استغلال المسلم للعام الجديد
ينبغي للعاقل أن يعرف قدر عمره، وأن ينظر لنفسه في أمره، فيغتنم ما يفوت استدراكه، فرُبما يكون بتضييعه هلاكه، وبهذا العمر اليسير يشتري الخلود الدائم في الجنان، والبقاء الذي لا ينقطع بانقضاء الزمان، ومن فرّط في العمر وقع في الخسران...
الحمد لله الذي جعل الأعمار مواسم، يربح فيها السابق للمقاسم، ويخسر المضيع الآثم، فهي موضوعة لبلوغ الأمل، ورفع الخلل، زائدة الأرباح لمن أتجر، مهلكة الأرواح لمن كفر، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وأكثر، والسيئة تردي المفرط إلى أردى المنازل فيتحسر.
وبهذا العمر اليسير يشتري الخلود الدائم في الجنان، والبقاء الذي لا ينقطع بانقضاء الزمان، ومن فرّط في العمر وقع في الخسران؛ {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} [الزُّمر: 56].
وأشهد ألا إله إلا الله المتفرد بالبقاء، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خير من قدَّم الزاد؛ لينال الخير في دار الجزاء، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم اللقاء.
وبعد:
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} [الحشر: 19].
أما بعد:
فينبغي للعاقل أن يعرف قدر عمره، وأن ينظر لنفسه في أمره، فيغتنم ما يفوت استدراكه، فرُبما يكون بتضييعه هلاكه؛ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمسًا قبل خمس؛ شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»؛ (رواه الحاكم)، وقال صحيح على شرطهما، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
فيا عباد الله، ها نحن قد بدأنا قطع مشوار عام جديد لنا فيه آمال عريضة، ولا ندري ما الله صانع فيه، ولذا سيكون حديثنا في هذه الجمعة حول ما يمكن أن يستغل به هذا العام، فحياة المسلم كلها عبادة لله - عزَّ وجلَّ.
قال الله - تعالى -: {يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12]، قال مجاهد - رحمه الله -: (أي بجد واجتهاد).
فحياة المؤمن مليئة بالخير والعطاء، وكما قال الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحديث الذي؛ رواه مسلم: «عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره له كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن..»؛ (رواه مسلم).
إذًا حياته كلها لله - تعالى - وقف نفسه ووقته من أجل خالقه ومولاه، فكيف لا يكون مبارك.
وبهذا تتحقق العبودية للربِّ - جل جلاله - قال - تعالى -: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الأنعام: 162].
قال العلاَّمة عبدالرحمن السعدي - رحمه الله -: أن من أخلص في صلاته ونُسكه، استلزم ذلك إخلاصه لله - تعالى - في سائر أعماله وأقواله.
ومما ينبغي أن يستغل به اليوم الواحد من حياة المسلم ما يلي:
(1) خير ما يبدأ به العبد يومه ذكر الله - تعالى - عند القيام من النوم؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه رقد عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فاستيقظ فتسوَّك وتوضَّأ وهو يقول: (( {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190- 191] حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين))؛ (رواه مسلم)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «إذا استيقظ أحدكم، فليقل: الحمد لله الذي ردَّ عليّ روحي، وعافاني في جسدي، وأَذِنَ لي بذِكْره»؛ صححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (329).
(2) المحافظة على الصلوات الخمس؛ قال - تعالى -: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى} [البقرة: 238] وقوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]، وعن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: «وما تقرَّب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه..»؛ (رواه البخاري)، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما يرويه عن ربِّه - تبارك وتعالى -: «قال الله - عزَّ وجلَّ -: افترضت على أمتك خمس صلوات، وعهدت عندي عهدًا أنه من حافظ عليهنَّ لوقتهنَّ، أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهنَّ، فلا عهد له عندي»؛ صححه الألباني في الصحيحة، ج (7)، رقم (4033).
(3) اكتساب أجر عمرة وحجة، وذلك كما ورد في الحديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: «من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين - كانت له كأجر حجة وعمرة تامةٍ تامةٍ تامة»؛ (صححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (6346).
(4) أذكار الصباح؛ وهي التي تحفظك - بإذن الله - من شياطين الجن والإنس؛ قال - تعالى -: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} [الأعراف: 205]، وعن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «مَن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لهُ الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه»؛ (متفق عليه)، وغير ذلك من الأذكار الواردة عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم.
