هبي يا ريح الإيمان - النسمة السادسة - أنا الفقير إليك - (3)

منذ 2014-04-10

إن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وعليه وحشة لايزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور لمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه، وفيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده مطلوبه، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والإخلاص له، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً.

3. وحشة القلبقال ابن القيمإن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وعليه وحشة لايزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور لمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه، وفيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده مطلوبه، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والإخلاص له، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً.

يا أخي.. ألم يأتك وقت شعرت فيه بالحزن دون سبب، أو بالألم دون مسبب، وبالغربة وسط الأهل، وبالوحشة بين الأصحاب، وبالملل وسط أسباب النعيم.
إن كان أصابك شيء من هذا فلكي تعلم أنه لابد منه .. بدونه ستهلك.. من غير رحمته ستموت.. بانقطاع لطفه ستفنى.. بتوقف عطفه ستعاقب.
وهذا كان من فطرتك السليمة التي أعانك الله بها على شيطانك.. أنت من غير الله كالسمكة إذا خرجت من الماء .. كالمخنوق لا يجد هواء.

البحث عن قلب: كان بعض الصالحين يطوف وينادي: قلبي .. أين قلبي؟! من وجد قلبي؟! فدخل يوما بعض السكك، فوجد صبيا يبكي وأمه تضربه، ثم أخرجته من الدار، وأغلقت الباب دونه، فجعل الصبي يلتفت يمينا ويسارا لا يدري من أين يذهب ولا أين يقصد، فرجع إلى باب الدار، فجعل يبكي ويقول: يا أماه .. من يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك؟! ومن يقربني إذا طردتيني؟! ومن يرحمني بعد إن غضبت علي؟! فقامت أمه فنظرت من ثقب الباب، وأخذته حتى وضعته في حجرها، وجعلت تقلبه، وتقول: يا قرة عيني، ويا عزيز نفسىي، أنت الذي حملتني على نفسك، وأنت الذي تعرضت لما حل بك، لو كنت أطعتني لم تلق مني مكروها، ففرح الفتى برضا أمه وصاح فرحا، فقال الرجل: الحمد لله.. الآن وجدت قلبي .. الآن وجدت قلبي.

الفقر أوسع الأبواب: قال بن القيم: وأقرب باب دخل منه العبد على الله هو الإفلاس، فلا يرى لنفسه جاها ولا مقاما ولا سببا يتعلق به، ولا وسيلة منه يمن بها، بل يدخل على الله باب الافتقار الصرف والإفلاس
المحض، دخول من قد كسر الفقر والمسكنة قلبه، حتى وصلت تلك الكسرة إلى سويدائه فانصدع، وشملته الكسرة من كل جهاته فيشهد ضرورته إليه عز وجل وكمال فاقته وفقره إليه، وأن لكل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقهة تامة، وضرورة كامل إلى الله سبحانه وتعالى، وأنه إن تخلى عنه طرفة عين هلك، وخسر خسارة لا تجبر إلا أن يتوب الله عليه ويتداركه برحمته.
 

خالد أبو شادي

طبيبٌ صيدليّ ، و صاحبُ صوتٍ شجيٍّ نديّ. و هو صاحب كُتيّباتٍ دعويّةٍ مُتميّزة

  • 3
  • 0
  • 3,841
المقال السابق
النسمة السادسة - أنا الفقير إليك - (2)
المقال التالي
النسمة السادسة - أنا الفقير إليك - (4)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً