العقوبات الإلهية في القرآن الكريم قبل الرسالة المحمدية

تأليف: عبد الهادي بن سعد الشمراني. أصل الكتاب رسالة علمية لدرجة الماجستير ... المزيد

وَمَا سِوَاهُمَا فَأَحْلَامٌ وَخَيَالَاتٌ وَأَوْهَامٌ

لَمْ أَزَلْ مُنْذُ فَتَقَ لِلْفَهْمِ عَقْلِي، وَوُجِّهَ شَطْرَ الْعِلْمِ طَلَبِي، أَنْظُرُ فِي عَقْلِيَّاتِهِ وَشَرْعِيَّاتِهِ، وَأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، لَمْ أَقْتَصِرْ مِنْهُ عَلَى عِلْمٍ (دُونَ عِلْمٍ) ، وَلَا أَفْرَدْتُ من  أَنْوَاعِهِ نَوْعًا دُونَ آخَرَ، حَسْبَمَا اقْتَضَاهُ الزَّمَانُ والإمكان، وَأَعْطَتْهُ المُنَّة الْمَخْلُوقَةُ فِي أَصْلِ فِطْرَتِي، بَلْ خُضْتُ فِي لُجَجِهِ  خَوْضَ الْمُحْسِنِ لِلسِّبَاحَةِ، وَأَقْدَمْتُ فِي مَيَادِينِهِ إِقْدَامَ الْجَرِيءِ، حَتَّى كِدْتُ أَتْلَفُ في بعض أعماقه، أو أنقطع من رُفْقَتِي الَّتِي بِالْأُنْسِ بِهَا تَجَاسَرْتُ عَلَى مَا قُدِّرَ لِي، غَائِبًا عَنْ مَقَالِ الْقَائِلِ، وَعَذْلِ الْعَاذِلِ، وَمُعْرِضًا عَنْ صَدِّ الصَّادِّ، وَلَوْمِ اللَّائِمِ، إلى أن مَنَّ عليّ الرب الكريم الرؤوف الرَّحِيمُ، فَشَرَحَ لِي مِنْ مَعَانِي الشَّرِيعَةِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِي، وَأَلْقَى فِي نَفْسِي إلقاء بصيرة أن كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم لَمْ يَتْرُكَا فِي سَبِيلِ الْهِدَايَةِ لقائلٍ مَا يقول، ولا أبقيا لغيرهما مجالاً يعتدّ به  فِيهِ، وَأَنَّ الدِّينَ قَدْ كَمُلَ، وَالسَّعَادَةَ الْكُبْرَى فِيمَا وَضَعَ، والطِّلْبَةُ  فِيمَا شَرَعَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَضَلَالٌ وَبُهْتَانٌ، وَإِفْكٌ وَخُسْرَانٌ، وَأَنَّ الْعَاقِدَ عليهما بكلتا يديه مستمسك بالعروة الوثقى، ومحصل  لكلية الْخَيْرِ دُنْيَا وَأُخْرَى، وَمَا سِوَاهُمَا فَأَحْلَامٌ وَخَيَالَاتٌ وَأَوْهَامٌ. 

 

المصدر : الاعتصام للشاطبي. الجزء الأول صفحة 19. طبعة ابن الجوزي 1429هـ

فَتَكَالَبَتْ عَلَى سَوَادِ السُّنَّةِ الْبِدَعُ وَالْأَهْوَاءُ ، فَتَفَرَّقَ أَكْثَرُهُمْ شِيَعًا.

وَاقْتَضَى سِرُّ التَّأَسِّي الْمُطَالَبَةَ بِالْمُوَافَقَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَالِبَ أَغْلَبُ، فَتَكَالَبَتْ عَلَى سَوَادِ السُّنَّةِ الْبِدَعُ وَالْأَهْوَاءُ ، فَتَفَرَّقَ أَكْثَرُهُمْ شِيَعًا.

وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْخَلْقِ: أَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ فِي جَنْبِ أَهْلِ الْبَاطِلِ قَلِيلٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } ، وقوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} ، وَلِيُنْجِزَ للَّهُ مَا وَعَدَ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَوْدِ وَصْفِ الْغُرْبَةِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْغُرْبَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ فَقْدِ الْأَهْلِ أَوْ قِلَّتِهِمْ، وَذَلِكَ حِينَ يَصِيرُ الْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا، وَالْمُنْكَرُ مَعْرُوفًا، وَتَصِيرُ السُّنَّةُ بِدْعَةً، وَالْبِدْعَةُ سُنَّةً، فَيُقَامُ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ بِالتَّثْرِيبِ  وَالتَّعْنِيفِ، كَمَا كَانَ أَوَّلًا يُقَامُ عَلَى أَهْلِ الْبِدْعَةِ، طَمَعًا مِنَ الْمُبْتَدِعِ أَنْ تَجْتَمِعَ كَلِمَةُ الضَّلَالِ، وَيَأْبَى اللَّهُ أَنْ تَجْتَمِعَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَلَا تَجْتَمِعُ الْفِرَقُ كُلُّهُا ـ عَلَى كَثْرَتِهَا ـ عَلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ عَادَةً وَسَمْعًا، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَثْبُتَ جَمَاعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ ـ لِكَثْرَةِ مَا  تُنَاوِشُهُمُ الْفِرَقُ الضَّالَّةُ، وَتُنَاصِبُهُمُ  الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ، اسْتِدْعَاءً إِلَى مُوَافَقَتِهِمْ ـ لَا يَزَالُونَ فِي جِهَادٍ وَنِزَاعٍ، وَمُدَافَعَةٍ وَقِرَاعٍ ، آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَبِذَلِكَ يُضَاعِفُ اللَّهُ لَهُمُ الْأَجْرَ الْجَزِيلَ، وَيُثِيبُهُمْ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ.

 

المصدر : الاعتصام للشاطبي. الجزء الأول صفحة 18. طبعة ابن الجوزي 1429هـ

الاتجاهات العقلانية الحديثة

أصل الكتاب رسالة علمية لدرجة الماجستير ... المزيد

ابن عربي عقيدته وموقف علماء المسلمين منه (2/1)

من القرن السادس إلى القرن الثالث عشر . تأليف: د. دغش بن شبيب العجمي. ... المزيد

الدعاوى المعاصرة المناوئة لدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب

تأليف: د. عبد المجيد بن محمد الوعلان. أصل الكتاب رسالة علمية لدرجة الدكتوراه ... المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً