غزة فوق القصف
"غزة فوق القصف والوصف"، كما كانت فوق الحصار.
نعم هي كذلك لأن الله تعالى هو القائل: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:139].
وإنَّا والله لا نحسبهم إلا مؤمنين؛ ولا نزكَّيهم على الله فهو حسيبهم، ولكن أُمِرنا أن نأخذ بالظاهر لا ننقب على البطون ولا نشق الصدور كما ربَّانا رسول الله صلى الله عليع وسلم على ذلك: «إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم»(البخاري، صحيح البخاري، برقم:[ 4351]، ومسلم؛ صحيح مسلم، برقم:[ 1064]). فظاهرهم خطاب حسن وكلام طيب، وصبر يُحمى عليه الحديد ولا يذوب، مع الابتلاء بالخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات، ومع ذلك ما لانت لهم قناة، وما نالت منهم طغاة!
رماهم العالم عن قوس حِقده، وتنكَّر لهم القريب قبل أن يتجهمهم العدو، خذلهم بنو جلدتهم وإخوان لسانهم وشركاء أوطانهم... ومع ذلك نراهم يتسلقون جبال البلاء ليكونوا فوق غمامها، لا تحت قصفها أو حصارها!
إن لم يكن هذا موجبًا لأن نحمل ظاهرهم على الإيمان فماذا نريد من دليل وبرهان؟
إذن فهم بهذا الإيمان الأعلون فوق قصفهم وفوق حصارهم، وحين يكونون كذلك؛ فمن قُتِل منهم فما مات، ولكنه هو الشهيد، والشهداء أحياء، لا في الآخرة وفي قبورهم فحسب، بل هم أحياء في هذه الدنيا يبثون روح التضحية وينفخون روح الفداء في الأجيال، قبورهم أوعظ من خطيب مُفوَّه.
إنهم أحياء ويكفي أن الذي حكم بذلك الله من فوق سبع سماوات: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} [البقرة:154]، أما حياتهم في الآخرة فيشعر بها كل أصحاب الآخرة ويتمنون أن لو كانوا منازلهم، فقوله: {وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}، هنا في هذه الدنيا هناك حياة للشهداء لا يشعر بها إلا من فتح الله بصيرته وأحيا قلبَه.
غزة بإذن الله تعالى، فوق القصف، وفوق الحصار، وفوق حكام العرب، وفوق أولياء الطاغوت من كل ملة ونحلة وفصيل..
غزة تحت رحمة أرحم الراحمين.. غزة في قلوب المؤمنين يحبونها، وفي ألسنتهم يدعون لها، وفي منامهم تبيت رؤاهم تحياها، وأرواح النائمين تَطَّوَّف حولها.
فاللهم انصرهم وأيدهم وامكر لهم وأغنهم عمن تخلى عنهم، واشف بنصرهم صدور قوم مؤمنين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.
روابط متعلقة:
- التصنيف: