هبي يا ريح الإيمان - النسمة العاشرة - حسن الحسنات - (7)
يا إخواني.. إن الرجل لينقطع إلى ملك من ملوك الدنيا فترى أثره واضحا ظاهرا، فكيف بمن ينقطع إلى ملك الملوك ألا يرى أثره عليه؟!، وجوه المحسنين أضوأ من البدر.. وجباههم أنور من الشمس، سئل الحسن البصرى: ما بال المجتهدين أكثر الناس نورا؟!! فقال: خلوا بالرحمن ليلا فكساهم من نوره.
10. نور في الوجه
يا إخواني.. إن الرجل لينقطع إلى ملك من ملوك الدنيا فترى أثره واضحا ظاهرا، فكيف بمن ينقطع إلى ملك الملوك ألا يرى أثره عليه؟!.
وجوه المحسنين أضوأ من البدر.. وجباههم أنور من الشمس، سئل الحسن البصرى: ما بال المجتهدين أكثر الناس نورا؟!! فقال: خلوا بالرحمن ليلا فكساهم من نوره.
هل سمعت يوما عن الإمام القدوة تقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي؟! إن لم تكن سمعت عنه فاسمع مني ما وصفه به الإمام الذهبي : "كان عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه".
والسر في هذا أنه كان لا يضيع شيئا من زمانه بلا فائدة، فإنه كان يصلي الفجر، ويلقن القرآن، وربما قرأ شيئا من الحديث، ثم يقوم فيتوضأ، ويصلي 300 ركعة بالفاتحة والمعوذتين إلى قبل الظهر، وينام نزمة ثم يصلى الظهر، ويشغل إما بالتسميع أو النسخ إلى المغرب، فإن كان صائما أفطر، وإلا صلى من المغرب إلى العشاء، ويصلي العشاء، وينام إلى نصف الليل أو بعده، ثم يقوم كأن إنسانا أيقظه، فيصلي لحظة ثم يتوضأ ويصلي إلى قرب الفجر، وربما توضأ سبع مرات أو ثمانية في الليل، ويقول: ما تطيب لي الصلاة إلا وأعضائي رطبة، ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر، وهذا دأبه.
ترى من أي طاعة وهبه الله هذا النور؟! أمن صلاته بالليل، أم تلقينه القرآن؟! أم من صيامه؟! أم من كثرة وضوئه؟! أم من كل هذا معا؟!.
نافس أخاك في دينه عسى الغنى أن يجود عليك كما جاد على عبد الغني.. يا فقير.. أين الغيرة يا رجل؟! ألا تغار إلا في أمر دنيا؟! ألا تنافس إلا على متاع زائل؟! أسرج نور وجهك من الآن يا أخي وقد عرفت الطريق.
11. من ترك لله عوضه الله: ما نقص مال من صدقة، وما ازداد عبد بعفو إلا عزا، ومن جعل الآخرة همه أتته الدنيا وهي راغمة، ومن كظم غيظا ناداه الله على رؤوس الخلائق ليخيره بين الحور العين أيهما يشاء، من تواضع لله رفعه.
كل عبارة سبقت لم تكن إلا حديثا صحيحا أو حسنا عن النبي صلى الله عليه وسلم تشير إلى أن من يؤثر الله على هواه يبدله الله خيرا، ويجزيه ثوابا فى الحياة قبل الممات.
أيقن أخي بذلك، وتعلم من قصة الأزهري الفقير.
الأزهرى الفقير: يروى أن طالب علم في الأزهر قدم من بلاد الصعيد فجلس في حلقة شيخه، وتأخرت نفقته من الصعيد ففارق حلقة الشيخ عساه أن يحصل على كسرات من الخبز ولقيمات يقتات بها ويتقوى، فبينما هو يسير إذ دخل في شارع ضيق، فوجد بابا مفتوحا، ووجد خزانة من الطعام فمد يده إلى الطعام، ثم بعد أن تناول قطعة ووضعها في فمه تذكر أنه جاء ليطلب العلم، والعلم نور، والأكل من هذا الطعام دون إذن صاحبه ظلمة للقلب، ولا يمكن اجتماع الظلمة والنور سويا، وسيطر أحدهما الآخر، فترك هذا الطعام وعاد لحلقة شيخه، وبه من الجوع ما الله به عليم.
وبعد الدرس إذا بامرأة تأتي وتكلم الشيخ بكلام لم يسمعه الحاضرون، ولما انصرفت قال الشيخ لهذا الطالب: ألك رغبة في الزواج؟! قال أتهزأ بي؟! والله ما دخل جوفي طعام منذ ثلاثة أيام فكيف أتزوج؟! قال الشيخ: إن المرأة توفي زوجها وترك لها ابنة صالحة ومالا كثيرا. وتريد رجلا صالحا يتزوج البنت ويرعى المال، فقال الشاب: إن كان كذلك فلا بأس، فخرجوا جميعا حتى وصلوا الدار فلما وضع الطعام بكى هذا الشاب، فقال له الشيخ: لم تبكي؟! هل أكرهناك على الزواج؟ قال: لا، ولكني من سويعات دخلت هذا البيت لآكل هذا الطعام الذي وضع بين أيدينا فذكرت أنه حرام فتركته لله، فأعاده الله لي ومعه غيره عن طريق الحلال.
- التصنيف: