مرض الغيبة
منذ 2006-01-22
إنه مرض قد تفشى في هذا العصر .. ذلك هو داء الغيبة والسخرية الذي لم يَعُد مُقتصراً على فئة الرجال دون النساء أو العكس، ولم يعد مقتصراً على طبقة العوام دون المتعلمين أو العكس، بل اشترك في اقترافه الجميع إلا من رحم الله، فلو نظرت فيما يشغلُ الناسُ به مجالسهم وقت فراغهم واستجمامهم لرأيت ما يَروعُ من لغو الحديث، غيبة وازدراء وسخرية وتقعُّراً في الكلام وتشدُّقاً به، من أجل التعالي أو استدرار المديح أو غيرهما، وهذا ليس في كل المجالس، وإنما في بعضها، ففي الناس من يعيش صفيق الوجه، شرِس الطبع، لا تحجزه مروءة ولا يردعه دينٌ أو أدب جرّدَ لسانه مِقراضاً للأعراض، بكلمات تنضُح فحشاً وألفاظ تنهش نهشا، يسرف في التجنِّي على عباد الله سخريةً ولمزاً، فهذا طويل وذاك قصير وهذا أحمق وذاك جَهول، وهذا ثقيل وذاك خفيف، وهذا كريم وذاك بخيل، وكأنّه قد وُكِّلَ إليه القدح والتجريح، وقد غَفَلَ عن قوله سبحانه :{سنكتب ما قالوا } وعن قوله سبحانه: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.