(5) العمل: وهو طلب الرزق الحلال والصدق والإخلاص في هذا العمل؛ قال - تعالى -: ﴿ {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} ﴾ [الملك: 15]، وقد أمر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالسعي على طلب الرزق والتبكير في ذلك بقوله: «بورك لأمتي في بكورها»؛ (صححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (2841).
وعنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»؛ (صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (3/ 106)، رقم (1113).
(6) صلاة الضحى ولو ركعتان؛ لحديث: «يصبح على كل سُلامَى من أحدكم صدقة؛ فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتين يركعهما من الضحى»؛ (رواه مسلم).
(7) خدمة الأهل والسعي على حوائجهم؛ فقد كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - حريصًا على خدمة أهله، عن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله؛ تعني: خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة، خرج إلى الصلاة))؛ (رواه البخاري).
(8) تربية الأولاد، والاهتمام بهم، والسعي لمصلحتهم؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التَّحريم: 6]، وعن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته..»؛ (متفق عليه).
وهذا الأمر من أوجب الواجبات، وهو الاهتمام بالأولاد ومتابعتهم، والنظر في أحوالهم، وتوجيههم إلى الخير، وتحذيرهم من الشر وإبعادهم عنه، والأخذ بأيديهم لطريق الصلاح والاستقامة، لا كما يفعله بعض الآباء من عدم الاهتمام بأولاده، بل يتركهم ولا يدري عنهم شيئًا، ثم يفاجأ بسوء أخلاقهم وضياعهم.
(9) صلة الأرحام والأقارب ولو بالهاتف والجوال ورسائله؛ قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [الرعد: 21]، وعن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:«من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره، فليصل رحمه»؛ (متفق عليه).
(10) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر الاستطاعة؛ قال الله - تعالى -: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ} [آل عمران:110]، وعن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»؛ (رواه مسلم).
(11) الإكثار من ذكر الله، وخاصة بعد صلاة الجمعة؛ {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:10]، وقال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب: 42- 41]، وقال - تعالى -: {وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:10]، وقال - تعالى -: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} [آل عمران:191]، وعن عائشة - رضي الله - عنها قالت: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يذكر الله - عزَّ وجلَّ - على كل أحيانه))؛ (رواه مسلم).
والإكثار أيضًا من الدعاء؛ قال - تعالى -: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء»؛ (رواه مسلم).
(12) تلاوة القرآن ولو جزء واحد كل يوم، وفي نهاية الشهر تكون لك ختمة؛ قال - تعالى -: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرْآَنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه»؛ (رواه مسلم).
(13) القيلولة إن أمكن؛ حتى يتقوى ويرجع صفاء الذهن لك بعد العمل؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «قيلوا؛ فإن الشياطين لا تقيل»؛ (حسنه الألباني في صحيح الجامع، رقم (4431).
(14) الحرص على تعلُّم العلم الشرعي، وذلك بحضور مجالس العلماء، وقراءة الكتب الشرعية، وسماع الأشرطة النافعة التي تعود على المسلم بالخير في دينه ودنياه؛ قال - تعالى -: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»؛ (رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ج (1)، رقم (72).
(15) زيارة المرضى بالمستشفيات وغيرها؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «من عاد مريضًا، لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع»؛ (صححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (6389).
(16) بناء العلاقات الأخوية مع الناس، وخاصة الجيران، ومن يتعامل معهم في عمله، وفي طريقه وتعاملاته، وهي مبنية على البرِّ والتقوى والصدق، وحسن الخلق من أجل المثوبة من الله - تعالى - قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حُسن الخُلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء»؛ (رواه الترمذي، وقال: حديث حَسَن صحيح).
(17) الصدقة في السر والعلن، والعطف على اليتامى والمساكين والأرامل، والسعي على شؤون المسلمين، وقضاء حوائجهم؛ قال - تعالى -: {فَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [الرُّوم: 38].
(18) البعد عن المظالم والاعتداء على الآخرين؛ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما يرويه عن ربِّ العزة - تبارك وتعالى - أنه قال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّمًا؛ فلا تظالموا..»؛ (رواه مسلم)، والإمساك عن الغيبة والنميمة والخوض في أعراض المسلمين؛ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «أتدرون ما الغيبة» ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «ذكرك أخاك بما يكره، وعدم التجسس على الناس وسوء الظن بهم»؛ فعن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا»، وفي رواية: «ولا تنافسوا»؛ (متفق عليه)، واجتناب الغش والخداع والمكر في المعاملات؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «من غش، فليس منِّي)»؛ (رواه مسلم).
(19) صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بثلاث: ((صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام)؛ (متفق عليه).
(20) زيارة القبور بين الحين والآخر؛ لتذكرك الآخرة، والصلاة على الأموات، واتباع الجنائز؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «زوروا القبور؛ فإنها تذكِّركم الآخرة»؛ (صححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (3577).
وحديث البراء - رضي الله عنه - قال: ((أمرنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - باتباع الجنائز وعيادة المرضى))؛ (متفق عليه).
(21) الأوراد والأذكار المسائية.
(22) المحافظة على الوتر: وهو من بعد صلاة العشاء وحتى قبل صلاة الفجر؛ عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة؛ منها الوتر وركعتا الفجر))؛ (رواه مسلم).
وقيام الليل إن أمكن؛ قال - تعالى -: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، والإكثار من الاستغفار في وقت السَّحَر وغيره؛ قال - تعالى -: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18].
(23) الإكثار من الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ؛ فإنه من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة، حلَّت عليه الشفاعة»؛ (رواه مسلم).
(24) الجلوس لتحرِّي ساعة الإجابة يوم الجمعة، وأوكدها آخر ساعة من عصر الجمعة، وذلك بالذكر والدعاء والاستغفار، وليكن لك ورد في الاستغفار فأمره عظيم، واستمع لقول الله - تعالى -: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 - 12]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إنه ليُغَانُ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة»؛ (رواه مسلم).
إذًا فمن ثمار هذا الاستغفار المطر، والأموال، والأولاد، والجنات العظيمة، وذهاب الران الواقع على القلب بسبب الذنوب والمعاصي، وأعظم من ذلك رضا الرحمن ودخول الجنان.
(25) الدعاء للمسلمين، وخاصة أصحاب الحقوق؛ من الوالدين والعلماء، وولاة الأمر، وعلى رأسهم ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين بالحفظ والرعاية والتوفيق من الله، والدعاء بالأمن والأمان لبلادنا وبلاد المسلمين.
(26) محاسبة النفس قبل النوم: ماذا عملت هذا اليوم؟ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «الكَيِّس من دانَ نفسه، وعمل لما بعد الموت»؛ (ضعفه الألباني)، وتصحيح الأخطاء، وتجديد التوبة، والنوم وليس في قلبك شيء من أحد؛ لما ورد عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الرجل الذي شهد له بالجنة كونه يبيت وليس في قلبه غلاًّ لأحد.
(27) أذكار النوم؛ ومنها: ما كان يعمله النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند نومه، يقرأ المعوذات وينفث بيده ويمسح على جسده ثلاث مرات، ويقرأ سورة الكافرون، وآخر آيتين من سورة البقرة، وسورة الملك، وغير ذلك من السور والأذكار.
عباد الله:
ليجرِّب كلٌّ منَّا نفسه ليوم واحد، ولو بالشهر مرة، ثم يقيس عليه باقي الأيام، وهنا سيرى الخير - إن شاء الله - في العاجل والآجل، ومن تعلَّق قلبه بالله، وأحب طاعته واظب على ذلك الخير، وكان من أحرص الناس عليه.
قال الحسن البصري - رحمه الله -: ((الدنيا ثلاثة أيام؛ أما أمس فقد ذهب بما فيه، وأما غدًا فلعلك لا تدركه، وأما اليوم فلك؛ فاعمل فيه)).
لذلك يجب على المسلم والمسلمة اغتنام عمره فيما يحمله معه زادًا يوم العرض على الله؛ قال الله - تعالى -: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ} [آل عمران:30] وقال - تعالى -: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} [فصِّلت: 46]، وقال - تعالى -: {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 90].
نسأل الله - تعالى - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنَّ علينا بفضله، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه؛ {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} [الشعراء: 88].
- التصنيف: