الجرائم الكبرى على الفيسبوك
إنَ الفيسبوك من أكثر مواقع التواصل الاجتماعي انتشاراً، ويترتب على هذا التواصل خير كثير أو شر مستطير، فالبعض يدخل على هذا الموقع ويقوم بفعل العديد من الجرائم والمخالفات الشرعية في حق نفسه وفي حق غيره ولا يدرك عاقبة الأمر ولا يوفيه حقه ولا يعد العدة ليوم عظيم، تكون السيئة فيه سبباً في دخول جهنم ومعاناة أهوالها والحسنة فيه سبباً في دخول الجنة والتنعم فيها، قال الله تعالى: {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون:102-103].
يقول الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:47]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه تعالى عَنْه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « » وَقَالَ « » (البخاري). فعلى المسلم ألا يتساهل في جني السيئات وأن يبصر مآلات أفعاله ونتائج أقواله حتى يتجنب العذاب الأليم في يوم الحساب العظيم.
هاك العديد من الجرائم الكبرى التي يرتكبها البعض في مواقع التواصل الاجتماعي وهو لا يعلم حكمها الشرعي وما يترتب عليها من آثار إما لجهلٍ هو سبب فيه؛ لإعراضه عن معرفة القواعد الشرعية، وإما لاتباع للهوى وتتبع خطوات الشيطان، ونعوذ بالله تعالى من كل ذلك. والخطر الداهم والشر المستطير في الفيسبوك هو السيئات الجارية التي تتولد عن نشر السوء فقد يكتسب المرؤ أوزاراً لأعوام عديدة لأنه قام بالدلالة على صفحة سيئة تقوم بنشر المنكرات أو قام بالإشارة لموقع معازف وأغاني أو قام بدعم صفحات الفاسقين والمنحرفين وكل ما يندرج تحت باب الدلالة على الشر، قال الله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُون} [النحل:25].
وفيما يلي بيان لبعض الأفعال التي يجب على المسلم تجنبها طمعاً في مغفرة الله تعالى وسعياً إلى رضا الله سبحانه وشكراً لله جل جلاله على إحسانه.
الاشتراك في صفحات النكت والترويج لها:
المزاح الشرعي له أسس لا ينبغي مخالفتها وصفحات النكت على الفيسبوك لا تخلو من الكذب والمخالفات الشرعية والبعض من هذه الصفحات ينشر صوراً من مقاطع لأفلام يسمونها Comics تحتوى على تعليق على أحداث جارية والدلالة على هذه الأفلام من خلال هذه الصور دلالة على الشر وترويج للفسق والفساد في هذه الأفلام وهم يفتحون بابًا للغير في تذكير البعض بهذه الفواحش والحث على مشاهدتها. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقًا، أما ما كان بالكذب والسخرية ونشر الفواحش فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ويلٌ للذي يُحدّث فيكذب ليضحك به القوم، ويلٌ له ثم ويل له» (أخرجه: أبو داود، والترمذي، والنسائي بإسنادٍ جيد). وبعض هذه الصفحات يتم فيها بكتابة لفظ الجلالة والأمور الشرعية في سياق حديثهم عن النكت والكذب والسخرية، وتجد البعض ينشرون مقطعًا لفيلم به صورة مُمثِّل ممن يتاجرون بالفواحش أو امرأة متبرِّجة ويكتبون في الصورة كلمات مثل: "إن شاء الله"، أو غير ذلك من صور الامتهان لذكر الله تعالى أو أي أمر يخص العبادات الإسلامية قال الله تعالى: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65- وجزء من الآية 66].
الاشتراك في صفحات الفاسقين:
البعض يشترك في صفحات الفاسقين من أهل الفساد ويجاهر بحبه لأهل المعصية ويقوم بالدلالة عليه كنوع من الموالاة فكيف يجاهر المسلم بحبه لمن يشيع المنكرات ويروج لها وفي هذا خطر عظيم فعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « » ( رواه الطبراني وصححه الألباني [1]) .
نشر المنكرات والمخالفات الشرعية:
البعض يقوم بنشر إعلان لفيلم أو أغنية أو صور لفتيات متبرجات ولا يعي أنه بذلك سيكتسب أوزار كل من يقوم بالنشر من خلاله وسيئات كل من يرى المنكر من خلاله وقد يترتب على الأمر مخاطر عظيمة من تسلسل وتتابع هذه الأوزار عليه لأمد طويل من الدهر وفي نفس السياق فإن التعليق الإيجابي أو اظهار الإعجاب بهذه المنكرات يؤدي لنفس النتيجة فكل من هؤلاء انضم لزمرة من يدعو للشر ويدل عليه وليكن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نهجاً للمسلم على الفيسبوك وغيره، قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « » (رواه مسلم) .
أخي المسلم وأختى المسلم علينا جميعاً أن نحرص على طلب الخير وتجنب كل وسيلة للشر وعلينا أن نستغل الفيسبوك في الدعوة إلى الله تعالى ولنشر الخير والعلم المثمر النافع للمسلمين وعلينا تنبيه المسلمين للأخطار المتلاحقة وتجنب السيئات الجارية، قال أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى: "طوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه، والويل الطويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة أو أكثر يُعذَّب بها في قبره ويُسئل عنها إلى آخر انقراضها". والله تعالى أعلى وأعلم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
------------------------------------------
[1] موقع الإسلام سؤال وجواب
:: المزيد ::
حياة داعية : التعامل مع وسائل التواصل الإجتماعي (العريفي)
أجهزة التواصل الاجتماعي ظواهر مؤذية.. ومظاهر مؤلمة (إبراهيم بن محمد الحقيل)
ابتليت بإدمان مواقع التواصل الاجتماعي... ما الحل؟ (محمد بن محمد المختار الشنقيطي)
وسائل التواصل الاجتماعي صفو وكدر (صلاح بن علي الزيات)
ضع بصمتك - (15) وسائل التواصل الاجتماعي (العريفي)