هبي يا ريح الإيمان - النسمة السادسة - أنا الفقير إليك - (7)
اللهم إنك تري مكاني وتسمع كلامي ولا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل المشفق، المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، دعاء من خضعت لك رقيته، وذل لك جسده، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، اللهم لا تجعلني بدعائك شقيا، وكن بي ربي رؤوفا رحيما، يا خير المسئولين ويا خير المعطين يارب العالمين.
من نماذج الفقراء:
1. النبي صلى الله عليه وسلم: انظر إليه بعد أن بلغ رسالة ربه، واستفرغ فيها وسعه وطاقته، ودانت له جزيرة العرب في يوم الحج الأكبر يوم عرفة يدعو الله عزوجل بهذا الدعاء الذي ارتقى فيه أعلى قمم الضعف والعجز، يقول لنتعلم منه: « ».
وهكذا كان دأبه صلى الله عليه وسلم في أسمى مواقف الانتصار: يكون في أعلى درجات الفقر والتضرع، كما حدث يوم فتح مكة، دخلها منتصرا بعد أن أخرج منها.. فإذا به يدخلها ساجدا على ظهر فرسه تواضعا لله وشكرا لنعمته، انتصر فتواضع أو إن شئت قلت : تواضع فانتصر.
2. ابن تيمية: قال تلميذه ابن قيم الجوزية: كان شيخنا ابن تيمية -قدس الله روحه- كثير اللهج بهذه الكلمات: مالى شيء وما عندي شيء وما مني شيء:
أنا المكدى وابن المكدى *** وهكذا كان أبي وجدي
أنا الفقير إلى رب البريا *** أنا المسكين في مجموع حلاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي *** والخير إن يأت فهو من عنده يأتي
ثم يقول:
والفقير لي وصف ذات لازم أبدا *** كما الغني أبدا وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق كلهم *** وكلهم عنده عبد له أتى
فمن بغى مطلبا من غير خالقه *** فهو الظلوم الجهول المشرك العاتي
وكان يقول: والله منذ احتلمت وبلغت وعقلت للآن ما أعلم أني أسلمت إسلاما جيدا، وأنا أصحح إسلامى إلى الآن. قال ابن القيم : قال هذا في أواخر أيامه.
3. ابن أبى ذؤيب: دخل الخليفة المهدى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المسجد أكثر من خمسمائة من طلبة الحديث أهل العمائم والمحابر والأقلام، فقام الناس جميعا إلا ابن أبى دؤيب، فقال المهدى : يا ابن أبى دؤيب.. قام الناس جميعا إلا أنت!!. قال: والله الذي لا إله إلا هو، لقد أردت أن أقوم لك فلما تهيأت للقيام تذكرت قول الله سبحانه وتعالى: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين: 6]، فتركت هذا القيام للقيام ذلك اليوم. قال: اجلس.. والله ما بقي في رأسي شعرة إلا وقفت.
وماذا بعد الكلام:
- اغتنم أوقات إجابة الدعاء:
- ثلث الليل الأخير.
- آخر ساعة من نهار الجمعة.
- في السجود.
- وقت طلوع الإمام المنبر يوم الجمعة.
- بين الآذان والإقامة.
- أحضر قلبك أولا ثم ادع بما تشاء؛ فالدعاء اللساني دون القلب لا قيمة له.
- أكثر من السجود؛ فبكل سجدة تسجدها ترتفع بك عند الله درجة، "كان سجود النبي صلى الله عليه وسلم مقدار قراءة خمسين آية".
- استصغر عملك: كلما صغرت عبادتك فى عينك عظمت عند الله، وكلما عظمت في عينك صغرت عند الله.
- بالضغط تتلاءم الأجزاء المتبعثرة، وبالمحن يمحى الذنب ويصح الفقر فيستجاب الدعاء.
- من أدام قرع الباب أوشك أن يفتح له « » (صحيح كما فى ص ج ص رقم 8085).
- التصنيف: