هبي يا ريح الإيمان - النسمة التاسعة - الزائر الأخير - (5)

منذ 2014-04-16

ليذكر الإنسان الموت كل ليلة مع منامه، بل ويذوق طعمه وإمكانية حدوثه إن ظن لحظة أنه معمر أو مخلد.. رب شروق بلا غروب.. رب ليل بغير نهار.. كم من رجل أمسى من أهل الدنيا وأصبح من أهل الآخرة؟! وكم من مزمار بات في بيت أصبح فيه الصراخ!! وكم من رجل بات يقسم ميراث أبيه فلما حل الصباح قسموا ميراثه.

كيف تذكر الموت؟
لا يكون الرجل ذاكرا للموت حتى يذكر الموت بلسانه وقلبه وجوارحه.
1. اللسان:
أ- الموتة الصغرى: كل يوم نموت فيه ونحيا.. ننام ونصحو إلى أن يأتي اليوم الذي ننام فيه لنستيقظ على نفخة الصور يوم القيامة!!.
في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول:«باسمك اللهم أموت»، وإذا استيقظ قال: «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور» (صحيح كما في ص ج ص رقم 4650).

ليذكر الإنسان الموت كل ليلة مع منامه، بل ويذوق طعمه وإمكانية حدوثه إن ظن لحظة أنه معمر أو مخلد.. رب شروق بلا غروب.. رب ليل بغير نهار.. كم من رجل أمسى من أهل الدنيا وأصبح من أهل الآخرة؟! وكم من مزمار بات في بيت أصبح فيه الصراخ!! وكم من رجل بات يقسم ميراث أبيه فلما حل الصباح قسموا ميراثه.

الهروب من الموت: نشرت مجلة القصيم السعودية أن شابا في دمشق حجز ليسافر وأخبر والدته أن موعد إقلاع الطائرة في الساعة كذا وكذا، وعليها أن توقظه إن دنا الوقت، ونام هذا الشاب، وسمعت أمه أخبار الأحوال الجوية في التلفاز، وعلمت أن الرياح هوجاء، وأن الجو غائم، وأن هناك عواصف رملية، فأشفقت على وحيدها فلم توقظه أملا في أن تفوته الطائرة.

ولما تأكدت أن الرحلة قد أقلعت، أتت إلى ابنها لتوقظه فوجدته ميتا في فراشه!! فر من الموت وفي الموت وقع، ومن المقدور لا ينجي الحذر، وصدق ربنا: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة[النساء: 78].

ب- العزاء: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أن نذكر الموت بلساننا في عزاء كل مؤمن فنقول: «لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب» (صحيح كما في صحيح بن ماجة رقم 1291).

إني معزيك لا إني على ثقة *** من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزي بباق بعد ميته *** ولا المعزي ولوعاش إلى حين

ونحن بترديدنا هذه الكلمات نعمق ذكر الموت في قلوبنا وفي قلوب من حولنا لذلك نستحق المكافأة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم فى قوله: «ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الجنة» (حسن كما في صحيح بن ماجة رقم 1301).

مسافر على الطريق: جاء رجل إلى الفضيل بن عياض فقال: "كم تبلغ من العمر؟ قال: ستين عاما، قال: فأنت تسير إلى الله منذ ستين عاما توشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الفضيل: من علم أنه إلى الله راجع .. علم أنه بين يدى الله موقوف، ومن علم أنه بين يدي الله موقوف .. علم أنه بين يدي الله مسئول، ومن علم أنه بين يدي الله مسئول فليعد لكل سؤال جوابا.

قال الرجل وكان قد أساء: ماذا أفعل وقد أسأت فيما مضى؟!
قال الفضيل: إن كنت أسأت فيما مضى فأصلح فيما بقي، فإنك إن أسأت فيما بقى أخذت بما مضى وما بقي.

يا معرض عن عرضه وحسابه *** لا يستعد ليوم نشر كتابه
متعللا بعياله وبماله *** متلهيا في أهله وصحابه
متناسيا لمماته وضريحه *** ونشوره ووقوفه ومآبه
القول قول مصدق والفعل *** فعل مكذب بثوابه وعقابه
من قال قولا ثم خالف قوله *** بفعاله ففعاله أولى به

خالد أبو شادي

طبيبٌ صيدليّ ، و صاحبُ صوتٍ شجيٍّ نديّ. و هو صاحب كُتيّباتٍ دعويّةٍ مُتميّزة

  • 2
  • 0
  • 1,911
المقال السابق
النسمة الثامنة - لهذا أحب ربي - (4)
المقال التالي
النسمة الثامنة - لهذا أحب ربي - (5)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً