فقلعوا بعض السقف، ونزلوا عليهم، وبسر ممسك طائفة من أمعائه بيده، والسيف بيده اليمنى، فلما تمكن أصحابه في الكنيسة سقط بسر مغشياً عليه، فأقبلوا على أولئك، فأسروا وقتلوا، فأقبلت عليهم الأسارى، فقالوا: ننشدكم الله من هذا؟ قالوا: بسر بن أرطاة؛ فقالوا: والله ما ولدت النساء مثله! فعمدوا إلى أمعائه، فردوه في جوفه، ولم ينخرق منه شيء، ثم عصبوه بعمائمهم، وحملوه، ثم خاطوه، فسلم، وعوفي.

فهكذا كان حرص الصحابة على نيل هذه المرتبة العالية في الجنة، رغم أنهم كانوا أتقى الناس، وأعبد الناس، وأعلم الناس، ولم يمنعهم من السعي لبلوغها حرص على طلب العلم أو تعليمه، ولا تعلق بالدنيا، والوالد والولد.

وعلى آثارهم يسير أتباعهم إلى يوم الدين، حتى يقاتل آخرهم الدجال، بإذن الله تعالى.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 61
الخميس 29 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

مشاهد من حرص الصحابة على نيل الشهادة (١/٢) علم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أن الجنة ...

مشاهد من حرص الصحابة على نيل الشهادة

(١/٢)
علم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أن الجنة سلعة الله الغالية، وعلموا أن ثمنها لا يَقدر عليه إلا من شمَّر عن ساق الاجتهاد، فبحثوا عن كل طريق فيه مرضاة الله لينالوها، وهم يسألون الله التيسير والقبول.

فتراهم يعقدون العزم على البيع والتجارة مع الله، فيبيعون النفس والمال من أجل أن يشتروها، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الصف: 10-12].
ولمَّا علموا أن أسرع طريق لها هو الشهادة في سبيل الله، نزلوا إلى ساحات الوغى مقبلين غير مدبرين، مسارعين، يُقبلون على الموت، يتّخذونه طريقا للحياة.

• أنس بن النضر -رضي الله عنه- ينغمس في المشركين يوم أحد

فها هو أنس بن النضر -رضي الله عنه- الذي غاب عن غزوة بدر، فحزن حزنا شديدا، ولكنه أقسم قسما ووعد وعدا، فلنستمع إلى ابن أخيه أنس بن مالك يحكي لنا عن فعل عمِّه إذ يقول: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبتُ عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين، ليَرين الله ما أصنع! فلما كان يوم أُحُد، وانكشف المسلمون، قال: اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني أصحابه- وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء -يعني المشركين- ثم تقدم، فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ، الجنة، وربِّ النضر، إني أجد ريحها دون أُحُد! قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع؛ قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قُتل، ومثَّل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، فقال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه، وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 33].
• عمير بن الحمام -رضي الله عنه- يسارع إلى جنة عرضها السماوات والأرض

وهذا أنس -رضي الله عنه- يحكي لنا عن سعيهم، قال: انطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يقدمنَّ أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه)، فدنا المشركون، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض)، قال عمير بن الحمام: يا رسول الله، جنةٌ عرضها السماوات والأرض؟ قال: (نعم)، قال: بَخٍ بَخٍ! فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ما يحملك على قولك: بَخٍ بَخٍ؟) قال: لا والله، إلا رجاء أن أكون من أهلها؛ قال: (فإنك من أهلها)، فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة! فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتل.

• قادة سرية مؤتة يطلبون الشهادة

وفي مؤتة، أخذ جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- اللواء بيمينه فقُطعت، فأخذه بشماله، فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قُتل، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء، وقيل أن رجلا من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه نصفين.

• الأعرابي المهاجر صدق الله فصدقه

وانظروا إلى صدقهم مع الله، روى شداد بن الهاد رضي الله عنه: جاء رجل من الأعراب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك؛ فأوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه، فلما كانت غزاة، غَنم النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا، فقَسم، وقَسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسم قسمه لك النبي، صلى الله عليه وسلم؛ فأخذه، فجاء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما هذا؟ قال: (قسمته لك)، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكن اتبعتك على أن أُرمى إلى ها هنا -وأشار إلى حلقه- بسهم فأموت، فأدخل الجنة! فقال: (إن الله يصدُقك)، فلبثوا قليلا، ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتيَ به النبي -صلى الله عليه وسلم- يُحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (أهو هو؟) قالوا: نعم، قال: (صدق الله فصدقه)، ثم كفَّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في جبته، ثم قدَّمه فصلَّى عليه، فكان ممَّا ظهر من صلاته: (اللهم هذا عبدك، خرج مهاجرا في سبيلك، فقُتل شهيدا، أنا شهيد على ذلك).


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 61
الخميس 29 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

ولا تهنوا في ابتغاء القوم لا يكفّ المشركون من أهل الكتاب ولا المرتدون من أذنابهم وحلفائهم عن نشر ...

ولا تهنوا في ابتغاء القوم

لا يكفّ المشركون من أهل الكتاب ولا المرتدون من أذنابهم وحلفائهم عن نشر الأكاذيب عن الأعداد المهولة من جنود الدولة الإسلامية الذين يزعمون قتلهم في المعارك أو عبر القصف الجوي، وغايتهم من ذلك أن يبثوا اليأس في نفوس المجاهدين من خلال ترهيبهم بالخسائر الكبيرة في صفوفهم إن هم استمروا في قتالهم وجهادهم للمشركين، وإصرارهم على إزالة الشرك وإقامة الدين.

وهذا دأب الكافرين في كل حين، ذلك لأنهم يقيسون الأمور من منطلق النتائج المادية الدنيوية التي لا يعرفون سواها، كما فعل أحد قادتهم من قبلُ، بعد معركة أحد لما فاخر بقتل صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ساعيا من وراء ذلك إلى بث الحزن في نفوس من بقي من المسلمين، فأجابوه أن لا سواء، لأن قتلى المسلمين في الجنة وقتلى المشركين في النار.

وقد جاء أمر -الله تعالى- لعباده الموحدين في كل زمان ألا تُقعدهم الجراحات عن مزيد من الطلب للمشركين والسعي في قتلهم وقتالهم، وانتزاع الأرض والأموال من أيديهم، كما في قوله تعالى {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104]، فالحرب ليست كلها فتوحا ومغانم، ولكنها أيضا جراح وآلام، وتعب ورهق، وإنهاك للدرع والذراع، وإفناء للمال والكراع.

و يرجو الموحّدون بكل ما يبذلونه في سبيل الله القرب منه، سبحانه وتعالى، والمزيد من استجلاب نصره لعباده عندما يرى صدق جهادهم، بل ومع طلبهم للنصر على أعدائهم فهم يعلمون يقينا أن في انكسارهم في الحرب مع إخلاصهم النية وبذلهم الوسع زيادة في الأجر، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجَّلوا ثلثي أجورهم، وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تمّ أجورهم) [رواه مسلم]، فينقلبون بعد كل انكسار باذلين المزيد من التضحيات في سبيل إرضاء رب الأرض والسموات، حتى يكون الدين كله لله أو يهلكوا دون ذلك، كما وصفهم ربهم -سبحانه- بقوله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172].

بينما نجد أن أولياء الطاغوت لا يرجون من ذلك شيئا، فلا يكون ما بذلوه في معاركهم إلا حسرة عليهم، ومع كل هزيمة يتلقونها على أيدي الموحدين، تزداد أنفسهم انكسارا، ومع كل خسارة في المال والرجال تضعف همتهم عن إكمال القتال والمضي فيه، حتى ينقطعوا فتكون الدائرة عليهم، ولذلك أمر الله -سبحانه- عباده بعدم الكف عنهم، وذكَّرهم بأثر النكاية فيهم، وأن عاقبتهم لن تكون غير أن يدمّرهم الله.

وقد رأينا مصداق هذا الأمر مرات عديدة في تاريخ هذا الجهاد المبارك الذي لم يتوقف مذ بدأه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، فدانت للمسلمين مكة وجزيرة العرب في بضع سنين، وأزالوا إمبراطورية كسرى بعد مصاولة الفرس المشركين في معارك طويلة نال المسلمين فيها من الجراح ما نالهم، حتى أسقط الله بأيديهم عرش كسرى، ثم ثنّوا بدولة الروم التي استمر المسلمون بمصاولتها عدة قرون حتى أذن الله بزوالها، ومحو آثارها، ثم ما كان من فعل المسلمين مع الكثير من الطواغيت وأمم الكفر، التي لم يكلّ المسلمون عن قتالها حتى أذن الله بهزيمتها، وبقي للمسلمين دينهم وديارهم.

وكذلك ما نراه اليوم في هذه الجولات من حرب المجاهدين مع أمم الشرك والكفر كافة، وعلى رأسها دول الغرب الصليبية، خلال العقدين الماضيين على وجه الخصوص، إذ اتضحت الراية، وصدقت الغاية، فما زال أمر الموحدين -بفضل الله- في صعود وازدهار، فزيّد الله أعدادهم، وكثّر الله سلاحهم ومالهم، ومكّنهم في أرضه، وأعانهم على إقامة دينه، وإحياء جماعة المسلمين التي يقودها اليوم أمير المؤمنين الشيخ أبو بكر البغدادي، حفظه الله، ولا يزال أمر المشركين في هبوط وانحدار، وذلك بتثبيت الله تعالى للمجاهدين على جهادهم، ونكايته في الكفار والمرتدين، حتى يقصمهم الله كما قصم الذين من قبلهم، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 63
الخميس 13 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ
...المزيد

كيف بهم غدًا مع غربة الدين وخروج الدجال؟ وكيف بهم غدا مع غربة الدين واندثار العلم، فخرج الدجال ...

كيف بهم غدًا مع غربة الدين وخروج الدجال؟

وكيف بهم غدا مع غربة الدين واندثار العلم، فخرج الدجال وقد استتبت له الأمور ودانت له شياطين الإنس والجن، وجاء فأطعم الناس وقد جاعوا وسقاهم وقد قنطوا، والمسلمون مشردون يفرون بدينهم للقفار والجبال، كما روى الإمام أحمد بسند صحيح عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ويبعث اللّه معه شياطين تكلّم النّاس، ومعه فتنة عظيمة، يأمر السّماء فتمطر، فيما يرى النّاس، ويقتل نفسا، ثمّ يحييها، فيما يرى النّاس، لا يسلّط على غيرها من النّاس، ويقول: أيّها النّاس، هل يفعل مثل هذا إلّا الرّبّ؟ قال: فيفرّ المسلمون إلى جبل الدّخان بالشّام، فيأتيهم فيحاصرهم، فيشتدّ حصارهم، ويجهدهم جهدا شديدا).

افتتاحية النبأ "فكيف بهم غدًا" 483
لقراءة الافتتاحية كاملة.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
28 شوال 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً