شهر رمضان وختم القرآن
أتى شهر الخير فضلاً من الله تعالى على المسلمين، ليكون متنفساً للمذنبين، وراحة للصالحين، وتربة خصبة للمؤمنين، وشهر رمضان العظيم فرصة كبيرة للمقبلين على الخير والمدبرين عن الشر، فشهر رمضان واحة الخيرات، وينبوع متدفق للباقيات الصالحات، وهو موسم التجارة الرابحة للمسلمين كي يشمروا عن سواعدهم، للتسابق في هذا الأمر العظيم لنيل رضا الله تعالى، والفوز بما أعده لمن يسارع بالأعمال الخيرة. شهر رمضان هو شهر القرآن الكريم كلام الله العظيم قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185]. والصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربِّ، منعته الطعام والشهوات بالنَّهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان» (صححه الألباني).
ولقد كان السلف الصالح يكرسون وقتهم لتلاوة القرآن الكريم، ومدارسته تأسياً بمعلمنا وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن السنة النبوية عدم ختم القرآن في أقل من ثلاث فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ» رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه "، ولقد نوه العلماء أنً من ختم في أقل من ثلاث بقصد مراجعة حفظه، أو استثماراً لزمان فاضل – كشهر رمضان - ، أو بسبب أنه معتكف في مسجد، أو لأنه منقطع للعبادة في فترة محددة في مكة – مثلاً - : فلا يكون بذلك مخالفاً للشرع ، وعلى هذه الأعذار يُحمل ما روي عن بعض الأئمة من ختمهم للقرآن مرتين في اليوم أو مرة في اليوم، لا أن ذلك كان منهجاً لهم في حياتهم وفي هذا الصدد قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى: "وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً ، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر كل ليلة ، وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة ، وعن أبي حنيفة نحوه".
أخي المسلم وأختي المسلمة علينا أن نكرس وقتنا قدر استطاعتنا لتلاوة القرآن الكريم، والحرص على الإكثار من ختم القرآن الكريم في شهر رمضان، والأمر يتحقق بفضل الله تعالى لمعرفة الأجر العظيم، والمثابرة على الوصول لهذا الأجر الوفير، فتلاوة القرآن الكريم لها أجر كبير، وشهر رمضان هو شهر مضاعفة الأجور، والله تعالى هو الربَُ الكريم ذو الجلال والإكرام يضاعف لمن يشاء، فلنسأله جلََ جلاله لنيل العفو، والعافية، والفردوس الأعلى، ومضاعفة الأجر