عام دراسي جديد
كيف يكون مليئاً بالأنشطة المفيدة التي تنفع الطلاب في دينهم ودنياهم؟
إن تفصيل القول في ذلك يحتاج إلى بسط غير أننا سنلجأ للإيجاز خوفاً من السآمة والإملال ولإفادة أكبر عدد ممكن من الطلاب.
ونستطيع القول بأن الطريق إلى عام دراسي متميز ومثمر وناجح يمكن أن يتحقق من خلال العناصر التالية:
1-البدء بالتوبة الصادقة:
فعلى طالب التميز أن يبدأ عامه الدراسي بالتوبة من كل الأقوال والأعمال المخالفة لشريعة رب الأرباب، لأن التوبة عنوان النجاح ودليل الفلاح قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 31]
2-المحافظة على الصلوات:
فالصلاة زاد المتقين، وقرة عيون المحبين، بها تحصل الراحة النفسية والطمأنينة القلبية، التي هي من أكبر عوامل التفوق والنجاح قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بلال أقم الصلاة، أرحنا بها». أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
والصلاة لها أثر كبير في تنظيم أوقات الطلاب وتقسيم يومهم الدراسي.
وللصلاة أثر كبير في توسيع مدارك الطلاب وتفتح عقولهم ومن هنا كان أكثر المتفوقين دراسياً من أهل المحافظة على الصلاة.
فاحرص أخي الطالب أختي الطالبة على المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، يصلي الطلاب في المساجد مع جماعة المسلمين، وتصلي الطالبات في بيوتهن، ولا باس بشهودهن الجماعة في بعض الأوقات.
واحرص أخي الطالب.. أختي الطالبة على النوافل فإنها من مكملات الفرائض وهي من أسباب محبة الله للعبد، كما قال تعالى في الحديث القدسي: «.... ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه».
3-الاستعانة بالله عز وجل:
من أسباب التميز والنجاح استعانة الطالب بالله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى هو الذي يسير الأمور ويفتح مغاليقها وهو سبحانه الذي ينعم على عباده بالفهم والذكاء، والإدراك وسرعة الحفظ وجودة الذهن قال تعالى: {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [العلق: 5]
وقال سبحانه: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: 79]
وقال: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ } [الرحمن: 1-2]
فلابد من الاستعانة بالله عز وجل في التحصيل الدراسي، وألا يعتمد الطالب على الأسباب ويدع مسبب الأسباب سبحانه وتعالى.
إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأول ما يجني عليه اجتهاده
4-الجد في الطلب:
على الطالب أن يكون جاداً في طلب المعالي منصرفاً عن اللهو وإلا فاته قطار النجاح، فمن لم يستطع صبراً على تحمل تعب العلم، فليصبر إذن على تحمل شقاء الجهل وفي هذا يقول الشافعي رحمه الله:
من لم يذق ذل التعلم ساعــة *** تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعلم وقت شبابــــه *** فكبّر عليه أربعاً لو فاته
حياة الفتى والله بالعلم والتقى*** إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
5-معرفة قيمة الوقت:
على طالب المعالي أن يعرف قيمة الوقت وشرف الزمان، وأن ما مضى منه لا يمكن أن يعود أبداً فليحرص الطالب اللبيب على استغلال وقته فيما ينفعه، وليحذر كل الحذر من إضاعة وقته فيما يضره، أو فيما لا يجلب له نفعاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه». رواه الترمذي وصححه الألباني.
فيما أخي الطالب:
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني
ويا أختي الطالبة:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيع
الوقت هو الحياة، فمن أضاع وقته فقد أضاع حياته.
الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
الوقت جوهرة نفيسة لا تقدر بثمن.
عجبت لمن يبخل بدرهمه وديناره، ولا يبخل بوقته.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي".
6-الثقة والتوكل:
بعض الطلاب يجتهد في الطلب، ويؤدي ما عليه من واجبات إلا أنه دائم الخوف من الفشل، كثير القلق على المستقبل، وعلى هذا الطالب أن يثق بالله عز وجل، فالله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وعليه كذلك أن يتوكل على الله تعالى فهو الموفق والمعين، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]
أي كافيه من كل سوء ومكروه.
والفشل الدراسي مع الأخذ بالأسباب والتوكل على الله ليس عيباً إنما العيب هو اليأس من النجاح، وقد مر كبار المخترعين بنوبات فشل، إلا أنهم لم ييأسوا واستمروا في العمل بجد واجتهاد ومثابرة حتى نجحوا وحققوا ما يريدون:
يقال: إن أعظم مخترع في العصر الحديث هو (تومس أديسون) أخفق (10000) مرة في تجاربه على المصباح الكهربائي قبل أن ينجح في اختراعه، قابله أحد الصحفيين بعد (5000) تجربة فاشلة، وسأله: لماذا تصر بعد كل هذه التجارب الفاشلة على المضي قدماً في اختراعك؟
فقال: إنني لم أخفق، لقد تعلمت الآن(5000) طريقة غير ناجحة لعمل المصباح الكهربائي!
7-التخطيط الجيد:
ولكي يستفيد الطالب من وقته، لا بد من التخطيط الجيد واتباع الأساليب العلمية في المذاكرة كي لا يضيع عليه وقته دون تحصيل، ومن خطوات التخطيط الجيد:
أ-يبدأ المذاكرة في الأوقات التي يكون فيها ذهنه صافياً وبدنه مستريحاً.
ب-يبدأ بالمواد التي تحتاج إلى تركيز أكبر.
ج-لا ينتقل من مادة لأخرى دون أن يكون قد استوعب الدرس وفهم المراد منه.
د-يقرأ الدرس قراءة عابرة ليتعرف عليه، ثم يقرأه قراءة متأنية.
هـد-يلخص الدرس إلى أفكار رئيسية.
و-يضع عنواناً لكل فكرة.
ز-يردد على نفسه خلاصة الدرس وما فهمه منه.
ح-يسجل جميع النقاط التي لم يفهمها ويعرضها على أستاذه.
ي-يحدد وقتاً يومياً للمراجعة وحل الأسئلة.
ك-يستخدم الطريقة السيلمة للحفظ في المواد التي تحتاج إلى حفظ، وأول ذلك: فهم ما يراد حفظه، ثم تقسيمه إلى مقاطع، ثم ترديد كل مقطع على حدة، ثم ضم عدة مقاطع وتريددها معاً، وهكذا حتى ينتهي إلى حفظ النص كاملاً.
كذا المعالي إذا ما رمت تدركها *** فاعبر إليها على جسر من التعب
8-التحلي بمكارم الأخلاق:
وعلى طالب المعالي والتميز أن يكون مؤدباً ذا خلق فاضل، فإن مثل المتعلم غير المتأدب كمثل شجرة عارية، لا تورق ولا تثمر، قد انتصبت للناس في ملتقى الطرق، تعترض الرائح وتصد سبيل الغادي، فلا الناس بظلها يستظلون، ولا هم من شرها ناجون، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً». رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني.
وحسن الخلق يكون مع الله تعالى، ويكون مع الناس.
فأما حسن الخلق مع الله فإنه يضتمن أموراً ثلاثة:
الأول: تلقي أخبار الله بالتصديق.
الثاني: تلقي أحكامه بالتنفيذ والتطبيق.
الثالث: وتلقي أقداره بالصبر والرضا.
وأما حسن الخلق مع الناس فإنه يكون: بكف الأذى وبذل الندى وطلاقة الوجه، قال الشاعر:
بنيّ إن البر شيء هين *** وجهٌ طليق ولسان لين
9-مزاولة الأنشطة الطلابية:
لا ينبغي على طالب النجاح والتميز أن يكون سلبياً متغلقاً على نفسه، بل عليه أن يكون إيجابياً يشارك في الأنشطة الطلابية المدرسية وغير المدرسية لينفتع به زملاؤه ومجتمعه.
ومن الأنشطة الطلابية:
أ-إقامة بعض المعارض المفيدة في المدرسة.
ب-الاشتراك في فريق الكشافة.
ج-الاشتراك في برنامج نظافة الحي.
د-الاشتراك في مجلات الحائط وكتابة الموضوعات المفيدة.
هـ-الاشتراك في برنامج محو الأمية.
و-توزيع بعض النشرات الدعوية والإرشادية وغير ذلك من الأنشطة المدرسية والاجتماعية.
10-احترام المعلمين وأهل الفضل:
ينبغي على الطالب النجيب أن يكون محترماً لمعلميه، معترفاً لهم بالفضل مكرماً لهم، غير منتقص أحداً منهم، قال الشاعر:
أرأيت أعظم أو أجل من الذي *** يبني وينشء أنفساً وعقولاً؟!
ورحم الله سعيد بن جبير حين قال: "كان ابن عباس يحدثني بالحديث فلو يأذن لي أقبل رأسه لقبلت".
وكان هارون بن زياد مؤدِباً للخليفة الواثق بالله، ولما تولى الواثق بالله الخلافة دخل عليه هارون فبالغ في إكرامه، فما خرج قيل له: من هذا يا أمير المؤمنين؟
فقال: هذا الذي أول من فتق لساني بذكر الله، وأدناني من رحمة الله".
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن من حق العالم ألا تكثر عليه بالسؤال، ولا تعنته في الجواب، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض ولا تفش له سراً ولا تغتابن عنده أحداً، ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره وتعظمه لله مادام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته".
11-حسن الصحبة:
من علامات التفوق والنبوغ أن يكون للطالب صاحب أمين عالي الهمة، شريف النفس، كريم الطباع، طالب للمعالي، بعيد عن الدنايا، فهذا بلا شك يؤثر في صاحبه بالإيجاب، ويأخذ بيده إن كان فيه نوع تقصير، قال صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل». أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يبيعك وإما أن يحذيك –أي يعطيك بغير بيع-وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة خبيثة». متفق عليه.
فالإنسان يلزمه شرعاً وعقلاً ألا يجالس إلا المصطفين الأخيار، وأن يربأ بنفسه عن مقاربة أهل السفاهة والبطالة، فيجتهد في اختيار الأصحاب ومجالسة ذوي الألباب، ويجتنب مخالطة الفجار ويعتزلهم اعتزال المنهج الردي، لأن كل قرين بالمقارن يقتدي.
ولا ينفع الجرباء قرب صحيحة *** إليها ولكن الصحيحة تَجْرُبُ
12-الدعاء:
الدعاء هو سلاح الطالب المؤمن الذي يلجأ إليه في كل وقت، والطالب المتميز يبذل الأسباب ويلجأ إلى الله تعالى ويدعو أن يوفقه في كل خطوة يخطوها، فالدعاء في حقيقة الأمر من أكبر أسباب النجاح والتفوق وكم رأينا من طلاب نابهين وقعوا في الفشل وعجزوا عن النجاح بسبب بعدهم عن الله وعدم طرقهم أبواب الدعاء، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم: «أعجز الناس من عجز عن الدعاء». رواه الطبراني وصححه الألباني.
قال الشافعي رحمه الله:
أتهزأ بالدعــــاء وتـــــزدريــــه *** وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن *** له أمدٌ وللأمدِ انقضاء
13-السهر من معوقات النجاح، لأن الطالب إذا لم يأخذ حظه من النوم والراحة، بدأ يومه الدراسي كسلان، شارد الذهن غير منتبه لما يقوله معلموه في الدرس، فيكون حاضراً بجسده، غائباً بفكره وعقله، فلا يستفيد شيئاً من حضوره إلى مدرسته أو جامعته.
والنبي صلى الله عليه وسلم كره النوم قبل العشاء والحديث بعدها، أي الحديث المباح فما الحال إذا كان السهر على المحرمات التي انتشرت في البيوت انتشار النار في الهشيم والعياذ بالله.
وللسهر أسباب منها:
أ-النوم نهاراً لساعات طويلة.
ب-شرب المنبهات كالشاي والقهوة والأقراص المنبهة.
ج-الخوف والقلق والاكتئاب.
د-الترف بحث لا يجهد نفسه في أي عمل.
هـ-القنوات الفضائية التي تبث برامجها المختارة بعناية ليلاً.
14-احترام قواعد الصحة:
فالعقل السليم في الجسم السليم، ومن أسباب الصحة:
النوم الجيد، الغذاء المتوازن، ممارسة الرياضة، الامتناع عن التدخين، والامتناع عن تناول الأقراص المنهبة.
فهذه بعض العناصر التي يمكن من خلالها الوصول إلى عام دارسي ناجح ومتميز، والله الموفق والمعين. وهو حسبنا ونعم الوكيل.
إعداد القسم العلمي بمدار الوطن